رئيس مجلس الإدارة

أ.د حسـام عقـل

د. خالد فوزي حمزة يكتب: مقاييس الجمال

  • أحمد عبد الله
  • السبت 11 يوليو 2020, 02:00 صباحا
  • 1074
أرشيفية

أرشيفية

بسم الله الرحمن الرحيم

مقاييس الجمال

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه..

أما بعد .. فإن مقاييس الجمال تختلف باختلاف النظرة الحضارية، وإذا كنا نقول أنه لابد من سقف جمالي بقياس محدد فأجمل الناس رسول الله صلى الله عليه وسلم ففي فتح الباري لابن حجر (7/210) في شرح حديث الإسراء، وفيه عن يوسف عليه السلام (فإذا هو قد أعطي شطر الحسن)، قال: "وفي حديث أبي سعيد عند البيهقي وأبي هريرة عند بن عائذ والطبراني فإذا انا برجل أحسن ما خلق الله قد فضل الناس بالحسن كالقمر ليلة البدر على سائر الكواكب وهذا ظاهره ان يوسف عليه السلام كان أحسن من جميع الناس لكن روى الترمذي من حديث أنس "ما بعث الله نبيا الا حسن الوجه حسن الصوت وكان نبيكم أحسنهم وجها وأحسنهم صوتا" فعلى هذا فيحمل حديث المعراج على ان المراد غير النبي صلى الله عليه وسلم ويؤيده قول من قال ان المتكلم لايدخل في عموم خطابه، وأما حديث الباب فقد حمله بن المنير على ان المراد ان يوسف أعطي شطر الحسن الذي أوتيه نبينا صلى الله عليه وسلم والله أعلم" ا.هـ.

كما أن العرب لها مقاييس الجمال غير المقاييس الأوروبية، فكلمة (جميلة) في لغتنا توحي بالسمينة، قال ابن عبد ربه: (وقال بعضهم: الجميلة السمينة، من الجميل، وهو الشحم، والمليحة أيضا من الملحة، وهو البياض، والصبيحة مثل ذلك، يشبهونا بالصبح في بياضه).

وروى في المجالسة وجواهر العلم (5/149 ـ ث1967) عَنِ الْمَدَائِنِيِّ؛ قَالَ: قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَذُكِرَ عِنْدَهُ صِغَرُ ثديي الْمَرْأَةِ؛ فَقَالَ: لَا، حَتَّى تدفئ الضَّجِيعَ، وَتَرْوِيَ الرَّضِيعَ، لكن إسناده ضعيف.

وغالب النظرة في مقاييس الجمال الغربية أنها تعود بالمرأة إلى مقاسات جمال ما زعموه من آلهة الحب والجمال "فينوس، وهي تعد عندهم مقاييس مطلقة فهي الأنموذج لكل معطى جمالي.

وأما الماكياج: فهو كلمة فرنسية الأصل (MAQUILLAGE) (ماكيلاج) فصارت (مكياج)، فيعنون به التجميل. وفي نهايه القرن ١٩م بدأت تشتهر الكلمة الفرنسية: maquillage، والذي اشتهر أول هو الفعل، maquiller، ويعني صنع الوجه، (to make up face)، وبكذا صار الانجليزي ميك اب وصار عندنا مكياج.

وإذا كنا نقول أنه لابد من سقف جمالي بقياس محدد فمقاييس الجمال عند المسلمين منظرة بالملائكة والحور العين والجنة

ولذا فالنسوة قلن (ما هذا بشرا إن هذا إلا ملك كريم) والحور العين اي واسعات العيون بيض والجنة فيها ما لا عين رأت

فهذه مقاييس الجمال التي ينسب لها الجمال .

ضوابط التجميل:

الأول: ألا تكون بقصد التشبه بالكافرات، إذ لا يجوز للمرأة المسلمة أن تتشبه بالكافرة فيما يختص بها من أمور الزينة.

وقد جاء في الحديث أيضاً النهي عن اتباع الكافرين في أمور الزينة أيضاً، ففي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم «إن اليهود، والنصارى لا يصبغون، فخالفوهم»

الثاني: ألا يكون هناك ضرر من استعمالها على الجسم. وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم (لا ضرر ولا ضرار) (أخرجه ابن ماجة، وحسنه النووي وصححه الألباني)

الثالث: ألا يكون فيها تغيير الخلقة الأصلية، أو تشويه لها. فتغيير خلقة الله تعالى هو مطلوب الشيطان، قال تعالى: {لَعَنَهُ اللَّهُ وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيباً مَفْرُوضاً * وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيّاً مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَاناً مُبِيناً} [النساء، آية 119].

والممنوع من تغيير خلق الله هو ما ورد النص بالمنع منه، كالنمص والوشم ونحوه، وأما ما جاء في النص الشرعي جوازه أو مشروعيته حتى لو كان تغييرا فهو جائز أو مشروع على حسب ما جاء في النص، كالختان وقص الأظفار وحلق العانة ونحوه، وأما التغيير الذي لم يرد في النصوص، فهو محتمل أن يلحق بالمنع أو بالجواز، فإن كان تغييرا حقيقيا فيمنع ويكون كالمنع من حلق اللحية، أو كان تغييرا ظاهريا، بحيث يلتبس أمره على الناظر إليه ويظنه حقيقيا فهو قد يلحق بالتغيير الحقيقي، كمن يصبغ شعره بالسواد، لكن لا يدخل في ذلك التطبب.

الرابع: ألا تصل على حد المبالغة، لأن الإكثار فيها إسراف يضر. قال تعالى: {وكلوا واشربوا ولا تسرفوا [إنه لا يحب المسرفين] [آل عمران: 31]، وفي ابن كثير: قال عطاء: ينهى عن السرف في كل شيء، وقال إياس بن معاوية: ما جاوزت به أمر الله فهو سرف.

الخامس: ألا تكون مانعة من وصول الماء إلى البشرة عند الوضوء أو الغسل، أو تكون مما لا يحل ملابسته كالنجسة .

السادس: ألا يكون التجميل تشبها من النساء بالرجال، أو العكس، لحديث البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعاً: لعن رسول الله المتشبهين من الرجال بالنساء، والمتشبهات من النساء بالرجال.

أنواع التجميل:

من مواد تجميل الجلد: الصبغ بالحناء، والأصل جواز ذلك، ومنها: المساحيق والكريمات، والأصل أن هذه الأمور مباحة أيضاً حسب الضوابط السابقة، ما لم تضر بالبشرة. ويجوز استخدام أحمر الشفاه "الروج", وتحمير الخدود للمتزوجة، وغيرها، لأن الأصل هو الحل حتى يتبين التحريم. أما الوشم، فهو محرم، وأنه في هذا العصر أصبح أشد تحريماً، لنقش الصور المحرمة على الجسم.

ومن مواد وأدوات تجميل الشعر، الصبغ، وهو بغير السواد، وأن الميش جائز ولو غطى بعض الشعر، فلا يمنع من صحة الطهارة، ما لم يكن فيه تشبه بالكافرات، وأما البتكس، فليس تغييراً لخلق الله، لأن الصبغ لا يزول ولا يغير الحقيقة، فيبقى التشبه بالكفار، وهو يختلف باختلاف الأزمنة والأمكنة والأشخاص، والنمص محرم مع النزاع في كونه نتف شعر الحاجبين، أو يدخل فيه شعر الوجه، ويلحق بالنمص المحرم: حف أو حلق شعر الحاجبين كاملاً، لكن للمرأة إذا نبتت لها لحية أو شوارب أو عنفقة أن تزيلها، وللمرأة أن تزيل شعر اليدين والقدمين للزينة والتجمل، مع أنه ليس من الجمال أن المرأة لابد أن تكون جلدة منزوعة الشعر، وأما تشقير الحاجبين، فجائز لأنه لون فقط وخلقة الله باقية لم تتغير، ويحرم وصل الشعر بشعر صناعي ويحرم وضع الرموش الصناعية، لكونها في معنى الوصل، في حين كانت الشرائط والبكلات، جائزة من أنواع الزينة لكن يمنع إذا كانت بها الصور المحرمة.       

ومن مواد وأدوات تجميل الأسنان، يحرم الوشر، والفلج ويحل جسر تقويم الأسنان لأنه يدخل في التطبب، ويحل تبيض الأسنان وتركيبها بأدوات ومواد طبية، ويدخل في مواد التجميل: جواز تركيب ما سقط من أسنان النساء بسن ذهب.

ومن مواد وأدوات تجميل الأظفار، يجوز وضع طلاء الأظفار, المناكير، إلا أنه يمنع وصول الماء للأظفار، مما يقتضي إزالته قبل الطهارة، أما إطالة الأظفار، فهي مخالفة لسنن الفطرة، ومشابهة للكفار، والصحيح منع الأظفار الصناعية لما فيها من الضرر والخداع والغش ومخالفة الفطرة وتغيير خلق الله.

ومن مواد وأدوات تجميل العيون، يشرع الكحل للزينة والدواء، لكن لا يجوز للمرأة أن تُبدي شيئا من زينتها سواء الكحل أم غيره لغير زوجها ومحارمها، ويحل وضع العدسات الملونة، والعدسات الطبية التي للتجميل، والشياكة، إذ ليس فيها تغيير الخلقة، ولاسيما مع انخفاض أسعارها.

وأيضاً يجوز التجمل بالمطعومات في الجملة، ويشرع تجمل الأيم للخطاب تتعرض للرزق من الله عز وجل.

ومع العلم أن الكثير من مستحضرات التجميل مضرة، فينبغي ألا تندفع المرأة إليها قبل السؤال عنها، لكن القيام بعملية التجميل بهذه الأصباغ والمساحيق إضاعة للوقت، فينبغي الحفاظ عليه.

كتبه:

أ.د خالد فوزي حمزة
أستاذ العقيدة بدار الحديث والحرم المكي وجامعة أم القرى سابقًا

تعليقات