حسان بن عابد: المهارات الغريزية في عالم الحيوان دلالة واضحة على العناية الإلهية (فيديو)
- السبت 23 نوفمبر 2024
الإلحاد .... زيادة علم أم قلة إيمان ؟
بعض الناس، من الذين لم يدركوا من العلم إلا قليلاً
، يظنون أن العلم يؤدي بصاحبه إلى الإلحاد وأن أكثر الناس علماً هم أكثرهم إلحاداً.
ولكن الحقيقة غير ذلك، فالعلم لايؤدي الي
الإلحاد بل إلى الإيمان، حيث يجد الإنسان نفسه في هذا الوجود في عالم فسيح
نظامه دقيق ومحكم لا تشوبه شائبة من الفوضى، و الإنسان بعد تأمله في الكون لايملك إلا
أن يخر ساجداً لله.
فالعالم يشهدُ أن العلم يؤدي إلى الإيمان
لا الإلحاد .
وقد نشر الدكتور الألمانى «دينرت» بحثاً
حلَّل فيه الآراء الفلسفية لعلماء كبار أناروا
العقول فى القرون الأربعة الأخيرة، وتوخى أن يدقق فى عقائدهم، فتبين له بعد الدراسة أن قلة منهم ظلوا
ملاحدة، أو لم يصلوا إلى عقيدةٍ ما، بينما شهد معظمهم بالإيمان وبصحة الدين الإسلامى
وبُعْدِه عن التحريف والتزييف، واتفاقه مع العلم الحديث.
وهذا يدل دلالة صريحة على أن التناقض بين
الإيمان والعلم، الذى يزعم الماديون أنه وصف مميز للعلماء ليس له أصل، ويشير أيضاً
إلى أن الإيمان والعلم يتكاملان ولا يتنافيان.
يقول الطبيب المشهور «باستور»: إن الإيمان
لا يمنع أى ارتقاء كان، ولو كنت علمت أكثر مما أعلم اليوم، لكان إيمانى بالله أشد وأعمق
مما هو عليه الآن، ثم أكد هذا بقوله: إن العلم الصحيح لا يمكن أن يكون مادياً، ولكنه
على خلاف ذلك يؤدي إلى زيادة العلم بالله،
لأنه يدل بواسطة تحليل الكون على مهارة وتبصُّر وكمال عقل الحكمة التى خلقت
الناموس المدبّرة للوجود، كمالاً لا حدَّ له.
أما الدكتور «وتز» الكيميائى، وعضو أكاديمية
العلوم، وعميد كلية الطب فى باريس، يقول: إذا أحسستُ فى حين من الأحيان أن عقيدتى بالله
قد تزعزعت، وجهت وجهى إلى أكاديمية العلوم لتثبيتها.
وقال المؤرخ الطبيعى «فابر»: كل عهد له
أهواء جنونية، وأنا أعتبر الكفر بالله من الأهواء الجنونية، وهو مرض العهد الحالى،
وأيسر عندى أن ينزعوا جلدى من أن ينزعوا منى الإيمان بالله.
وقد سُئل الدكتور «أندروكونواى» هذا السؤال:
سمعت أن معظم المشتغلين بالعلوم ملحدون فهل هذا صحيح؟
فأجابه قائلًا: لا أعتقد أن هذا القول صحيحاً، بل أننى على نقيض ذلك وجدت فى قراءاتى ومناقشاتى
أن معظم من اشتغلوا فى ميدان العلوم من العباقرة لم يكونوا ملحدين، ولكن بعض الناس
أساء نقل أحاديثهم، ولم يفهمها، ثم استطرد
قائلاً: إن الإلحاد، أو الإلحاد المادى، يتعارض مع الطريقة التى لا يمكن أن توجِد آله
دون صانع، وهو يستخدم العقل على أساس الحقائق المعروفة ويدخل إلى معمله يحدوه الأمل
ويمتلئ قلبه بالإيمان، ومعظم رجال العلوم يقومون بأعمالهم حباً فى المعرفة وفى الناس
وفى الله.
ونُقل عن الدكتور «ألبرت ماكومب ونشستر»،
المتخصص فى علم الأحياء، قوله: إن اشتغالى بالعلوم دعَّم إيمانى بالله حتى صار أشد قوة، وأمتن أساساً
مما كان عليه من قبل، ليس من شك أن العلوم تزيد الإنسان تبصُّراً بقدرة الله وجلاله،
وكلما اكتشف الإنسان جديداً فى دائرة بحثه ودراسته، ازداد إيماناً بالله.
وننقل عن اللورد «كلفن» قوله: إذا فكرت
تفكيراً عميقاً فإن العلوم سوف تضطرك إلى الاعتقاد فى وجود الله.
ويقول «أينشتين»: إن الإيمان هو أقوى وأنبل
نتائج البحوث العلمية.
ونختم هذه الأقوال بما قاله الفيلسوف الإنجليـزى
«فرانسيس بيكون»: إن قليلاً من الفلسفة يُقـرِّب الإنسان من الإلحاد، أما التعمق فى
الفلسفة فيرده إلى الدين.
إن أقوال هؤلاء العلماء تُبرهن على أن العلوم
هى سبب إيمانهم بالله تعالى
ولكن لم يكن الملحدون يمثلون شيئاً مذكوراً
عددياً في المجتمع ، فهم قلة ولكن رغم قلتهم إلا أنهم أصبحوا الحديث المتداول عربياً
حالياً وخصوصاً بعد الانتصار الصوري لمجموعات الثورة المضادة ..
ولكن صحب الحديث عن حالات الإلحاد أسئلة تستفسر عن وجود الحقيقة والأسباب الحقيقية التي تدفع الشخص إلى الإلحاد، فهل هي قناعة عقلية أم أسباب نفسية؟
ولكي نستطيع الإجابة على هذه الأسئلة يجب
أن نقف مع ظاهرة الإلحاد في الغرب حتى نستطيع
الوصول إلى الأسباب الحقيقية له و لنصل إلى
ما استقر عليه علماء النفس المعاصرون،
ولكن أصبح علماء النفس ينظرون إلى ظاهرة
الإلحاد ك اضطراب نفسي ليس له علاقة بالإيمان
ففي عام 1999م نشر عالم النفس الأمريكي
البروفسيور بول فيتز Paul Vitz كتاباً عنوانه “نفسية الإلحاد: إيمان فاقد الأب”. ومنذ صدوره تنبه علماء
النفس لدور المشاكل النفسية المترسبة في تبني الإلحاد. وتنبه فيتز لتلك الحقيقة التي
عاشها هو نفسه، لم ترقَ لرواد الإلحاد المعاصرين، فانزعجوا من كتابه والبحوث التي كتبت
على هامشه، واعتبروا نشره أمراً في غاية الخطورة لهدمه الأبراج العاجية التي عاش فيها
أغلب منكري الخالق، ومحاربي الأديان، ومناهضي فطرة البشر في عصرنا الحالي.
المزعج عند الملحدين في تنبيه بول فيتر
على دور المشاكل النفسية في تبني الإلحاد أن الدراسات الميدانية، وسير كبار الملاحدة
من رواد التنوير الأوروبي، تؤكد ما ذهب إليه.
فقد نشر عالم النفس اليهودي بنيامين هلاهمي
عام 2007 م دراسة مهمة بعنوان “النمط النفسي للملحد”، أجراها على أعضاء “الاتحاد الأمريكي
للإلحاد المتقدم”. وقد كشفت هذه الدراسة أن نصف الذين لم يعترفوا بوجود الإله قبل عمر
العشرين من الشباب الذين أجريت عليهم الدراسة ألحدوا بسبب مشاكل نفسية تتعلق بفقد أحد
الوالدين أو معاناة في الطفولة أو اختلال أسري.
وبسبب القناعات العلمية الناشئة عن عدة دراسات مشابهة اعتبر كثير من الباحثين
“أن ما يطرحه الملاحدة كأسباب معرفية (موضوعية ومنطقية) لإلحادهم ما هي في معظم الأحيان
إلا قناعاً تختفي وراءه العوامل النفسية والشخصية والاجتماعية.
لم يبدأ البروفسيور بول فيتز الغوص في أعماق
العلاقة المتكتم عليها خلال قرن بين الإلحاد والمشاكل النفسية من فراغ، فالرجل قد خبر ذلك القاع المظلم، وهو ما أكسبه ثقة
وشجاعة على الاقتحام. وقد لخص تجربته مع الإلحاد وأسبابه بقوله: “بالنظر إلى خبرتي
الخاصّة فقد اتضح لي أن الأسباب التي جعلتني ملحداً ومتشككاً عندما كان عمري 18 إلى
38 سنة كانت أسباباً سطحية، وغير منطقية، وبلا نزاهة فكرية أو أخلاقية، وأنا مقتنع
أن الأسباب نفسها هي الشائعة الآن بين المثقفين، وخصوصاً علماء الاجتماع”، هذه تجربة
فيتز فهل هي بالفعل الأسباب التي دعت غيره من فلاسفة الغرب الملحدين إليه، لنرى ذلك
من خلال النظريات التالية.
رصده وتحليله للأسباب النفسية للإلحاد طوّر
البروفسور بول فيتز نظرية التقصير الأبوي (Defective father hypothesis) التي اعتمدها علماء النفس قبله باعتبارها
أحد أهم أسباب الإلحاد في العصر المعاصر. ففرويد يحدثنا “أن التحليل النفسي يؤكد كل
يوم أن الفتية يفقدون إيمانهم الديني بمجرد أن تنفصم عرى السلطة الأبوية، وقد نقل فيتز
أن السير أنتوني فَلُو الذي عاش نصف قرن وهو رمز الإلحاد في الغرب قبل أن يعلن إيمانه
بالإله بعد تجاوزه الثمانين، قد شوهد بعد إفراطه في شرب الخمر ملقياً على الأرض، وهو
يصرخ مكرراً: إني أكره أبي، إني أكره أبي.
ومقتضى نظرية التقصير الأبوي أن الإنسان
الغربي لاعتقاده “التثليث” يرى في أبيه تجسيداً بشرياً للإله رمز القوة والسلطة والكمال،
وحين يفرط هذا الأب في رعاية ابنه، أو يسيء معاملته بدنياً أو معنوياً، أو يفقد الأب
أصلاً بسبب موت أو هجر لأسرته، أو يكون جباناً
ضعيفاً، فإن الابن يخامره شك في حقيقة الإله فينكر وجوده ليريح ضميره من هذا التضارب
المقيت بين كمال الإله المعتقد ونقص الأب المشاهد.
عالم النفس البريطاني جون بولبي
على هامش نظرية التقصير الأبوي كان هناك
فريق آخر يصوغ نظرية الارتباط أو التعلق (Attachment theory) تلك النظرية التي تقول إن طبيعة العلاقة
بين الطفل وأمه تحدد النموذج الذي ستكون عليه علاقة الطفل بالآخرين في المستقبل. ويمتد
ذلك التأثر حتى يحدد علاقته بالإله في المستقبل، وقد كان لعالم النفس البريطاني جون
بولبي John
Bowlby الفضل
الأكبر في صياغة هذه النظرية. وكان لتلميذته الأمريكية ماري أنسويرث عالمة نفس التربية
الفضل في إشاعتها والبرهنة على صحتها من خلال اختبارها وقياسها آثار أنواع الارتباط بين الطفل وأمه.
أما اليوم، فلفظة الإلحاد هي المستخدمة،
في عالمٍ عربي يضم أكثر من مليوني ملحد في الشرق الأوسط، وفق تقرير نشره معهد
"pew"
للأبحاث
عام 2015. أضافةً إلى دراسة لمعهد "win-gallup" التي سبق ونشرت عام 2014؛ حيث أفضت إلى
وجود 866 ملحداً صريحاً في مصر، 325 في المغرب، 320 في تونس، 242 في العراق، 170 في
الأردن، 56 في سوريا، 34 في ليبيا، و32 في اليمن.
هذه الأرقام غير دقيقة أو نهائية، خصوصاً
إذا تم إلقاء نظرة على مواقع التواصل الاجتماعي التي تضم صفحات ومجموعات مغلقة على
موقعيْ فيسبوك وتويتر، منها ما هو فاعل، ومنها ما هو غير فاعل، منها "جمهورية
الملحدين"، "ملحدون راديكاليون"، "اتحاد الملحدين العرب"،
وغيرها من صفحات كـ "ملحدون سوريون" وتونسيون وإلخ. تضم عشرات آلاف الأعضاء
والمتابعين. لكن، هل هؤلاء ملحدون حقاً، وما هي دوافعهم؟ وهل الإلحاد مرتبط بالأخلاق؟
حتي اليوم لم نصل إلى إجابات لكل هذه التساؤلات هل هي دوافع نفسية أم أخلاقية؟