الشاعر سيد عبد الرازق في حوار موسع لـ"جداريات": الشعر المسرحي يعاني كثيرا وجائزة الفيصل أعادته إلى الأضواء

  • جداريات 2
  • الأربعاء 08 يوليو 2020, 3:30 مساءً
  • 1323

  أهدي التكريم إلى روح والدي.. و"بردة البوصيري" كانت أول علاقتي بالشعر

الشعر وليد الاضطراب النفسي.. وأعظم الشعراء أكثرهم معاناة أمثال المتنبي وبودلير

كل من قرأت له تأثرت به.. ومن حق الشاعر التعبير من القضايا الكبرى والتافهة 

مبدعو الأقاليم يصلون للعالمية من منازلهم الطينية وعلى الإعلام ووزارة الثقافة تسليط الضوء عليهم

نعم الرواية هي المسيطرة الآن.. وقضية قوالب الشعر العمودي والمنثور تجاوزناها الأهم المضمون 

التاريخ كنز واستلهامه يتيح بناء دراما شعرية محكمة ويتيح فرصة الإسقاط على الواقع دون مساءلة


لم تكن جائزة الفيصل عن الشعر المسرحي التي حصل عليها الشاعر الطبيب البيطري سيد عبد الرازق منذ أيام هي الجائزة الأخيرة في مشواره، فقد سبق ذلك عدة جوائز عالمية ومحلية أيضا، ومن يقرأ له شعره لا يداخله شك أنه تنتظره جوائز أخرى كثيرة على المدى القريب والبعيد، لكننا في الحوار التالي حرصنا ألا يكون حديثنا معه حول الجوائز فقط، بل تحدثنا عن مشواره الطويل مع الإبداع منذ الطفولة والنشأة، وتوقفنا معه في محطاته العديدة أثناء الدراسة وبعد التخرج في كلية الطب البيطري جامعة أسيوط، وتطرقنا معه إلى المشهد الثقافي في مصر عامة وأسيوط بصفة خاصة وغيرها من الأمور التي كشفها لنا، وإلى نص الحوار:


* نبارك لكم جائزة عبد الله الفيصل.. لو طلبنا إهداء الجائزة فلمن يكون؟

بداية الله يبارك في حضرتك، هذه الجائزة إذا أردت إهداءها فستكون إلى روح والدي رحمه الله تعالى رحمة واسعة.


* لا يتوافر لدينا الكثير عن الشاعر سيد عبد الرازق حول المشوار الأدبي وتدرجه.. هلا حدثتنا تفصيليا عن الإنتاج الإبداعي منذ البدايات والنشأة؟

 في الحديث التفصيلي عن المشوار الإبداعي منذ البدايات والنشأة، فأنا من صعيد مصر من محافظة أسيوط من أسرة، كان والدي رحمه الله يقتني الكتب المتعلقة بالمديح النبوي وبعض الأشعار الصوفية، نشأت في هذا البيت الذي يحمل طابعا دينيا وطابعا ثقافيا، فكان لدينا مكتبة في البيت تحتوي كتبا من أول علم التوحيد وصولا إلى كتب الصوفية والسيرة النبوية والفقه واللغة وما إلى ذلك، أيضا كان هناك مكتبة صوتية من هذه القصائد المغناة بشكل كبير. ذلك كله ساعد على إثراء عامل اللغة لدي في الكتابة.

 في المدرسة الابتدائية كانت هناك مسابقة للإلقاء، طلب منا أن نحفظ قصيدة البردة للإمام شرف الدين ابي عبدالله محمد بن سعيد البوصيري، ثم بعد أن حفظناها في الصف الرابع الابتدائي طلب منا اختيار مجموعة من الأبيات لإلقائها وكان هذا أول عهدي بالشعر، ومنذ هذه اللحظة بدأت أحفظ القصائد الطويلة، ما أثرى القاموس اللغوي الذهني لديّ ثم داومت في إلقاء القصائد بعد ذلك، وفي الصف الثالث الإعدادي حصلت على المركز الأول في الإلقاء عن قصيدة فلسطين للشاعر علي محمود طه، ثم استمر معي الأمر في الثانوية لكن مع دراسة مدارس الشعر في الثانوية بدأت أعارض بعض القصائد التي أحفظها معارضة حقيقية، قبل ذلك في الإعدادية والابتدائية كنت أكتب ما يقرب من الأناشيد المدرسية، لكن منذ الثانوية بدأت أعارض القصائد التي كنا ندرسها بشكل كبير.

 في الجامعة انضممت لنادي أدب كلية الطب، وهو النادي الوحيد آنذاك داخل الجامعة الذي تمارس فيه الكتابة الإبداعية والنقد، ثم أسست بعد ذلك وأنا في الفرقة الرابعة بكلية الطب البيطري نادي أدب جامعة أسيوط بعد أن أغلق فترة طويلة تزيد على العشرين عاما أعدت افتتاحه، ثم أسست مشروع دار الندوة الثقافي التراثي في الجامعة الذي نتج عنه مؤتمر سنوي يقام في جامعات مصر وهو إحياء لغتنا الجميلة.

 مرحلة الجامعة كانت مرحلة انطلاق صراحة، لأن كان بها أول انتاج أدبي مطبوع من خلال مجلات الجامعة ومن خلال المجلة الأدبية التي أشرفت على تحريرها بعد هذه المرحلة الجامعية، وأصدرنا أول ديوان لطلاب جامعة أسيوط تحت عنوان "ملامح من الجنوب" وأصدرنا نشرة ثقافية تسمى نشرة "أسيوط دوت كوم"، ومجلة جامعة أسيوط وكانت فترة زاخرة بالأنشطة الطلابية الثقافية، وفيها حصلت على الجوائز على مستوى الجمهورية في أسبوع الشباب في المنصور وأسبوع الشباب، بعد ذلك في المنوفية، وتنوعت كتاباتي بين الفصحي والعامية، أيضا كتبت الموال وكتبت الأغنية وكتبت الأوبريتات في هذا الوقت من الجامعة والتي مثلت على خشبة مسرح النيل بالجامعة في ذلك العام ومنها مرثية للعبارة السلام 98 وأوبريت تحرير سيناء وأوبريت سيناء المستقبل.

 بعد الجامعة تفرغت للعمل وقبل هذا الخدمة العسكرية، وبسبب ذلك أخذت وقتا طويلا متوقفا عن الكتابة من 2007 سنة التخرج حتى عام 2013، ثم بدأت أستعيد نشاطي مرة أخرى من خلال نادي أدب قصر ثقافة أسيوط، وأنتجت ديوانين 2015 ، في أول وآخر العام، الأول هو "ويرسمها الدخان" صادر عن المركز الأدبي للتنمية أسيوط ثم ديوان "أخيرا تصمت الزرقاء" وهو أيضا من المركز الأدبي وحصلت بالديوانين على عضوية عاملة في قصر ثقافة أسيوط، وأصبحت محاضرا مستوى الهيئة العامة لقصور الثقافة.




من اتخذ المسار منحنى آخر والخروج من الهواية إلى مرحلة أخرى، وساعد احتكاكي بعالم الأدب والأدباء على استرجاع ما كنت درسته وبدأت أعلم العروض للشباب في نوادي الأدب المختلفة، ثم أقمنا مهرجانات على مستوى الصعيد مثل مهرجان القصة القصرة جدا وإنتاج منتدى أدبي نشأ عنه مهرجان شعري ومهرجان قصصي، أيضا أعدنا إحياء مكتبة أسيوط العامة تحت مشروع كبير كنت رئيس الصالون الثقافي فيه، وأخذ الموضوع حيزا أكبر في حياتي خاصة أني تخلصت من العمل في شركات الدعاية، لأنه كان يأخذ وقتا كبيرا واتجهت للعمل البيطري.

 وفي عام 2014 بدأت المشاركات في المسابقات الدولية وفزت بأكثر من جائزة دولية في هذا المضمار. في أول  عام 2014 كانت أول مشاركة لي في جائزة القصيدة العربية دورة عبد العزيز الطبال بفاس بالممملكة المغربية ودخلت القصيدة اللائحة القصيرة ونوهت بها لجنة التحكيم وفي نهاية العاك نفسه 2014 حصلت على جائزة البردة العالمية من دولة الإمارات العربية المتحدة في المديح النبوي فرع شعر الفصحى. 

في  2015 تم تكريمي أكثر من مرة في مستويات عديدة بالجامعة ووزارة الثقافة وغيرها وحصلت على عضوية نادي الكتاب وعضوية نادي القصة، أيضا أصبحت محاضرا ومحكما ومدربا في قصر ثقافة أحمد بهاء الدين للطفل المتخصص واشتركت في اكتشاف المواهب في مدارس أسيوط، وتم ترشيحي أمينا عاما لأول مهرجان للقصة القصيرة جدا في صعيد مصر أسيوط.

  في نهاية 2015 فاز ديواني "نيرفانا" الديوان الثالث لي بالمركز الأول في جائزة النشر الإقليمي وحصلت على جائزتين من وزارة الدفاع المصرية في نفس العام، أيضا حصلت على الجائزة التقديرية لجائزة أحمد مفدى العربية من المملكة المغربية، كل هذا أدى إلى أمانة مؤتمر أدباء مصر إلى ترشيحي لشخصية عامة عن مؤتمر أدباء مصر في أسوان سنة 2015.

في سنة 2016 بدأت مشروع مكتبة أسيوط العامة، وكنت أول رئيس لمجلس إدارة الصالون، وفي نهاية العام فزت بجائزة للمرة الثانية، وفزت بجائزة البردة العالمية للشعر الفصيح من دولة الإمارات العربية المتحدة.

2017 انتخبني أدباء أسيوط عضوا بنادي الأدب المركزي على مستوى المحافظة، كرمت في مؤتمر القرية المصرية.

في يوليو 2017 أيضا فزت بجائزة الحرية عن هيئة شؤون الأسرى والمحررين بفلسطين، وفي هذا العام أيضا رشحت كباحث في المؤتمرالأدبي السابع عشر لإقليم وسط الصعيد الثقافي. 

عام 2018 دخلت في لجان التحكيم بوزارات الشباب والثقافةو التربية والتعليم وتأهلت لبرنامج الـ150 شاعرا في برنامج أمير الشعراء بالإمارات.




في 2019 اتجهت أكثر للمسرح وأطلفت ديواني "وحدها في الغرفة"، ابتدأت في المسرح كمدقق لغوي، وممثل في فرقة أحمد بهاء الدين وألفت مجموعة من الأشعار والأغاني التي قدمت في مهرجانات الجامعة ووزارة الشباب ثم ألفت أوبريت في جامعة أسيوط اسمه "رسول الله محبة وسلاما" قدم على مسرح، ثم ألفت أوبريت "غصن الزيتون" الذي قدم في أسبوع الشروق العالمي بحضور وفود 30  دولة عربية وأفريقية.

وفي نهاية 2019 أصدرت ديوان "يقامر شعره" الذي فاز بجائزة وزارة الثقافة المركزية على مستوى الجمهورية فرع شعر الفصحى، 

2020 قدم لي مسرحية على خشبة مسرح جامعة أسيوط  تحت عنوان "حلم قديم" قدمتها الجامعة بالتعاون مع الهيئة الإنجيلية القبطية للخدمات الإنجيلية، وقدمت مجموعة من الأغاني لمسرحيات مهرجان الإبداع ثم جاءت جائحة كورنوا وأكرمني الله هذ الشهر بجائزة سمو الأمير عبد الله الفيصل العالمية  للشعر العربي فرع الشعر المسرحي، وكل ذلك بفضل الله سبحانه وتعالى. 


* إلى أي مدى تفاعل النقد مع أعمال الشاعر سيد عبد الرازق؟

تعرضت كل دواويني للنقد وأقيمت لها جلسات نقدية كبيرة في أسيوط وسوهاج والمنيا، ونشرت عنها دراسات في كتب مؤتمرات الأدباء في مصر وفي مؤتمرات الأقاليم والفروع، كل دواويني خضعت للنقد باسثناء ديوان "يقامر شعره" لأنه بعد أن صدر في بداية 2020 تعرض العالم لجائحة كورونا فلم ينل حظه الكافي من مسألة النقد.


* الكثير من الأعمال سواء الشعرية أو النثرية اتجهت إلى استلهام التاريخ والكتابة عنه.. ما دلالة ذلك؟

الكتابة عن التاريخ ممتعة لأنك تعمل على أشخاص وعلاقات تاريخية ثابتة وحقيقة في معظمها لأنك تتأكد من الروايات التي تستخدمها داخل النص المسرحي، أيضا هذا يتيح قدرا أكبر من الحرية لأنك تستخدم الرمز التاريخ إسقاط على الواقع أو تشير لقضية مشابهة لواقع معاصر.

 أيضا لن تكون في مرمى محاكمة مع استلهام التاريخ على عكس اختيار شخصية معاصرة، وتاريخنا ممتلئ بفترات الانتصار والانكسار، وهذا يعطي فرصة للكاتب أن ينبي دراما شعرية محكمة إذا امتلك أدواته، والتاريخ كنز لأن الأيام تعيد دورتها في كل عصر، ومثل هذا يتيح للكاتب أن يختار من التاريخ كما يشاء وأن يوظف العلاقات بين الشخصيات كما يشاء.




* كيف ترى مقولة أننا في زمن الرواية وأن الفنون الأدبية- بما فيها الشعر والمسرح- تراجعت لصالح الرواية؟

 لا أقول بتفضيل جنس أدبي على آخر، فالشعر عندي مثل الرواية مثل القصة القصيرة، والقصيدة العمودية عندي مثلها مثل قصيدة التفعيلة مثل قصيدة النثر مثل قصيدة، لا أفضل جنسا على آخر إلا في الجنوح لكتابة شكل معين من الأشكال لكن كل أشكال الأدب تقدر وتحترم، ومبدعوها يقدرون ويحترمون.

ونعم الرواية من حيث المبيعات هي الأكثر وهي المسيطرة، وهذا لا عيب فيه كل زمن له فنه الذي يشيع فيه، بالأمس كان الشعر واليوم الرواية وغدا قد يكون غيرهما المسألة أن تشيع مسألة الثقافة بشكل كبير، بغض النظر عن النوع الذي يُشيع هذه الثقافة، فهذا ليس محكا على الإطلاق لا إشكالية لدينا كشعراء أن تميز الرواية في انتشارها أو مبيعاتها، بل بالعكس نحن نشد على أيدي الروائيين لعلهم يرفعون الوعي الجمعي لدى الجماهير، وهذا أمر يحمدون عليه ولا مشكلة إطلاقا في هذا الأمر.

* ما زال البعض يرى أن الشعر المنثور والحر ليس شعرا.. كيف ترى هذه المقولة؟

هذه الأمور تجاوزناها، البحث عن المضمون هو ما ينبغي أن يشغل بال المبدع، مسألة القوالب هذه على الرغم من أهميتها مسألة نستطيع أن نقول تجاوزناه بشكل كبير، فهناك الآن تراسل الفنون، نستطيع أن ندخل العمودي والنثري والتفعيلة، لكن هذه ليست القضية، القضية في المضمون، فإذا اخترنا بين أمرين، أن تكون قصيدة عمودية ملتزمة بالقوانين العروضية الصارمة منذ قرون، لكنها تناولت موضوع براوية جديدة أومضوعا جديدا كلية. هل هي أفضل أم قصيدة تدعي أنها نثر من حيث الشكل أو الزمن، لكنها تتناول الموضوع بشكل سطحي؟ بالتأكيد سنجنح إلى العمودية التي التزمت بالشكل الصارم لكنها تحتمل معنى من معاني الإبداع.  




* مَن أبرز الذين أثروا في الشاعر سيد عبد الرازق على المستوى الأدبي الإبداعي؟ 

كل مَن قرأت له حرفا أثر في بشكل ما، فأنا أقرأ كل ما يقع تحت يدي، قرأت كثيرا ومنذ زمن طويل  وأنا أقرا وقرأت كثيرا جدا، وكل النصوص التي قرأتها لشعراء كثر كان لها تأثيرها ستجد في شعري المنحي الصوفي والفلسفي والرمزي والواقعي، فهناك مئات من الشعراء أثروا فيا ولا أستطيع أن أحدد شخصا بعينه.  

* ما القضايا والمضامين التي يجب أن يرتكز عليها الشعر من وجهة نظر الشاعر سيد عبد الرازق؟

الشعر شكل من أشكال الحياة فليس هناك جانب معين أومضمون معين يستند عليه الشعر، الشاعر لا بد  أن يعبر عن كل شيء في الحياة عن كل أنشطة الحياة من استيقاظ المرء إلى نومه، قضاياه الإنسانية الكبرى حتى التافهة، فلا يوجد انحياز إلى نوعية معينة من الشعر أن يكون وطنيا أو يوقف الشاعر شعره على المديح أو الفخر أو يلتزام مبدأ معينان كأن يكون شعره نسكيا أو متدينا أو شعره في الغزل غزل. أعتقد أنه هذا حجر على إبداع الشاعر أو موهبته فالشعر معبر عن كل القضايا التي يعيش بها الإنسان، قضاياه الكبرى وصولا لهزله لضحه وحتى طرفته ونكته.

* هناك مقولة من التراث أن "الشعر كلما دخل في باب الخير لان، أي قلت قيمته وكان ضعيفا" إلى أي مدى تتفق مع هذه المقولة؟

هذا أمر استفاد به الأصمعي حين تكلم عن أن الشعر يتطلب نوعا معينا من الحياة غير المستقرة مثل السفر والتشبيب بالنسا والخمر والقتال- وهذا اتفق جزئيا معه- فأن يوقف الشاعر حياته على غرض معين قد يأخذ من رصيده، وقد تتكرر المعاني، فعندما نقرأ شعر قيس عن ليلى سنجد كثيرا متشابها في القصائد، وكذلك عندما نقرأ رثائيات الخنساء على جودة شعر الخنساء، وأيضا شعر حسان في وصف الرسول (صلى الله عليه وسلم) وآل البيت وشعر دعبل الخزاعي  والكميت وغيرهم حينما تتكرر المعاني هذا يأخذ من رصيد الشاعر، لكن لا ينطبق هذا على كل الشعراء.

 الشعر وليد الاضطراب النفسي والعاطفي والحياتي وأعظم الشعراء هم أكثرهم معاناة مثل المتنبي وبودلير، نعم أتفق في هذه الجزئية أن الاستقرار الكبير في حياة الشعراء لا يعطي ثقلا وصدقا للتجربة الشعرية، وكلما كان هناك اضطراب في حالة الشعراء كانت القضية التي يتناولها الشاعر أكثر عمقا وأكثر تأثيرا. 

* كيف ترى الإبداع في زمن التواصل الاجتماعي؟

هناك كثير من الظواهر الإيجابية  للسوشيال ميديا، مثل أنه أصبح هناك رابطة كبيرة بين الشعراء في مشارق الأرض ومغاربها، والوصول إلى عالم الشعراء في كل مناحي الأرض وتتعرف على تجارب شعرية في كل مكان، لكن في المقابل جعلت السوشيال ميديا بعض المدّعين الذين يدخلون في كل مجال خلقه الله،  يظهرون على السطح، فيطفو هذا الزبد من الزائفين على أمواج البحر الهادرة بما أثر ذلك في انحدار الذوق العام. 

* كيف ترى تجاوب الإبداع الشعري على وجه التحديد مع القضية الفلسطينية؟

القضية الفلسطينية كغيرها من القضايا. نعم هي تحوز السبق ونعم هي في مقدمة الاهتمام العربي ونعم هي قضية جرح لم ولن يندمل حتى تحصل فلسطين والفلسطينيون على حقوقهم الكاملة، التعاطي الشعري مع القضية تعاطٍ دائم ومتفاعل وإيجابي إلى حد كبير، ولا أعرف من الشعراء من لم يكتب في هذا المضمار، إن لم يكن سياسيا فإنسانيا تجاه المعاناة التي يعيشها الشعب الفلسطيني، وإن كثرت جراحاتنا الآن في اليمن وفلسطين واليمن والعراق وليببا، الجراحات أصبحت كثرا وربما الشعر يتم من هذه الجراحات الصعبة التي تمر بها الأوطان، والله نسأل أن يردنا إلى السلام والأمان والتسامح والمحبة لنعيش في وطننا العربي بأمن وأمان دون هذا البارود المقلق حينها يمكن أن تستخدم الورود والأزهار استخداما آخر غير أن ترمى على النعوش.

* ما الذي يجب على المثقف تجاه مجتمعه؟!

المثقف لا بد فيما يتعلق بمسؤولياته تجاه مجتمعه أن يكون مثقفا عضويا فاعلا، لا يكتفي بتحقيق مكانته الأدبية فقط، ولكن يجب أن يكون ؤمؤثرا في محيطة اتسع أو ضاق في المتلقين من حوله ربما تبنى أن قضية تعليم الشباب أو إيصال القضية التي يؤمن بها من خلال ثقافته وزكاة العلم نشره، والثقافة كمصطلح أكبر منمسألة العلم، فعلى المثقف أن يوزع ما جمعه حتى يترك أثرا في من حوله. ربما بعض المبدعين ينكفئ على تجربته الشخصية الذاتية وهذا محمود لا مشكلة فيه لأنه ربما يترك بعده أعمالا عظيمة، فقد لا يكون فاعلا بشكل كبير على المستوى الشخصي، لكن كتاباته يكون لها هذا الدور في الفاعلية. 

* لو طلبنا تقييما لوزارة الثقافة.. ما الذي يقول الشاعر سيد عبد الرازق؟

لست ملما بشكل كبير، بكل ما يدور في وزارة الثقافة، لكن دائما نتمنى الأفضل لكل المؤسسات الثقافية الحكومية والخاصة، ونتمنى منهم أن يهتموا بالثقافة وبالمبدعين، وهذا أمر لا خلاف فيه بين الأدباء على شتى صنوفهم ومشاربهم.

* وماذا عن المشهد الثقافي في أسيوط تحديدا؟

أسيوط إقليم ثقافي كبير لدينا أقدم نادي أدب على مستوى جمهورية مصر العربية، لدينا نادي الكتاب وناد للقصة وناد للمسرح وناد للسينما، أسيوط فيها مجموعة كبيرة من الأدباء الحاصلين على جوائز الدولة والحاصلين على جوائز عالمية واسعة الانتشار كالطيب صالح والفيصل وكتارا وغيرها في صنوف مختلفة من الشعر والنقد والرواية فاسيوط زاخرة بالمبدعبن والأدباء على مستوى الشعر أو غيره كما تحتوي على بيوت ثقافة ومكتبات  قصور ثقافة، وعندنا جامعا وليس جامعة واحدة، هناك جامعة أسيوط والأزهر والجامعة العمالية. أسيوط أيضا مركز طبي كبير جدا في صعيد مصر. هذه المركزية في الصعيد جعل منها ملتقى لعدد كبير من الأدباء والمبدعين. والمشهد الثقافي في أسيوط مشهد محترم ويقدّر، كل ما نطلبه في هذا المسألة أن تبتعد دوائر الضوء قليلا عن المركزية، وأن تهتم بما يعرف في الوسط الأدبي بأدباء الأقاليم لأن أدباء الأقاليم لديهم القدرة على الوصول إلى العالمية من قراهم ومن حواريهم ومن أزقتهم الطينية في صعيد مصر، فيجب أن يكون هناك اهتمام أكبر من ذلك بكثير جدا من الإعلام ومن صناع القرار الثقافي إلى أدباءالأقاليم. 

* هل هناك طقوس للإبداع عند الشاعر سيد عبد الرازق؟

ليس هناك طقوس بالمعنى الحرفي، أحب أن أكتب في هدوء، وفي الوقت الذي ينام فيه الناس وإذ كان من طقس معين فأنا أحب أن أستمع إلى الموسيقى الكلاسيكية قبل الكتابة، إذا أردنا أن نعد هذا طقسا،  أفضل الكتابة على اللاب توب أو الكمبيوتر لا أفضل الكتابة بالقلم، لكن الأفكار تأتي في أي وقت، فأسجل الأفكار التي تأتيني  صوتيا حتى يتاح لي الجلوس على الكمبيوتر أو اللاب توب وكتابتها.

 الشيء الثابت أيضا هو أني موسمي في الكتابة، فقد آخذ فترة كبيرة أقرأ فقط قد تصل لثلاثة أشهر ثم أكتب بشراهة، ثم أعود للقراءة وهكذا، فأكتب كل فترة وخلال هذه الفترات أنتج هذه المشارع الأدبية التي تكلمت عنها سابقا. 



 


* هل من سؤال لم نسأله للشاعر سيد عبد الرازق ويريد الحديث عنه؟

أحب في الختام أن أثمن دور المملكة العربية السعودية جامعة الطائف وأكادييمة الشعر، أثمن دور الأمير خالد الفيصل في رعايته لهذه الجائزة العالملية التي أعادت الشعر المسرحي إلى دائرة الضوء، لأن الشعر المسرحي يعاني الكثير جدا مقارنة بغيره من الصنوف الأدبية الأخرى، وأمامه عوائق كثيرة جدا أكثر مما تكون في الشعر والرواية أو القصة، ولذلك أثمن هذا الدور للمملكة والأكاديمية والجامعة وسمو الأمير خالد، كما أثمن دور القائمين على الجائزة على رأسهم الدكتور منصور الحارثي لأنه قام بجهد كبير في الالتفات إلى هذه العناصر الأربعة التي تمثل الجائزة في أن تكريم شاعر عن تجربته الخاصة وأن تُكرّم مبادرة لخدمة اللغة العربية، وأن تُكرم القصيدة المغناة وأن يُكرَّم الشعر المسرحي، هذه النواحي موضوعة بدقة كبيرة وشديدة.

كما ألفت النظر إلى ضرورة تسليط الضوء على أدباء الأقاليم بشكل أكبر وإتاحة الفرصة لهم ليصلوا إلى الجمهور، وهذا دور الإعلام وزارة الثقافة، وهذه الخصوصية لدى أدباء الأقاليم خاصة الصعيد في محاولاتهم الدؤوبة لأن يصلوا للضوء هي التي تصنع هذه الأعمال المميزة، فكل الشكر لهؤلاء المجاهدين الذين يعملون رغم قسوة ظروف الحياة والعمل والبعد عن أسرهم والوقت الكبير الذي يقضى لكي ينشروا أعمالهم ويعرفوا في الأوساط الأدبية خصوصا أنهم بعيدون عن مراكز صناعة القرارات والصالونات الأدبية والهيئات الكبرى في القاهرة ووجه بحري بشكل عام فكل التحية لهؤلاء الناحتين في الصخر ليرسموا لأنفسهم طريقا في الإبداع والأدب.

تعليقات