هل رأيت حشرة سرعوف الورقة الميْتة؟
- الثلاثاء 26 نوفمبر 2024
العملات القديمة ارشيفية
الملحدون يعبثون بكل ما هو مقدس
ليثبتوا أوهامهم وأفكارهم البالية ، وعندما يجدون ما يعتبرونه خطأ في القرآن
الكريم من وجهة نظرهم العقيمة يفرحون وكأنهم انتصروا على المغول ، وجدت موقع يدافع
عن الملحدين وأفكارهم ويدعمهم ويتبنى كل فكرة من شأنها العبق بمقدسات الدين
وثوابته ، وهذا الموقع راح يدعى أخطاء في القرآن الكريم وكان منها ما جاء نصا في موقعهم :
( وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ
دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ وَكَانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ ) [ يوسف : 20 ]
الآية تتحدث عن بيع يوسف
بدراهم معدودة , إذا نظرنا إلى نص الآية كما هو( دون تأويل ) نجد أن هناك خطأ تاريخي
ففي ذلك الوقت في عصر الفراعنة حوالي سبعة ألاف سنة قبل الميلاد كان الناس يتبادلون
السلع ( مقايضة ) ولم تكن عملة الدراهم اليونانية معروفة بعد لأنه يرجح المؤرخون أن
أول ظهور للنقود كان ثلاثة آلاف سنة قبل الميلاد .
الحقيقة أن مسألة
الدراهم موجودة قبل بعثة النبي الكريم
صلوات الله عليه وسلم ، كما أن الدراهم كان تطلق على الوزن القليل من معدن رخيص
"فضة" في ذلك الوقت لا عملات مسكوكة
، فضلا عن معلقة لعنتر بن شداد قال فيها نصا :
جَادَتْ عَلَيْـهِ كُلُّ
عَيْـنٍ ثَـرَّةٍ فَتَرَكْنَ كُـلَّ
حَدِيقَةٍ كَالدِّرْهَـمِ
سَحَّاً وَتَسْكَابَاً فَكُلُّ
عَشِيَّـةٍ يَجْرِي عَلَيْهَا المَاءُ
لَمْ يَتَصَـرَّمِ
وَخَلاَ الذُّبَابَ بِـهَا فَلَيْسَ بِبَارِحٍ غَرِدَاً كَفِعْلِ الشَّـارِبِ المُتَرَنِّـمِ
وكان الدكتور سامي عامري المتخصص في مجابه الفكر الإلحادي
والرد على شبهات الملاحدة أكد هذا الكلام
بأدلة العلمية والتاريخية مستندا بدراسات وكتب علمية ، ممكن مراجعة هذا الحلقة
القوية والتي جاءت تحت عنوان " هل أخطأ القرآن في ذكر "الدراهم" في
سورة يوسف؟
كما هناك بحث تاريخي قام به الباحث احمد محمد حسن - هل كان يوجد
دراهم في وقت يوسف عليه السلام كما جاء بالقرآن ؟؟ والذي أوضح فيه الشبهة حيث قال
نصا : جاءت بعض الشبهات التي تحاول الطعن
في مصادقية القصص القرآني : والتي دارت حول : عدم وجود ما يُعرف بالدراهم أو
النقود الفضة في ذلك الوقت قبل الميلاد !! وأن السائد في تلك البلاد وقتها كان
(المقايضة) !!
ورغم أنه في علم
التاريخ فعدم العلم بالشيء : لا يساوي عدم وجود الشيء (تماما مثل الوقت الذي يسبق
أي اكتشاف لمقبرة أو مخطوطة !! فليس معنى عدم العلم بوجودها أنها غير موجودة !!
لأنه يمكن اكتشاف الكثير من الأشياء الآن أو في المستقبل) ولذلك :
فنحن نؤمن أولا بالقصص
القرآني : لإيماننا بصدق القرآن نفسه : كلام الله تعالى الذي آمنا به وبرسوله
بعقولنا .. فإذا جاء الخبر من الصادق الذي لا يكذب : صدقناه .. فكيف لا وهو العليم
الخبير سبحانه ؟!!
وكيف لا : وقد ظهر خبر صدقه في عشرات الإعجازات الغيبية والعلمية التي لم يكن
يعرفها أحد بل : وكانت تخالف ما في الكتب الأخرى مثل كتب اليهود والنصارى ؟؟ (مثل
ذكر القرآن لكلمة هامان في مصر الفرعونية في حين ذكروها هم في العراق !! ومثل ذكر
القرآن لجبل الجودي في حين ذكروا هم جبل أراراط !! ومثل تفريق القرآن بين لقب
الملك في قصة يوسف ولقب الفرعون في قصة موسى عليهما السلام في حين ذكروا جميعا
بلقب الفرعون عند اليهود والنصارى)
إذن .....
ما سنقوم به الآن ليس بحثا لإثبات صحة القرآن كلام الله - فهذا الصحة ثابتة لدينا
قبلا بالفعل - وإنما هي مجرد بحث تاريخي في أصل النقود وخصوصا في هذه المنطقة
القديمة من العالم في فلسطين ومصر والعراق بل واليونان كما سنرى وأوضح البحث أنه منذ
آلاف السنين والناس كانوا يتبايعون بواسطة (المقايضة) يعني تبادل السلع سواء كساء
أو غذاء ونحوه .. ولم يكن هناك نقود .. بل بالنوع أو بالوزن، ليتطور الأمر فيما
بعد إلى استخدام المعادن كعملة معتمدة فيما بينهم يسهل حملها والتجارة بها داخل
المملكة الواحدة - وكان من أوائل مَن استخدموا النقود المعدنية هم تجار الأناضول
.. ثم جاء السك بعد ذلك أو الختم على كل قطعة معدنية للتأكيد على أن وزنها يساوي
كذا - وخصوصا العملات المعتمدة من الملك أو الحاكم - وذلك لتجنب وزنها كل مرة، وثم
تم الاستقرار على الذهب والفضة كعملتين للنقود أو المال لأنهما لا يتلفان في العادة
كما تتلف باقي المعادن مع الوقت - ومن هنا جاءت قيمتهما الفعلية -
والآن : بماذا كانت
تتفاضل مقادير الذهب والفضة ؟؟!! بمعنى : متى نقول فلان لديه أكثر مني ذهبا أو
أكثر مني فضة بحسب تلك العملات ؟؟
هنا كانت الحاجة إلى
اختيار (وزن) معين لكل عملة : تماما كما عرف الناس قديما أوزانا مختلفة للحبوب
والثمار !! وهنا نأتي لنقطة هامة جدا وهي :
أن أسماء عملات مثل
(الشاقل) أو (الشيكل) أو (الدرهم) أو (الدينار) أو (القنطار) : كانت في الأصل
(أوزان) تعادل مثقال عدد معين من حبوب الشعير أو القمح ونحوه : ثم جرى استخدامها
مع الوقت كاسم للعملات نفسها كما سنرى الآن وضرب البحث الذي نشر على موقع الباحثون
المسلمون مثال تجدسد في أن العملة الشهيرة في الماضي - ولا زالت باسمها إلى الآن
عند اليهود وفي إسرائيل - وهي (الشاقل) أو (الشيكل) sheqel
: تأتي من اللغة الأكادية من جذر كلمة (ش ق ل) : (شِقل) أو (سِقل) وهي قريبة من
الجذر العربي لكلمة (ث ق ل)
وتم استخدام الكلمة
لأول مرة في عام 2150 قبل الميلاد في عهد الإمبراطورية الأكادية تحت حكم نرام سين،
وبعد ذلك في سنة 1700 قبل الميلاد في شريعة حمورابي. ثم الكنعانيين ثم انتقلت إلى
فلسطين (وكل ذلك يشمل وقت إبراهيم عليه السلام كما ذكرنا : بما في ذلك أبنائه
وأحفاده ومنهم يوسف عليه السلام)
حيث ذكرت بعض الروايات
التوراتية أن إبراهيم عليه السلام اشترى مغارة المكفلية التي دفن بها زوجته سارة
بـ 400 شاقل فضي من حاكم المدينة الكنعاني عفرون.
كما جاء ذكره في كتب
اليهود والنصارى في مواضع عديدة
إذن : (الشاقل) أو (الشيكل)
هو وحدة وزن قبل أن يكون علامة على نقود فضية أو ذهبية كما هو مشتهر اليوم - حيث
كان يساوي وزن 32 حبة شعير
نفس الشيء سنجده في
كلمة الدرهم العربية !! وكذلك الدينار والقنطار !! فأغلب الناس يظنون أن الدرهم هو
العملات الفضية - ثم الدينار هو العملات الذهبية - ثم القنطار وهو الكمية الكبيرة
من المال
في حين الصواب أن
الثلاثة - وغيرهم - كانوا أوزانا قبل أن يتم استخدامهم كنقود !! ففي الأمثلة
العربية يقولون :
" درهم وقاية خير من قنطار علاج "
وفي القرآن يقول عز وجل
:
" ومن أهل الكتاب من إن تأمنه بقنطار يؤده إليك ومنهم من إن تأمنه بدينار لا
يؤده إليك إلا ما دمت عليه قائما " آل عمران 75
يعني كان يُستخدم مثل
هذه الأوصاف كأوزان وكنقود وكمجاز للثقل - ويؤكد ذلك الاستخدام للدرهم كوحدة وزن
عالم التاريخ والاجتماع ابن خلدون في مقدمته ص 170 فيقول :
" والمثقال وزنه درهم وثلاثة أسباع درهم فتكون عشرة دراهم بسبعة مثاقيل
"
وكما أن (الشاقل) أو
(الشيكل) كان يختلف وزنه في بعض الأماكن والبلدان (مثل شاقل القدس وشاقل الملك
الذين ورد ذكرهما في كتب اليهود والنصارى) : فكذلك الدرهم اختلفت أوزانه قليلا
وتراوحت بين :
9 و 17 جراما، وكان الشائع منه 11، 14، و 17
المصدر :
Tenney, Merril ed.,
The Zondervan Pictorial Encyclopedia of the Bible, vol. 5, "Weights and
Measures," Grand Rapids, MI: Zondervan, 1976 4.. بحث خاص في كلمة
درهم ووقتها ....
إلى هنا : ويمكن إسقاط
الشبهة بكل سهولة !! حيث ثبت لنا أن التعامل بنقود الفضة كان موجودا منذ قرابة
2500 سنة قبل الميلاد وانتقل من العراق إلى فلسطين باسم (الشيكل) أو (الشاقل) !!
مع ملاحظة أن بيع يوسف عليه السلام لم يتم في مصر - التي يقول صاحب الشبهة أنها
كانت تتعامل بالمقايضة فقط وقتها - وإنما بيعه تم ما بين فلسطين ومصر حيث التعامل
بالقطع الفضية !!!
وإليكم الفقرة التالية
ثم ترجمتها للتأكيد على ذلك :
Sometime before 2500
B.C. a shekel of silver became the standard currency. Tablets listed the price
of timber and grains in shekels of silver. A shekel was equal to about one
third of an ounce, or little more than three pennies in terms of weight. One
month of labor was worth 1 shekel. A liter of barely sold for 3/100ths of
shekel. A slave sold for between 10 and 20 shekels.
No long after shekels
appeared as a means of exchange, kings began levying fines in shekels as a
punishment. Around 2000 B.C., in the city of Eshnunna, a man who bit another
man's nose was fined 60 shekels. A man who slapped another man in the face had
to pay up 20 shekels
في وقت ما قبل 2500 قبل
الميلاد شاقل الفضة أصبح العملة الموحدة. أقراص مدرجة في سعر الأخشاب والحبوب في
شاقل الفضة. وكان الشيكل يساوي حوالي ثلث اوقية (الاونصة)، أو ما يزيد قليلا على
ثلاثة بنسات من حيث الوزن. كان شهر واحد من العمل بقيمة 1 شيكل. ويبلغ سعر اللتر
بالكاد 3 / 100ths
من الشيكل. وكان يُباع العبد ما بين 10 و 20 شيكل.
ولم تمر فترة طويلة من
ظهور الشيكل كوسيلة للتبادل، بدأت الملوك فرض غرامات بالشيكل كنوع من العقاب.
فحوالي 2000 قبل الميلاد، في مدينة اشنونة، تم تغريم رجل عض أنف رجل آخر 60 شيكل.
والرجل الذي يصفع رجل آخر على وجهه عليه غرامة تصل إلى 20 شيكل.
ولذلك يمكننا بكل سهولة
أن نقول أن القرآن عبر عن أوزان الفضة القليلة التي بيع بها يوسف عليه السلام (وهي
الشاقل أو الشيكل) : بالأوزان التي يعرفها العرب للفضة أيضا بنفس القيمة أو قريبا
منها (وهي الدراهم)
أثينا السوداء ...! Black Athena
هذا ليس كابوسا أو فيلما مرعبا :) .. هذا اسم كتاب
شهير من 3 مجلدات للمؤرخ مارتن برنال Martin Bernal واسمه بالكامل :
Black Athena : The
Afroasiatic Roots of Classical Civilization
أو : أثينا السوداء : الجذور الأفرو أسيوية للحضارات الكلاسيكية
وقد صدرت المجلدات في
أعوام 1987 و 1991 و 2006 .. وقد آثار الكتاب بمجلداته الثلاثة ضجة عنيفة في أوساط
الخارج والممجدين خصوصا للحضارة اليونانية ووضعها على (قمة) التمدن والرقي في
الماضي كأول مصدر للتعليم والتجارة الحديثة بالنقود ونحوه ، فلم يسلم الكاتب
بالطبع من الكثير من الطعونات التي نالته بكل لون وشكل : فقط لأنه نقل هذه الحقائق
التي كان مُتفق عليها إلى القرن الثامن عشر : ثم تغيرت (أيدلوجيا فقط للانتصار
للنزعة الأوروبية والإنسان والعرق الأوروبي) في القرن التاسع عشر : ثم تم إيهام
العالم بها في الكتابات إلى اليوم
الرجل باختصار - وفي
الجزء الذي يهمنا هنا - جمع أدلة عديدة - منها الكتابات الشعرية الأثينية نفسها -
والتي تذكر أن الذي تسبب في النهضة اليونانية والأثينية كانوا من آسيا (بلاد
فلسطين وتجارها) و أفريقيا (مصر ومعلميها) وخصوصا (دانوس) المصري، وكل ذلك لا
يهمنا وهو ليس في صلب البحث تماما - ولكن ذكرناه فقط للاستئناس به وعلى الرغم من
أنه (مؤرخ) (متخصص) وغير (مسلم) وغير (عربي) حتى لا نتهمه بالتحيز
ولكننا نعود فنقول :
يفتخر اليونانيون بأنهم أصحاب أقدم عملة في المنطقة وهي العملة الفضية (الدراخما)
قبل ثمانية قرون من الميلاد تقريبا .. ويقولون أنها هي التي أخذها العرب منهم
وأسموها (درهم) !!
والحقيقة أنه لو صح
كلام المؤرخ مارتن برنال Martin Bernal : لكان على ذلك العرب
يستخدمون (الدرهم) قبل اليونانين بقرون : وعنهم انتقل إلى اليونانيين وأثينا وليس
العكس !!
والآن تعالوا ننظر في جذر
الكلمات نفسها وأصل معانيها
1- لو كان العرب أخذوا
وزن (الدراخما) من اليونانيين : فلماذا يستبدلون حرف (الخاء) رغم أنه من الحروف
الأصيلة في اللغة العربية !! حيث كان المنطقي هنا أنهم سيسمونها (درخم) أو حتى
(دركم) أو (درقم) وليس (درهم) !! ولكن العكس صحيح !! حيث معلوم صعوبة نطق البلدان
الأوروبية وحضاراتها لبعض الحروف العربية ومنها (الهاء) في بمنى كلمة مثل (درهم)
حيث يميلون لنطقها (درخم) أو (دراخما) Drachma
2- لو صح ذلك : لكان
منطقيا أكثر أن الكلمة انتقلت من العرب شرقا إلى الفرس (درهم) كما انتقلت إلى
اليونان في الغرب !! هذا أسهل بكثير من القول بأن الكلمة (دراخما) تحورت إلى
(درهم) لتغزو شرقا كلا من بلاد العرب ثم الفرس على التوالي !!
3- معلوم أن الكلمات
العربية الأصيلة : تجد لها معاني أصلية في اللغة .. مثلا الفضة : هي الحجارة
المجتمعة المتشققة .. وإذا بحثنا في أصل "فض" سنجد : فض الشيء : أي كسره
.. ومنها قولهم في مدح القائل : "لا فض فوك" أي لا نثرت أسنانك ولا
فُرقت
4- فإذا عدنا لكلمة
"درهم" نجدها مؤلفة من أربعة حروف صوتية. وإذا كانت من كلام العرب
القديم فعلا : فإنها لا يمكن أن تكون رباعية الحروف صحيحة .. إذن فهي من الثنائي
المتوالف مثل "فرقع" و "خردق" و "طحلب" و
"جمهر" ونحو أربعة آلاف كلمة في العربية مثلها. وفعلاً، نجد أن الكلمة
ليست كلمة واحدة بل كلمتين مركبتين من ثنائيين هما :
(در) : وهي في اللغة
مثل "ذر" أي : الذرات أو التبر .. ومعلوم أن تخفيف الذال بالدال شائع في
كل اللهجات والعصور، فأهل الشام ومصر يقولون "دُرة“ في "ذرة" و
"دَردر" في "ذَرذر" أي سقط مما يحمله الذر أو الفتات. وكثير من
الشاميين وغيرهم كذلك يقول "دهب" بدلاً من "ذهب" و
"هادا" عوضاً عن "هذا" ومثيلات هذا كثير.