حصاد "جداريات" اليوم

  • جداريات 2
  • الأحد 05 يوليو 2020, 01:25 صباحا
  • 711
جامعة القاهرة

جامعة القاهرة

نشر موقع "جداريات" على مدار اليوم حزمة متنوعة من الموضوعات، نعيد التذكير ببعض منها:


د. هيثم طلعت يكتب: الحياة

 

الوقت المنصرم منذ نشأة الكون إلى وقتنا الحالي غير كافٍ لنشأة عُضية واحدة من مئات العُضيات الموجودة داخل السيانو باكترياCyanobacteria أول الكائنات على وجه الأرض على الإطلاق،" فالسيانو باكتريا أول كائن ظهر على وجه الأرض طبقًا للداروينية لأنه لو لم يظهر هو لما ظهر أي كائن آخر فهو مصدر الأوكسجين الذي سمح لبقية الكائنات بالظهور". والعُضية الواحدة من عضيات السيانوباكتريا بها تشفير معلوماتي داخل الشريط الوراثي يتجاوز 1500 بت أو حرف– والبِت هي وحدة تشفير – لو ظهرت بِت واحدة مكان أُخرى ما نشأت السيانو باكتريا ولا قامت بوظيفتها، وهذا يعني 1500 حرف بمنتهى التنسيق والضبط، في حين أن عمر الكون كله لا يسمح إلا بظهور 34 بت بحساب نظرية الإحتمالات، لأنه قد مضى منذ الإنفجار الكبير 10 أس 17 ثانية فقط وهي تعادل 14 مليار سنة، و34 بت تحتاج إلى 10 أس 17 ثانية من أجل الوصول إلى الترتيب الصحيح وهو عمر الكون- هذا في حال افترضنا أن هناك بتِ جديدة تضاف كل ثانية-.


لكن عضية واحدة من مئات العضيات التي تعمل معًا داخل السيانوباكتريا تحتاج كحد أدنى 10 أس 750 ثانية لتشكيل 1500 بت وهو ما يعني مليارات مليارات أضعاف عمر الكون.


أمام هذه المعضلة افترض الملحد ريتشارد داوكينز بصحبة برنامج ريتشارد هارديسون أن هناك برنامج سيحتفظ بالحروف الجديدة الصحيحة- البتات الصحيحة- ثم يبني عليها بعشوائية وهكذا إلى أن يصل إلى الحرف الجديد الصحيح حتى تكتمل 1500 بتِ الأولى في أول عضية من عضيات السيانو باكتريا.
لكن لم يقل لنا عبقري كل الأزمنة وفلتة العقلاء، ماذا سيحدث لو تم الاحتفاظ بحرف خاطيء ؟ ألا يعني ذلك توقف التجربة لأن العضية لن تتشكل وستهلك السيانوباكتريا فورًا ؟


ولم يقل لنا ما هي الآلية التي ستعيد الحروف مرةً أخرى ؟
وكيف نسي العلامة أن برنامج الكمبيوتر يحتاج لوعي وتصميم وإرادة وصنع وضبط ومعايرة دقيقة، فلماذا اشترط ذلك في تجربته ورفض أن ينسبه للخالق في بيئة الأرض الأولى ؟ 


بل إن ظهور الشيء لا يعني دوام استمراره فما معنى تشكيل عشر بتات ؟ ما الذي يضمن استمراريتهم أو وجود معنى لهم أصلاً، وما قيمتهم الوظيفية حتى تحتفظ بهم السيانوباكتريا التي لم تتشكل بعد، وكيف تتحول بتات ملتصقة إلى وظيفة حياتية تخصصية داخل كائن آخر؟


ثم ألا تدل آلية خلق الحياة إلى خالق يعجز كل جهابذة الأرض عن محاكاة أبسط حياة ثم يفترضون ظهورها بالصدفة في كل مكان ؟


لماذا أمام كل هذه البديهيات يرفضون الخالق ويفترضون المستحيل العقلي ؟ 


ثم لم يقل لنا الفلتة النحرير كيف تخلق لنا البتات منظومة معرفية تُعطي وظيفة؟ فالبتات كالكلمات المكتوبة على ورق تصف هيئة وظيفية بطريقة رمزية! كيف تتحول هذه الرموز إلى وظيفة حيوية داخل الكائن الحي الأول، كيف يتم فك الترميز ثم إنتاج معطى وظيفي حيوي، والسؤال الأهم: مَن الذي قام بالترميز قبل أن يتم فكه وما أدرى الكائن بحاجته إليه ليتم ترميزه ثم استخدامه في المستقبل وقت الحاجة؟


ثم كيف يكون الكائن الحي على علم مسبق بمجموعة البتات المطلوبة – 1500 بت- في كل عضية، وهو لم ينشأ بعد ولم يقم بأي وظيفة ؟ 


وكيف يكون على علم مسبق بما يريد بحيث يحتفظ بالبتات الصحيحة ويترك الخاطئة ؟


ولو لم تكن هناك خطة مسبقة كاملة للسيانوباكتريا، فكيف توجد التخصيصة الوظيفية للعضيات ؟


أيهما أقرب للمنطق والعقل؛ الإيمان بهذه المستحيلات العقلية التي مستحيل عقلي واحد منها كفيل بترك القضية بالكلية، أم الإيمان بالخالق الذي توافرت الأدلة والقرائن على روعة صنعه وضبط خلقه وقدرته؟


نعلم أن الإيمان بالمستحيل العقلي لا يكلف شيئًا، لذا هو أسهل في عقل كاره للدين وهارب من تكاليف الشرع، وهذا هو المبرر الوحيد للإلحاد! 
فبرنامج الكمبيوتر الذي يفحص المتتابعات ويختار أكثرها شبهًا بالتتابع المطلوب الذي تم تحديده مسبقًا، يعني أن العملية تجاوزت التطور العشوائي إلى تصميم واختيار ذكي للوصول إلى تتابع تم تحديده مسبقًا بتوجيه من عقل خارجي، فهذا خلق موجه نحو غاية محددة مسبقًا يهيمن عليها عقل ذكي، وهذا غاية ما يريد المؤمن من الملحد الاعتراف به!


فالتطور عشوائي وليس عقلاني وليس له أي دور إنشائي، ثم إن المحاولات المتكررة لجمع 1500 بت هي وقائع مستقلة 
independent events ،محاولات لا يؤثر بعضها في بعض، فمثلاً لو تضخمت الأحماض الأمينية مليارت مليارات المرات، فستظل النسبة الإحتمالية هي نفسها في كل مرة، لأن المحاولات وقائع مستقلة وكل مجموعة أحماض أمينية تتصرف بانعزال عن بعضها البعض فتظل نفس الاحتمالية بنفس القيمة قائمة، وهذا يُسقط مفهوم الصدفوية ككل.


المشكلة أن ريتشارد داوكينز ببرنامج ريتشارد هارديسون يطلب هدف مُحدد منذ البداية يسعى البرنامج إليه، وفي كل مرة يقوم الكمبيوتر بمقارنة النتائج وفحصها للاحتفاظ بالحروف المبرمجة لديه واستبعاد الباقي، إنه تدبير موجه برعاية خاصة وعناية فائقتين وعقل ذكي ووعي وحكمة وإرادة وقصد وهذا غاية ما يحدثكم عنه المؤمن في قضية الخلق.


تعرف على إرشادت جامعة القاهرة لحضور الامتحانات


تحت شعار في التباعد حياة أعلنت جامعة القاهرة، عددا من النصائح والإرشادات العامة للحفاظ على سلامة طلاب السنوات النهائية خلال فترة انعقاد الامتحانات الحضورية التحريرية، والتي تجرى وفق قرارات وزارة التعليم العالي والمجلس الأعلى للجامعات، وتبدأ في جامعة القاهرة اعتبارًا من 11 يوليو وحتى 25 أغسطس، لأكثر من 80 ألف طالب وطالبة.

وتضمنت إرشادات جامعة القاهرة: التواجد بالكلية قبل موعد الامتحان بساعة، وإحضار الكارنيه الجامعي، والالتزم بارتداء الكمامة، والدخول من بوابات التعقيم، واتباع العلامات الإرشادية، والتوجه إلى المكان المخصص للامتحانات دون تدافع أو تزاحم، والالتزام بالتباعد الاجتماعي، وترك مسافة لاتقل عن 2 متر على الأقل عند الدخول والخروج وعند الحديث والتعامل مع أي شخص.

وشملت نصائح جامعة القاهرة لطلابها، تجنب المصافحة، وتجنب لمس الوجه، واستخدام مطهرات الأيدي لغسل اليدين، وعدم التجمع قبل الامتحان أو بعده، والتوقيع في كشف الحضور والانصراف بقلم خاص، وحظر تبادل الأدوات المكتبية أو الشخصية مع الغير، وضرورة احضار الاحتياجات الشخصية مثل "مياه للشرب وغيرها"، ومغادرة الجامعة فور الانتهاء من أداء الامتحان دون تدافع أو تزاحم.

وأكد الدكتور محمد عثمان الخشت رئيس الجامعة أن جميع المشاركين في منظومة امتحانات السنوات النهائية والدراسات العليا من أعضاء هيئة التدريس والعاملين والطلاب ملزمين بارتداء الكمامات والتباعد الاجتماعي والدخول من بوابات التعقيم، ومنع التجمعات أو التدافع.

كما أكد رئيس جامعة القاهرة، أن الحفاظ على سلامة الطلاب والأساتذة والعاملين خلال انعقاد الامتحانات يأتي في المرتبة الأولى وفوق أي اعتبار؛ واتخاذ الإجراءات الصارمة والتدابير اللازمة للوقاية من فيروس كورونا المستجد من حيث إجراء عمليات التطهير يوميًا في كافة الأماكن التي ستجري بها الامتحانات وذلك حفاظًا على صحة جميع المشاركين في المنظومة التعليمية.

وشدد الدكتور الخشت،رئيس الجامعة، على توافر لجان طبية متخصصة من لجان مكافحة العدوى داخل الحرم الجامعي وفي الكليات للتعامل الطبي مع أي حالة اشتباه وذلك وفقًا للإجراءات الطبية المقررة من وزارة الصحة ومنظمة الصحة العالمية، إلى جانب تشكيل لجنة عليا في إدارة الجامعة لمتابعة تنفيذ القواعد والإجراءات الاحترازية المقررة بشكل يومي من خلال اللجان العليا المشكلة بكل كلية.



ترامب: أطفالنا يتعملون كراهية أمريكا في المدارس.. وعلينا تصحيح التاريخ

اتهم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المدارس بتعليم الأطفال كراهية البلاد مؤكدا أن أمريكا "تشهد  حملة وحشية لمحو تاريخنا، وتشويه سمعة قادتنا، ومحو قيمنا كما يتم تربية أطفالنا على هذا الأمر".

 وتطرق ترامب، خلال خطاب ألقاه بمناسبة عيد الاستقلال من أمام جبل راشمور في ولاية داكوتا الجنوبية إلى المظاهرات الجارية في البلاد وهدم تماثيل قادة الكونفدرالية، أنه لنا يسمح بهدم تاريخ قادة أمريكا، مؤكدا أن "العنف وأعمال التخريب التي نشاهدها في شوارعنا ومدننا والتي يديرها الليبراليون الديمقراطيون هي نتيجة لسنوات من التلقين المتطرف والانحراف في التعليم والصحافة وغيرها من المؤسسات الثقافية".

وتابع: "يتعلم أطفالنا في المدارس كره بلدهم وأن الرجال والسيدات الذين ساعدوا في بنائها ليسو أبطالا بل أشرارا"، ومضى قائلا: "شبكة من الأكاذيب، هكذا يرى الراديكاليون تاريخنا، مؤكدا أنه رغبته في "تصحيح التاريخ" ضد الروايات اليسارية، متهما خصومه بمحاولة إعادة كتابة ومحو المعتقدات القائمة.

وشهد الرئيس الأمريكي عرضا للألعاب النارية بمناسبة عيد الاستقلال وقد أثار حضور آلاف الأشخاص الاحتفال والذي يتميز بالصور المنحوتة الضخمة لأربعة رؤساء أمريكيين، مخاوف من انتشار فيروس كورونا المستجد "كوفيد-19"، والتسبب في أضرار بيئية.


د. عزوز علي إسماعيل يكتب: الردُّ على ما كتب من عتبات النص


الرَّدُّ على ما كُتبَ مُصْطَلحٌ من مُصْطَلَحَاتِ عَتَبَاتِ النَّصِّ، لأنَّ الرَّدَّ على ما كُتبَ عن عملٍ يبين الرَّأي فيما كُتبَ عن العَمَلِ، بالسَّلب كان أم بالإيجاب، وهو ما يمكن وصفه بنقد النَّقدِ، سواءً أكانَ مِـنْ المُؤلِّفِ ليردَّ عمَّا كُتِبَ عن عمله أم من كاتبٍ آخر يردَّ عما كتبَ عن عملٍ آخر، كما حدثَ مع كُتَّابٍ كبارٍ في بداية القرن الماضي، وكانت المَعَارِكُ النَّـقدِيَّةُ خيرَ دليلٍ على ذلك، فأصبحتْ تلك المَعَارِكُ عَتَبَاتٍ نصِّـيَّةً حقيقيةً على النُّصوصِ، بل يمكنُ لنا أن نتجاوزَ ذلك ونقول: إنَّ تلك السِّجالات التي كانتْ مع مطلعِ القرن الماضي ما هي إلا عتباتٌ ثقافيةٌ على نضوج الحركة الفكرية في هذا التَّوقيت، فما كانَ بين أحمد شَوْقِي وعباس محمود العقَّاد يدلل على أن لكلٍّ الحقَّ في الردِّ عما وجه إليه. وما كتاب "على السَّفُّودِ" لمصطفى صادق الرَّافِعِيِّ في بدايةِ القَرْنِ الماضِي إلا دليلٌ على ذلك، وكانَ الكِتَابُ موجهاً لعباس محمود العقاد، حيث حوى عدداً من المقالاتِ كانتْ قد نُشِرَتْ في مجلةِ "العُصُوْرِ"، التي كان قد أصدرها إسماعيل مظهر 1927، وحين طلب إسماعيل مظهر من الرافعي كتابة سلسلةٍ من المقالاتِ في النَّـقْدِ، فقد وجدها الرَّافِعِيُّ فرصةً للرَّدِّ على العقَّاد. من هنا لا بُـدَّ وأنْ نَقُوْل: إنَّ المَعْرَكَةَ التي كانت بين مصطفى صادق الرَّافعِي والعقَّاد من أصعبِ المَعَارِكِ الأدبية، وتُعتبر رداً على ما كُتِبُ، ويدخل ضمن عَتَبَاتِ النَّــصِّ. وقد كانت الخصومةُ الأدبية بين العقَّاد والرَّافعي قد بدأتْ بعد طباعة كتاب"إعجاز القرآن والبلاغة النبوية " 1912 للرَّافعي، ولولا ما كتبه العقَّاد عن "إعجاز القرآن" للرَّافعي ما تنبأ أحدٌ إلى أهمية هذا الكتابِ، حتى ولو كانت الكتابةُ فيها تجنٍ على صاحب الكتاب، وكانت الخصومة قد بدأت حين التقى الرَّافعيُّ بالعقَّاد في مقَرِّ مجلَّة "المقتطَف" سنة 1929م ويسأل الرَّافعي العقَّـادَ عن رأيه في الكتابِ، وقد ضاقَ ذرعاً العقاد بتقديم سعد زغلول للكتاب، لدرجة أنَّ العقَّـاد اتهم الرَّافعي بالانتحال وتزوير ما قاله سعد زغلول، ومن هنا اشتد الرَّافعي غضباً مما قاله العقَّادُ؛ حيث سفَّه الكتاب، على الرغم أنَّ الكتابَ لاقى قبولاً من الأدباء والنقَّاد، وقد كَتَبَ العقاد مقالةً حملت عنوان: "فائدة من أفكوهة" عقب فيها على الكتابِ وأكَّـدَ اضطراب القياسِ عند الرَّافعي، فضلاً عن تصدي العقاد للرَّافعي في نقده لشَوْقِي اتَّهمه فيه بسرقة الجزء الأول من "الديوان"، اتسمت مقالة العقَّاد بالشِّدَةِ والقسوة والسُّخرية والهجوم على شخص الرافعيِّ. الأمر الذي دعا الرَّافعيَّ إلى أنْ يخطَّ عدداً من المقالات، جُمعتْ في كتاب "على السَّفُّود" يقول في مقدمتها دون موارَبَةٍ: "وأمَّا بَعْدُ.. فإنَّا نكشفُ في هذه المقالات عن غرورٍ مُلفَّفٍ، ودعوى مغطاة، وننتقد فيها الكاتب الشَّاعر الفيلسوف!!! (عباس محمود العقَّاد) وما إياه أردنا، ولا بخاصته نعبأ به، ولكن لمن حوله نكشفه، ولفائدة هؤلاء عرضنا له. والرَّجل في الأدب كورقةِ البنك، المزورةِ، هي في ذاتِ نفسها ورقة كالورق، ولكن من ينخدع فيها لا يغرم قيمتها، بل قيمة الرَّقم الذي عليها، وهذا من شؤمها، ومن هذا الشؤم حق البيان على مَن يعرفها"

وفي مقالة أخرى للرَّافعي يهجو فيها العقاد وكتابته ويتهمه بالسَّرقة حملت عنوان "عضلاتٌ من شراميط" منشورةٌ في مجلةِ " العُصُوْرِ": "قلنا: إنَّ هذا العقَّادَ لصٌ من أخبث لصوص الأدب، لأنَّه - مع هذه اللصوصية-  يدعي دائمًا ملكية ما يَسْرِقهَ، ومع هذه الوقاحة في الادعاء يحقدُ على كلِّ منْ يملك شيئًا من مواهب لله، ومع هذا الحقد الدنيء لا يتصور النَّاسُ إلا على أمثلة من نفسه". من هنا فإنَّ المقالاتِ المختلفةَ حول الأعمال الأدبية تُظهر تلك الأعمال، وتَصْبَحُ عَتَبَاتٍ نصيةً، حيث إنَّها قد أضاءتْ لنا جميعاً تلك النصوص، ومن الممكن أن نقرأها بعد قراءة تلك الانتقادات من هنا وهناك.. وما المَعَارِكُ النَّـقْدية إلا عتباتٌ نصيةٌ.

وللعلم وطالما أنَّنا في حضرة عَتَبَاتِ النُّصوصِ، فإنَّني قد كَتَبْتُ مقالةً للرَّدِ على الذين يتطاولون على دراساتِ عَتَبَاتِ النُّصوص عنوانها "الرَّدُّ على الفصوص فيما ادعوه عن عَتَبَاتِ النُّصوص" قلتُ في بدايتها:" من يدخل البيت دون طرق الباب – وهو غريب عنه- فهو لصُّ ". من لم يفهم دلالة "عتبات النصوص" فهو ليس بناقدٍ، ومن يتطاول على هامات "عتبات النصوص" فهو أبله، ومن يصفها بالفلسِ فهو المُفلسُ، ومن يصفها بالكذب فهو الكذوب، ومن يصفها بأي صفةٍ لا تليق بالدرس النَّقدي الذي من المفترض أن يبحث عن الجديد فهي صفةٌ فيه، ودليلٌ على إدانته النَّقدية، وتقاعسِه عن البحثِ والتَّنْقيبِ، وكيفَ أنَّ عَتَبَاتِ النَّـصِّ، هي مفاتيحُ العَمَلِ، ومن لم يُحسن فهمها لن يستطيع التقدم قيد أنملة في نقده وبحثه للنَّـصِّ، وإلا سنعود إلى الدرس البنيوي الذي وصف فيما بعد بأنه أصابه عوار في بعض جوانبه. ولكنَّه على كل حال درسٌ لغوي تقبله الذائقةُ، شريطة وجود المؤلِّف وعدم إماتته. النَّصُّ من أوله إلى آخره هو كيانٌ بما فيه من عَتَبَاتٍ مختلفةٍ تَضخُّ فيه الروحُ، وتبعث فيه الحياة.. أما من تقوَّل بذلك فهو لم يطلع على الدراسات الحديثة ولم يعِ التراث جيداً ولم يقرأ فيه شيئاً لذلك أقول له: ألمْ يقل لكم جدكم المقريزي في خططه "اعلَمْ أنَّ عَادةَ القُدمَاءِ مِـنْ المُعَـلِّمِين قَـدْ جَرَتْ أنْ يأتُوا بالرِّؤوسِ الثَّـمَانِيةِ قَبْل افْتِتَاحِ كُـلِّ كِتَابٍ, وهي: الغَرَضُ, العنوانُ, المَنْفَعَةُ, والمَرْتَبَةُ, وصِحةُ الكِتَـابِ, ومِنْ أي صِنَاعَةٍ هو, وكَمْ فيه مِـنْ أجزَاء, وأي أنحَاء التَّعاليمِ المُسْتَعْمَلةِ فيه"، وهو ما يشبه خطة لبحثٍ علمي تقوم من أجله الجامعات وتقعد. ألم يقل لكم جدكُم أبو عثْمان بن بحر الجاحظ:"إن لابتداء الكلام فتنة وعجبا"، وهو من عتبات النُّصوص. ألم يقل لكم جدكم ضياء الدين ابن الأثير"إن الكاتب من أجاد المقطع والمطلع" واحتفى كذلك بعتبات الكتابة في كتابه "المثل السَّائر في أدب الكاتب والشَّاعر" فيقول في صناعة الكتابة: "اعلمْ أنَّ للكتابة شرائطَ وأركاناً" وهو بذلك يدرب الكاتب والشَّاعر على عتبات النُّصوص, سواء أكان في النَّثر أم الشِّعر, فيعدد شرائط الكتابة وأركانها. ويتناول أهمية البدايات في قوله: "إنِّما خُصَّـت الابتداءاتُ بالاختيار؛ لأنَّها أول ما يطرق السَّمع من الكلام؛ فإذا كان الابتداءُ لائقاً بالمعنى الوارد بعده توَفَّرتْ الدواعي على استماعه، أيها المخبولون اعلموا أولاً: أنَّه وبعد أنْ عَجَزَتْ البَـلاغةُ القَدِيمَةُ عَنْ مُسَايَرَةِ النُّصوصِ وتَفْسِيرِها أصْـبَحَتْ الشِّعريَّةُ هي المَلاذُ الآمِنُ لمَعْرِفَةِ السُّـبل التي تُسَاعِدُ عَلَى فَـكِّ طَلاسمِ النُّصوصِ وعَتَبَاتِها. من هنا أيضاً، فإنَّ هذه المقالة ردٌ على ما كتب، والردُّ على ما كتب عتبةٌ نصيةٌ.  ونضيف إلى ما سبق كتاباً آخر حمل عنوان" الرَّدُّ على البهتانِ في رواية يوسف زيدان عزازيل" للأنبا بيشوي مطران دمياط "وهو كتابٌ خصَصَه المؤلِّفُ للرَّدِّ عما تقوَّل به زيدان في أمور تخصُّ الكنيسَةَ وكيف أنَّه سَرَقَ مَخْطُوْطَاتٍ من مكتبة الإسكندرية ضمنها رواية "عزازيل".. لكلِّ ما سبق فقد تأكد أن الرَّدَّ على ما كُـتِبَ من الأهمية بمكان؛ لأنه يجعلنا نعود إلى النَّصِّ الأصلي؛ سواء أكان ما كتب عنه بالسَّلب أم بالإيجاب، ليصبح عتبة ندخل من خلالها عالم النص.


أحمد عبد الكريم يكتب: من النافذة"13"..  أصحاب المائة وجه


على مر العصور وفي كل المجتمعات نجدهم منتشرين فهم أساتذة في تغيير لون جلودهم وهم بمائة وجه.. فالواحد منهم يقابلك بوجه ويعطيك من طرف اللسان حلاوة ومن وراء ظهرك يتحدث عنك بوجه آخر وكلمات غير التي تحدث بها أمامك.. هو يأخذك بالأحضان والقبلات وفي غيابك ينم عليك.. وهكذا يفعل أو تفعل مع الآخرين.. 

ولهذا عندما اتصلت بي صديقتي العزيزة وهي متأثرة وحزينة واستفسرت منها عن سبب حزنها الذي عرفته من خلال صوتها فقالت لي: هل تصدق يا صديقي أن صديقتي فلانة التي تقابلني بالأحضان والقبلات وتسمعني أحلى الكلمات..  ها تصدق أنها تتحدث عني مع بعض صديقاتي بصورة غير لائقة وتقلل من شأني وتسخر مني؟! 

قلت لها: لاتحزني يا صديقتي فهذه النماذج منتشرة في كل المجتمعات وهم ضعاف النفوس وصديقتك هذه التي تظهر لك وجها جميلا ومن خلفك تظهر بوجه آخر تفسر عن مدى حقدها عليك والغيرة واضحة في تصرفها..  

قالت صديقتي: لكنني أعاملها بكل حب واحترام وتقدير وهكذا أتعامل مع الجميع ولا أضمر شرا لأحد..  فلماذا تقابلني بوجه غير الذي تظهره خلف ظهري؟!  

قلت لها: يا عزيزتي هناك أناس مثل العقارب..  فالعقرب يلدغ الإنسان بدون أي سبب..  فالإنسان لم يفعل شيئا للعقرب حتى يلدغه ولكن هي طبيعته اللدغ والأذي.. 

وعموما علينا أن نتعامل مع الظاهر وأما الباطن فهو على الله..  ومثل هؤلاء ينكشفون بسرعة كما انكشفت لك صديقتك عندما علمت بطريق الصدفة حقد هذه الصديقة عليك..  وهي في الحقيقة لا تعد صديقة.. وعليك أن تتوقعي مثل هذه الشخصيات سواء من النساء أو الرجال..  فكلما زاد نجاحك وتألقك سوف يزيد عدد الحاقدين عليك..  فلا تنظري إلى هؤلاء وانظري إلى الأمام دائما ولا تحزني على مثل هؤلاء ولا تصدقين كل كلمات الإعجاب والإطراء فمعظم قائلوها هم من المنافقين.

تعليقات