الله والكون المعقد.. عالم أحياء يثبت وجود الخالق بـ"زهرة وفراشة"
صورة تعبيرية
يتعدد الملحدون
وتتعدد نظرياتهم في الكون والطبيعة والخلق والخالق وتكثر أقوالهم المتضاربة حول
أمومة الطبيعة لهم أو تعدد الأكوان أو الانفجار العظيم وغيرها من النظريات، وفي
الجبهة الأخرى كان هناك من المفكرين والكتاب الذين جابهوا الأفكار الإلحادية
بأسلوب منهجي علمي، والكاتب الذي نعتمد عليه هنا هو عالم في الوراثة أستاذ علم الأحياء والفسيولوجيا بكلية
المعلمين بكونكورديا منذ سنة 1945 عضو جمعية الدراسات، الذي ينسف خرافات الملاحدة
وزعمهم المكذوب بعدم وجود إله خالق للكون، منطلقا من حقائق علمية مفحمة للملاحدة.
في مقال له
بعنوان "الله والكون المعقد" يقول "كلوتس"، إن هذا العالم الذي نعيش فيه، قد
بلغ من الإتقان والتعقيد درجة تجعل من المحال أن يكون قد نشأ بمحض المصادفة. إنه مليء
بالروائع والأمور المعقدة التي تحتاج إلى مدبر، والتي لا
يمكن نسبتها إلى قدر أعمى. ولا شك أن العلوم قد ساعدتنا على زيادة فهم وتقدير ظواهر
هذا الكون المعقدة. وهي بذلك تزيد من معرفتنا بالله ومن إيماننا بوجوده.
ومن التعقيدات
الطريفة في هذا الكون، ما نشاهده من العلاقات التوافقية الاضطرارية بين الأشياء أحيانا.
ومن أمثلتها العلاقة الموجودة بين فراشة اليوكا ونبات اليوكا وهو احد النباتات الزنبقية.
فزهرة اليوكا تتدلى إلى أسفل ويكون الجزيء
من الزهور الذي
يتلقى حبوب اللقاح، فانه يكون على شكل الكأس وهو موضوع بطريقة، يستحيل معها أن تسقط
فيه حبوب اللقاح، ولا بد أن تنتقل هذه الحبوب بوساطة فراشة اليوكا التي تبدأ عملها
بعد مغيب الشمس بقليل، فتجمع كمية من حبوب اللقاح من متك الأزهار التي تزورها وتحفظها
في فمها الذي بني بطريقة خاصة لأداء هذا العمل. ثم تطير الفراشة إلى
نبات آخر من نفس النوع وتثقب مبيضها بجهاز خاص في مؤخر جسمها، ينتهي بطرف مدبب يشبه
الإبرة وينزل منه البيض. وتضع الفراشة بيضة او اكثر ثم تزحف إلى أسفل الزهرة حتى تصل
إلى القلم، وهنالك تترك ما جمعته من حبوب اللقاح على صورة كرة فوق ميسم الزهرة. وينتج
النبات عددا كبيرا من الحبوب يستخدم بعضها طعاما ليرقة الفراشة وينضح بعضها لكي يواصل
دورة الحياة.
ويضيف كلوتس: وهنالك
علاقة مشابهة بين نبات التين ومجموعة من الزنابير الصغيرة. وينتج هذا النبات نوعين
من مجموعات الأزهار يحتوي أحدهما على الأزهار المذكرة والمؤنثة معا. أما الآخر فجميع
أزهاره مؤنثة. ويقوم بتلقيح الأزهار
المؤنثة في كلا النوعين السابقين إناث الزنابير. وتكون فتحة التخت الذي يحمل مجموعات
الازهار في كلا النوعين ضيقة إلى حد كبير بسبب احاطتها بكثير من الأوراق الحرشفية،
مما يجعل وصول الحشرة إلى الداخل يتم بصعوبة كبيرة ويؤدي إلى تمزق أجنحتها. وعندما
تدخل الحشرة إلى المجموعة التي تشتمل على الازهار الذكريةوالأنثوية، تضع
الحشرة الانثى بيضها ثم تموت، ثم ينقف البيض وتتزاوج الشفافير الصغيرة الناتجة، ولا
يستطيع أن يخرج منها سوى الإناث، أما الذكور فتموت، وقبل أن تخرج الإناث تلتصق هبوات
اللقح بأجسامها فتحملها إلى مجموعات جديدة من الأزهار. فإذا كانت المجموعة الجديدة
تشتمل على أزهار ذكور وأخرى إناث، فإن العملية تتكرر بالصورة السابقة، أما أذا اشتملت
المجموعة على أزهار اناث فقط، فان الفراشة تموت دون أن تضع البيض. ففي هذه الحالة تكون
الأزهار الإناث على درجة من الطول بحيث لا تستطيع أن تصل الحشرة إلى قاعدتها لكي تضع
البيض هنالك، وعندما تحاول الحشرة أن تصل إلى هذه القاعدة العميقة دون جدوى تلقح الأزهار
بما تحمله من هبوات اللقح، ثم تنضح الأزهار وتكون
ثمار التين. وعندما أدخل التين إلى الولايات المتحدة لأول مرة لم يكن ينتج ثمارا،
ولم يمكن إنتاج الثمار وقيام صناعة التين إلا بعد أن جلبت الشفافير إلى الولايات
المتحدة.
ويستطرد
كلوتس: وهنالك كثير من الأزهار التي تسجن الحشرات داخلها، ومن أمثلتها الزهرة المسماة
(جاك في المقصورة) jack – in – the – pulpit ولهذا النبات نوعان من المجموعات الزهرية، ذكور وإناث.
وهي تتكون داخل مقصورات تضيق عند منتصفها. ويتم التلقيح بوساطة ذبابة دقيقة تدخال إلى
المقصورة ولا تكاد تجتاز المنطقة الضيقة الوسطى حتى تجد نفسها سجينة، ليس بسبب الضيق
فحسب، بل بسبب تغطية الجدران الداخلية بمادة شمعية منزلقة يتعذر معها على الحشرة ان
تثبت اقدامها، وعندئذ تدور الحشرة بصورة جنونية داخل المكان، فتعلق هبوات اللقح بجسمها.
وبعد قليل تتصلب جوانب المقصورة بعض الشيء فتستطيع الحشرة الخروج بعد ان يكون جسمها
قد تغطى بهبوات اللقح. فإذا زارت الحشرة مقصورة مذكرة اخرى تكررت العملية السابقة،
أما اذا دخلت مقصورة انثى فإنها تسجن في داخلها سجنا دائما حتى تموت هي، وعند محاولتها
اليائسة للخروج، تقوم بتلقيحها الأزهار الأنثى. إن النبات في هذه الحالة لا يهتم بخروج
الحشرة لأنها تكون قد أدت رسالتها، أما عند زيارتها للمقصورات المذكرة، فانه يسمح لها
بالخروج لأنها لا تكون
قد أدت رسالتها بعد.
ويتساءل كلوتس:
أفلا تدل كل هذه الشواهد على وجود الله؟ إنه من الصعب على عقولنا أن تتصور أن كل هذا التوافق العجيب
قد تم بمحض المصادفة، أنه لا بد أن يكون نتيجة توجيه محكم أحتاج إلى قدرة وتدبير.