حسان بن عابد: المهارات الغريزية في عالم الحيوان دلالة واضحة على العناية الإلهية (فيديو)
- السبت 23 نوفمبر 2024
أحمد شحاتة احمد..معد تليفزيوني وإذاعي كبير
حين أزاح اللورد "كارتر"
الستار عن كشفه الأثري المهم، وهو مقبرة الملك الفرعوني "توت عنخ آمون"،
لم يكن يعلم ماهية الزيت الأسود اللون الذي وجد ضمن مقتنيات هذا الملك الشاب،
والذي عرف فيما بعد بزيت "حبة البركة" أو "الحبة السوداء".
وقد عرف المصريون القدماء نبات حبة
البركة، ولكن لم يعرف على وجه التحديد كيف استخدموه في حياتهم اليومية، وكانوا
يعرفونه باسم "شنتت".
إلا أن اكتشاف زيت هذا النبات ضمن
مقتنيات أحد ملوكهم يدل بصورة قاطعة على مدى أهمية هذا النبات في هذه الفترة.
ويشير العهد القديم في سفر
"أشعياء" إلى أهمية حبة البركة والطرق المتبعة حينئذ للحصول على الزيت،
وقد عرف العبرانيون النبات الذي كان ينمو بصورة واسعة في مصر وسوريا، باسم
"كيتساه".
وكتب "ديسكوريدس" - وهو طبيب
يوناني شهير عاش في القرن الأول الميلادي - أن "بذور" حبة البركة كانت
تستخدم في علاج الصداع واحتقان الأنف وآلام الأسنان، بالإضافة إلى استخدامها لطرد
الديدان، كذلك استخدمت كمدر للبول واللبن.
أما في التراث الإسلامي، فقد ورد حديث
في صحيح البخاري عن عائشة - رضي الله عنها - أنها قالت: قال رسول الله - صلى الله
عليه وسلم: "إن هذه الحبة السوداء شفاء من كل داء إلا السام، قلت: وما السام؟
قال الموت".
وقد كتب البيروني وهو من علماء
المسلمين عن الأصل الهندي لهذا النبات ومدى قيمته الغذائية والصحية، وتحتل حبة
البركة في الطب اليوناني/العربي- الذي وضع أسسه "هيبوقراتس" و"جالن"
و"ابن سينا"- مكانة كبيرة.
حيث كانت لها أهمية كبيرة في علاج أمراض الكبد
والجهاز الهضمي. وفي كتابه الشهير "القانون في الطب"، يرى ابن سينا أن
حبة البركة يمكن أن تحفز الطاقة وتساعد على التغلب على الإرهاق والإجهاد.
وقد يتساءل البعض: ما هي حبة البركة؟
ونجيب بأنها عشب نباتي ينمو سنويًّا في
منطقة البحر الأبيض المتوسط، ولكنه يزرع في مناطق عديدة أخرى في شمال أفريقيا
وآسيا والجزيرة العربية.
والاسم العلمي للنبات هو Nigeria Sativa، وهو نبات قصير القامة لا يزيد طول قامته عن 3 مم، وهو ينتمي
لعائلة الشمر واليانسون، حتى إنه أحيانًا يتم الخلط بينه وبين نبات الشمر.
وتحتوي ثمرة النبات على كبسولة بداخلها بذور
بيضاء ثلاثية الأبعاد والتي سرعان ما تتحول إلي اللون الأسود عند تعرضها للهواء.
وللحبة السوداء أسماء أخرى، مثل:
الكراوية السوداء، أو الكمون الأسود، وكذلك يسمونها في الهند "بالكالونجي الأسود"،
وفي بلاد فارس القديمة عرفت باسم "شونياز".
وهناك أكثر من 150 بحثًا، تم نشره
مؤخرًا في الدوريات العلمية المختلفة عن فوائد استخدام حبة البركة، والتي تؤكد على
الفوائد العديدة التي ذكرها القدماء عن هذا النبات.
ويأتي معظم هذه الأبحاث من أوروبا
وتحديدًا النمسا وألمانيا، والتي تأتي في مقدمة الدول الداعية لإحياء طب الأعشاب
كطب بديل.
وهكذا ظهرت حبة البركة في مستحضرات
طبية متنوعة بين أقراص وكبسولات وأشربة وزيوت في العديد من الدول الأوربية، وكذلك
الولايات المتحدة، هذا بالإضافة إلى بلدان العالم العربي والإسلامي.
وهناك استخدامات عديدة للحبة السوداء منها:
مصدر للطاقة: حيث وجد أن حبة البركة
تساعد على الاحتفاظ بحرارة الجسم الطبيعية.
خاصة وأن طبيعة الغذاء الغربية والمسيطرة الآن
على العادات الغذائية في بلدان العالم المختلفة، مثل: تناول الأيس كريم والزبادي
والبيتزا والجبن والهامبرجر وغيرها، تستهلك الكثير من طاقتنا الحيوية؛ مما يؤدي
لظهور الكثير من الأمراض.
في الرضاعة حيث تساعد حبة البركة على
إدرار اللبن، كذلك تعد مصدرًا غذائيًّا مهمًّا للأم والطفل على السواء.
لتقوية المناعة، فقد أثبتت بعض الدراسات التأثير
المُحفِّز لحبة البركة على جهاز المناعة؛ مما يفسر معنى"شفاء من كل
داء".
وأيضاً لنمو الطفل حيث تحتوي بذور حبة
البركة على حمض الأرجينين، وهو حمض مهم وضروري لنمو الطفل.
وأخيراً الشيخوخة، حيث تعد الحبة السوداء غذاء
صحيًّا مهمًا ومفيدًا لكبار السن؛ نظرًا لاحتوائها على مواد غذائية متعددة
ومتنوعة.