أحمد بدر نصار يكتب: الهروب من الجنة في عصر كورونا!

  • جداريات Ahmed
  • الثلاثاء 16 يونيو 2020, 05:17 صباحا
  • 3230
أحمد بدر نصار .. صحفي وروائي

أحمد بدر نصار .. صحفي وروائي

 لا أستطيع أن أبلغكم حجم الألم الذي يزلزل كياني بلا رحمة، بعدما وقعت عيني منذ أيام على قصص  متتالية تحكي عن إعدام الإنسانية وهروب البشر من الجنة.

نعيش عصر انتشار فيروس كورونا، الذي اكتشفنا فيه أنه عصر الهروب من الجنة، فعندما يرفض الأبناء تسلم جثة أمهم التى ضحت بعمرها وهي في قمة السعادة والتي كانت جيشهم الذي لا يقبل أن يتسرب إليهم نسمة هواء باردة فتصيبهم بنزلة برد، يرفضون أن يتسلموا الجثمان لأنها ماتت إثر إصابتها بفيروس كورونا، يكون هروبا من الجنة.

عندما ترسل زوجة لشيخ تستفسر منه أن زوجها هو الذي يأمرها بضرورة الذهاب إلى أمها التي أصابها فيروس كورونا وهي تمتنع، فهو يتعاطف مع أمها وهي تخشى الذهاب إليها حتى لا تصاب بالعدوى، و تخشى أن زوجها يسرق المفتاح في غفلة منها ويذهب ليطمئن على أمها وليس أمه هو، فيرجع حاملا العدوى فيصيبها هي والأولاد.. أليس ذلك هروبا من الجنة؟، هل نسى هؤلاء في زحمة الحياة المادية أن الجنة تحت أقدام الأمهات، نسى هؤلاء أن عند موت الأم ينادي منادٍ: ماتت التي كنا نكرمك من أجلها.

لا أتصور أن إنسانًا يعامل أمه بكل هذا الجحود وهو يعلم علم اليقين أن الكائن الوحيد الذي لو يملك ألف روح ما تأخر أن يقدمها له بلا مقابل، أليس هناك أبشع من أن تطلب إحدى الجمعيات الخيرية التي ظهرت بها حالات كورونا  من الأبناء أخذ أمهاتهم حفاظا عليهن من الإصابة بكورونا فيكون ردهم اعتبروهم "أي أمهاتهم " مصابين بفيروس كورونا.

بعيدا عن أن الآيات القرآنية الكريمة والأحاديث النبوية الشريفة التي  حثت على مكانة الأم إلى حد قد أراه يقترب من القداسة ، ومنها قول القرآن صراحة "ولا تقل لهما أف"، نفترض جدلا هناك سيدة غريبة قدمت لك في حياتك 4 مواقف إنسانية، منها أنها أنقذتك من الموت وموقف آخر قامت برعايتك في مرضك وموقف كنت محبطا لدرجة مرعبة فجاءت لتبث بداخلك الأمل لتقوم وتقاوم وتبدأ رحلة حياتك بنجاح، أليس من المنطقي والوفاء أن نرد الجميل لهذه السيدة، وأن تعامل معاملة حسنة تليق بمواقفها الأربعة النبيلة والإنسانية معي ، فتخيل أن أمك صنعت لك مثل هذه المواقف الأربعة ما يقارب من ألف موقف يكفي اضطراب قلبها وأنت خارج البيت ولا يهدأ قلبها حتى تطمئن أنك عدت إلى البيت سالما وهذا الأمر حدث لها ومعها ألف ألف مرة، كيف أتخلى عنها وألقى بها في دار مسنين حتى لا تكون عثرة في طريقي، كيف ألقي بها في دار مسنين حتى تستريح زوجتي في دنيا زائلة، ولتعلم أن من أكبر مكاسب الإنسان في هذه الحياة أن يخرج منها برضا الوالدين، وأسالوا العظماء في كل مجالات الحياة سيخبرونك أن رضا أمهاتهم وتشجيعهن الدائم لهم وراء نجاحهم.

أيها المسؤولون في وطني إن إنسان هذا العصر لم يعد الإنسان، زلزت المادية فطرته السليمة، لم يعد صالحا لزرع الضمير والقيم والوفاء بداخله، إلا من رحم ربي، ابحثوا  عن الأطفال الرضع ليكونوا نواة لأمة جديدة  وقودها الرحمة والإنسانية والخوف من الله والوفاء والعدل والإيثار ، أمة ترفض الشعار الذي بات يغزونا بقوة هذه الأيام «أنا وأسرتي الصغيرة ومن بعدي الطوفان»، حتى أرسل لنا الطوفان رسله قبل أن يأتي فيأكل الأخضر واليابس.  

 

تعليقات