حقائق الإيمان وأوهام الإلحاد.. ندوة في كلية أصول الدين بالقاهرة (سجل الآن)
- السبت 23 نوفمبر 2024
من ملجأ سرّي شديد التحصين تحت الأرض، يختبئ فيه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وفق ما نشرته هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي"، إلى التهديد بنشر قوات الجيش في مختلف الولايات، لقمع المتظاهرين، لا سيما بعد استمرار الاحتجاجات ليومها الثامن، والتي وصلت إلى أبواب البيت الأبيض.
إن الرجل عجز عن إيجاد حاضنة تدعمه، للوقوف في وجه ملايين الثوّار الغاضبين، -أصحاب البشرة السوداء- وغيرهم، من الزاحفين للإحاطة بالبيت الأبيض، أفضل من حاضنة الدين، ليلجأ مسرعًا إلى كنيسة الرؤساء، ويرفع الإنجيل بيده، في مشهد درامي خطير، يُجيّش به المسيحيين الأمريكيين ضد الاحتجاجات التي لا تتوقف، ويهدم ما حاولت أميركا أن تزرعه من علمانية متطرفة في العالم طيلة عشرات السنين.
نعم.. فهم الذي صدعوا رؤوسنا بـ"العلمانية"، التي يريدون من خلالها فصل الدين عن الحياة.، وتابعهم -للأسف- بعض أبناء جلدتنا، ممّن يسمّون أنفسهم بـ"النخبة" -زورًا-، ليغردّوا على نفس طريقة "ماما أميركا" راعية الحضارة والعلمانية في العالم.
وسرعان ما يتبدّد الوهم، ويصمت أنصار الأجندة الأمريكية كصمت القبور، أو أشدّ، بعد أن صفعهم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، على وجوههم مرتين، الثانية الآن، عندما ظهر بالإنجيل في يده، والكنيسة وراء ظهره، ليتحصّن بها أمام المتظاهرين، والأولى عندما بدأ وباء كورونا في الانتشار، وتحولت واشنطن إلى مدينة موبوءة، يسكنها الأشباح، ليظهر ترامب من جديد، ويعلن للعالم عن يوم عالمي للصلاة، ليلجأ الناس إلى الله، ليكشف هذا الوباء، ولتتحدث الصحافة العالمية، عن ترامب الذي يطلب من الناس الدينّ!
نعم.. هو يصرح بأنه ليس علمانياً، لكنه رئيس أكبر دولة علمانية في العالم، تبنّت عبر مؤسسات ضخمة مموّلة، القضاء على "الدّين"، بشكل عام، والإسلام بشكل أخصّ، يأكل الآن صنم العجوة الذي صنعه بنفسه، في وقت الحاجة، ويهدم مبادئ العلمانية التي ظلت أميركا ترسخ لها، لا سيما بعد أن شعُر بأن كرسي الملك، بات مهددًا، فتحوّل سريعًا، ليتدثر بغطاء الدين، في الوقت الذي تعاني فيه أميركا وغيرها، من موجة شديدة من موجات الإلحاد، وإنكار وجود الربّ -سبحانه وتعالى-.
ولتقوم قواته بقمع المتظاهرين، واعتقال الآلاف منهم، بل وقمع الصحفيين والإعلاميين والاعتداء عليهم، لتظهر الدولة على حقيقتها، نعم.. حقيقتها العنصرية، التي يسخر فيها الأبيض من الأسود، والتي يحارب فيها الإعلام كل يمت إلى الدين بصلة، ثم ينقلب على عقبيه مرة أخرى، ليدعوا الناس إلى التديّن، وإلى الحضور إلى الكنيسة، والدفاع عنها.
والحقيقة، أن أي متأمل في هذه الدنيا، لن يجد إنصافًا كإنصاف شريعة الإسلام، التي جاءت للمساواة، والعدل بين الناس جميعًا، والتعايش فيما بينهم، "يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ"، والذي يتدبَّرُ السيرة النبوية يعلم جيدًا أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم نبَذَ كلَّ فكرٍ فيه العصبيَّة الممقوتة، روى البخاري ومسلم عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما قال: كنا في غَزاة فكَسَع رجلٌ من المهاجرين رجلًا من الأنصار (والكَسْع: ضربُ الدُّبرِ باليد أو بالرجل)، فقال الأنصاري: يا للأنصارِ! وقال المهاجري: يا للمهاجرين! فسَمِع ذلك رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، فقال: ((ما بالُ دعوى الجاهليَّة؟!))، قالوا: يا رسولَ الله، كَسَع رجلٌ من المهاجرين رجلًا من الأنصار، فقال: ((دَعوها؛ فإنها مُنْتنةٌ)).
أيها الناس.. إن الإسلام هو حبل عصمتكم ونجاتكم في الدنيا والآخرة، وشريعته هي صمام الأمان لمجتمعاتكم.
تحاكموا إلى الإسلام.. وعظّموا من شريعته، يقول سبحانه وتعالى: "فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا"، ويقول سبحانه: "وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا".