رئيس مجلس الإدارة

أ.د حسـام عقـل

محمد نجيب مطر يكتب: رحلة مع د. أميمة خفاجي في رواية الخيال العلمي «جريمة عالم»

  • جداريات 2
  • الخميس 21 مايو 2020, 4:25 مساءً
  • 1330
محمد نجيب مطر كاتب خيال علمي

محمد نجيب مطر كاتب خيال علمي

الدكتورة أميمة خفاجي من علماء الهندسة الوراثية، ومن الصف الأول لكتاب الخيال العلمي في مصر والعالم العربي، تكتب العلم بصيغة أدبية جميلة ومبسطة، سواء كان ذلك في مقالات متخصصة أو في روايات خيال علمي، كما أنها موسوعة في الثقافة العربية والتراث الإسلامي، تستشهد دائماً بالآيات القرآنية والأحاديث النبوية، ولها مؤلفات فريدة في الإعجاز العلمي للقرآن الكريم.

1. الحكاية: تحكي الرواية عن عالم في الهندسة الوراثية يجري تجارب على تطوير ملكات الحيوان والارتقاء بإمكانياته العقلية بواسطة نقل جينات وراثية من الإنسان إلى الشمبانزي (أقرب القردة العليا)، ثم عمل تزاوج بين الإنسان والشمبانزي، واستخدم لإنجاح التجربة بويضة من زوجته، وتم زرع النطفة في رحم الزوجة، التي ماتت في الولادة بعد أن ضحى بها الزوج من أجل إنقاذ التجربة التي أنتجت مخلوقاً مشوهاً، أنثى تحمل وجه أمها البشرية وجسد أبوها الشمبانزي.

2. العنوان: كان مباشراً وصريحاً يشي بفكرة الرواية، قطع بالفكرة وفضحها ولم يكتف بالإشارة لها من بعيد.

3. الغلاف: عليه صورة رجل وقور يحاول تعليم شمبانزي القراءة، الغلاف أول عتبة من عتبات النص، أي أنه يمثل نصاً موازيا للرواية، الرواية تنص على أن المخلوق المشوه حمل وجه أنثى جميلة وجسد يغطيه الشعر بكثافة على عكس صورة الغلاف.

4. الطباعة: طباعة فاخرة ورائعة بكل المقاييس سواء من الغلاف المقوى الذي يقاوم عوامل الفناء أو ورق الصفحات الداخلية الراقية عالية الوضوح.

5. التقديمات: كانت كثيرة ومركزة لكنها بدت وجبة دسمة قبل قراءة العمل أكثر من كونها مجرد تقديم للرواية وكانت كالتالي:

أولا": التمهيد بآية قرآنية تصب في فكرة الرواية وتشير في وضوح إلى هدفها غير المباشر.

ثانياً: إهداء من المؤلفة إلى روح الصحفي والكاتب اللامع مصطفى أمين لتقديمها إلى القراء في بداياتها الأولى.

ثالثاً: تقديم الكاتب الصحفي الكبير الراحل مصطفى أمين الذي رحب ببدايات الأدباء الشبان مؤكداً أن جو الحرية هو الذي سيؤدي إلى ظهور عمالقة الأدب والفنون.

ثالثاً: تقديم للدكتور عصام الدين أبو زلال يركز على نسوية الرواية التي يختلط فيها خيال الأديبة لفكر المرأة العالمة، ويتعرض فيها لمراحل تطور الأديبة.

رابعاً: قطوف من كتاب "االخيال العلمي العربي في الأدب العربي" للناقد يوسف الشاروني ويعلق على أحداث الرواية فيقول "وكما ثارت "جلاتيا" على مبدعها "بجماليون" ثارت "اش اش" على صانعها "أدهم" عندما اكتشفت وحشيته.

خامساً: تعليق من الكاتب ياسر أبو الحسب، تناولت الرواية قضية التلاعب بالجينات الوراثية التي تناولها جورج ويلز في رواية جزيرة الدكتور هوجو لكن الكاتبة هنا أدخلت عليها الجانب الإنساني.

6. الفرضية العلمية التي اعتمدت الرواية عليها، تحمل الصفات الوراثية للمخلوقات في خيوط مزدوجة لولبية تسمى الكروموسومات تحمل عليها الجينات في ترتيب محدد.

أ. وجهة النظر المؤيدة:

يحمل البشر 46 «كروموسوم» بينما يحمل الشمبانزي 48، وذلك يقارب حالات التهجين التي يتم إجراؤها مثلا بين نوع الحمار62 كروموسوم، وبين نوع الحصان 64 كروموسوم، فينتج البغل هو هجين بين الحمار الذكر والفرس الأنثى.

أما البغل فهو هجين بين الحصان الذكر والأتان الأنثى ولكنه يكون دوما بغلا عقيما 63 كروموسوم وهو ما يعني نظرياً أنه يمكن التهجين بالفعل بين الإنسان والشمبانزى!!

ب. وجهة النظر المعارضة 

حدود التهجين Hybrid هي في الحالات التالية:

(1) التهجين بين سلالتين مختلفتين (Subspecies) وذلك كما في حالة تزاوج النمر السيبيري مثلاً مع النمر البنجالي.

(2) يمكن أن يحدث أيضا ًبصورة أقل نتيجة تزاوج نوعين مختلفين (Species) ضمن الجنس الواحد (Genus) ومثال على ذلك تهجين الأسد مع أنثى نمر ويُسمى الهجين هنا (Liger) أو تهجين النمر مع أنثى الأسد ويُسمى الهجين هنا (Tigon) وفي الغالب الهجين أيضا لا يكون الاختيار الأمثل في بيئته، فمثلا هجين الأسد مع أنثى النمر (اللايجر) يكون ضخما جدا جدا !! فيفقد بذلك قوة انقضاض الأسد ويفقد كذلك خفة وسرعة النمر !! وأيضا البغل : لا فيه قوة تحمل الحمار ولا فيه سرعة ورشاقة الفرس !!

(3) يمكن أن يحدث ولكن في حالات نادرة بين جنسين مختلفين (Genera) ومثال على ذلك الخروف والماعز، وغالبا ًما يولد ميتا أو يُولد مشوها مريضا ولا يُعمر.

(4) يمكن أن يحدث ولكن بصورة نادرة جدا نتيجة التزاوج بين عائلتين مختلفتين (Family)

(5) في الغالب كلما تباعد الأب والأم في التصنيف فإن التهجين يأتي عقيما أو مريضا ولا يُعمر او يُولد ميتا كما قلنا. 

(6) أنواع هجين كثيرة تفقد شكل فرائها الذي تتخفى به في بيئتها، أو تفقد صفات تحميها من الحر أو البرد، يعني حتى الانتخاب الطبيعي أو الطبيعة لا تشجع على استمرار هذا الهجين فضلا عن أنه عقيم.

ت. القول الراجح

رغم كل تلك الحالات المتنوعة للتهجين، فإنه لا يقع أبدا بين الإنسان وأي حيوان آخر مهما تقارب معه في العائلة، أو في التصنيف العام (ثدييات مثلا) حتى ولو تقارب مع الإنسان في عدد كروموسوماته الـ 46 !!

لا نقول بالاستحالة بين الإنسان والكلب مثلا؛ لأن كروموسومات الكلب 78 ولكن حتى بين الإنسان والأرنب كروموسوماته 44 أو الإنسان والفأر كروموسوماته 42.

فهذا التقارب في الكروموسومات يرشح تلك الحيوانات لعمل تجارب عليها تفيد الإنسان في الادوية والعلاجات والتشريح ونحوه – ولكن لا يقول أي عاقل أبدا أنه يمكن التهجين بين الإنسان وأي حيوان آخر. 

7. اللغة فصحى سلسلة وجميلة وقوية، والأفكار الإسلامية تمتلأ بها الرواية، والاستشهاد بالآيات القرآنية في موضعها المناسب وليس متكلفاً ودخيل على الرواية.

8. الحبكة رائعة وربما تحكي الرواية عن قصة حقيقية حدثت في الاتحاد السوفيتي ومات بطلها في السجن، لأنه كان يحاول نفس المحاولات.

9الرواية من أدب الخيال العلمي الرفيع الذي يذكرك بعمالقة هذا الفن في مصر من أمثال نهاد شريف ومصطفى محمود.


تعليقات