حقائق الإيمان وأوهام الإلحاد.. ندوة في كلية أصول الدين بالقاهرة (سجل الآن)
- السبت 23 نوفمبر 2024
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه....
أما بعد..
فأحببت أن أختم مقالاتي حول نازلة كورونا ببعض العبادات التي يمكن أن تكون في البيوت حيث كانت الصلاة في البيوت، والتراويح بالبيوت.
-. لما ملت لجواز إقامة الصلاة خلف التلفاز بشروطها، سئلت عمن يصلي خلف الحرم المكي هل له أجر مائة ألف صلاة للمكان، وهذه المسألة لا تتعلق بكون الاقتداء في نفس البقعة، فقد ذهب من المعاصرين الشيخ سليمان الماجد إلى أن من ائتم من أهل الفنادق حول الحرم (مع عدم اتصال الصفوف) أن الصلاة في تلك البيوت حول الحرم لا يصلح بها الائتمام المشروع، ولو كان مطلاً على الحرم، لكن لا تبطل صلاته لو تابع الإمام، لكن التضعيف مختص بالمسجد، وما اتصل بالصفوف فقط، وهذا في نفس البقعة، فكيف في مكان آخر، على أن هذه القضية يمكن تصورها فيما لو صلى خارج حدود الحرم بإمام داخل الحرم، مع صحة الاقتداء بالمشاهدة، فإن التضعيف لمن كان داخل حدود الحرم، وهذه المسألة يمكن تخريجها على مسألة الصيد التي ذكرها العلماء، فيما لو رمى صيدا بعضه في الحل وبعضه في الحرم، وقد تنازع فيها العلماء، من مغلب المنع، وموجب للضمان، أو لا يضمنه لأنه لم يكمل حرميا، أو ينظر للأكثر والأقل، أو القوائم، أو إذا كان خارجاً من الحرم، أو داخلاً فيه، وكما لو أرسل كلبا في الحل على صيد في الحل فتخطى طرف الحرم، ولو رمى من الحل صيدا في الحل فقطع السهم في مروره هواء الحرم، كما في روضة الطالبين للنووي وغيره كمن كتب الشافعية، وعلى كل فلا يظهر التضعيف في الصلاة لمن خارج الحرم.
-. ولو قلنا بصحة الصلاة في البيوت خلف التلفاز، فهذا لا يسقط أنه لا يجوز صلاة الرجل منفرداً خلف الصف، لحديث وابصة بن معبد أن رجلا صلى خلف الصف وحده فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعيد الصلاة [رواه الترمذي وحسنه وصححه الألباني] وذكر الترمذي أن الإعادة يقول بها أحمد وإسحق وبعض فقهاء الكوفة، وقال قوم يجزئه وهو قول سفيان الثوري وابن المبارك والشافعي؛ فالأفضل أن يصلي مع جماعة البيت من نسائه جماعة، وقد يحتمل لأجل الحاجة سقوط ذلك، ويقاس على صحة اصطفاف المرأة وحدها، ففي كلام شيخ الإسلام (وأما المرأة فإنها تقف وحدها إذا لم يكن هناك امرأة غيرها فالسنة في حقها الاصطفاف؛ لكن قضية المرأة تدل على شيئين. تدل على أنه إذا لم يجد خلف الصف من يقوم معه وتعذر الدخول في الصف صلى وحده للحاجة وهذا هو القياس؛ فإن الواجبات تسقط للحاجة وأمره بأن يصاف غيره من الواجبات فإذا تعذر ذلك سقط للحاجة). [مجموع الفتاوى 20/559].
-. ومما أحب التنويه إليه، أننا لأجل عادتنا أن نصلي التراويح بالمساجد، فكانت المفاضلات عندنا في مسائل نحو: (هل الفضل أن نصلي إحدى عشرة ركعة أو ثلاث وعشرين كالحرمين)، ونحو ذلك، لكن ثمة صور لقيام الليل صحت عن النبي صلى الله عليه وسلم ولم يكن من المتاح أو لم يكن من المناسب فعلها في المساجد، لأنها قد تشق على المصلين، فيمكن فعلها الآن في البيوت، كصلاة إحدى عشرة ركعة يصلي ثمانية ثم يجلس للتشهد والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يوتر بالتاسعة، ويسلم، ثم يصلي ركعتين وهو جالس، أو يصلي تسع ركعات منها ست لا يقعد إلا في السادسة منها ثم يتشهد ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ثم يوتر بالسابعة، ويسلم، ثم يصلي ركعتين وهو جالس، أو يصلي ثلاث عشرة ركعة منها ثمانية يسلم بين كل ركعتين ثم يوتر بخمس لا يجلس ولا يسلم إلا في الخامسة، أو إحدى عشرة ركعة يصلي منها أربعا بتسليمة واحدة ثم أربعا كذلك ثم ثلاثا، مع احتمال أنه يجلس بين كل ركعتين من الأربع، فهذه كيفيات ثبتت عن النبي صلى الله عليه وسلم نصا عنه ويمكن أن يزاد عليها أنواع أخرى وذلك بأن ينقص من كل نوع منها ما شاء من الركعات، وله الزيادة، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال (صلاة الليل مثنى مثنى فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة توتر له ما قد صلى) [متفق عليه].
وإذا صلى بالصورة التي يوتر ويصلي جالسا بعدها، فأرى أن يدعو في ركعة الوتر، التاسعة أو السابعة، قبل الركوع أو بعده، ويقول بعدها (سبحان الملك القدوس)، وله أن يوتر بخمس متصلة، وبثلاث، وله أن يسلم من كل ركعتين، ويوتر بواحدة، ويقرأ في ثلاث الوتر؛ بالأعلى والكافرون والصمد، ويضيف أحياناً المعوذتين، ويدعو إذا انتصف رمضان ويضيف (اللهم قاتل الكفرة الذين يصدون عن سبيلك ويكذبون رسلك ولا يؤمنون بوعدك وخالف بين كلمتهم وألق في قلوبهم الرعب وألق عليهم رجزك وعذابك إله الحق) ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ويدعو للمسلمين بما استطاع من خير ثم يستغفر للمؤمنين)، ويقول (اللهم إياك نعبد ولك نصلي ونسجد وإليك نسعى ونحفد ونرجو رحمتك ربنا ونخاف عذابك الجد إن عذابك لمن عاديت ملحق، ثم يكبر ويهوي ساجدا) ومما ورد أيضاً في دعاء القنوت: (اللهم إنا نستعينك ونستغفرك ونثني عليك الخير، ولا نكفرك ونخلع ونترك من يفجرك اللهم إياك نعبد ولك نصلي ونسجد وإليك نسعى ونحفد نرجو رحمتك ونخشى عذابك الجد إن عذابك بالكفار ملحق) ثم يقول في آخر الوتر قبل السلام أو بعده (اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك وبمعافاتك من عقوبتك وأعوذ بك منك لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك) وإذا سلم من الوتر قال: سبحان الملك القدوس سبحان الملك القدوس سبحان الملك القدوس "ثلاثا" ويمد بها صوته ويرفع الثالثة. وله أن يصلي ركعتين بعد الوتر والسنة أن يقرأ فيهما: بالزلزلة والكافرون. فإن قوله صلى الله عليه وسلم: "اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترا" إنما هو للتخيير لا للإيجاب على الصحيح.
-. ويحرص على الجلوس في المصلى حتى الشروق ثم يصلي ركعتين فقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من صلى الفجر في جماعة ثم قعد يذكر الله حتى تطلع الشمس ثم صلى ركعتين كانت له كأجر حجة وعمرة تامة تامة تامة" [رواه الترمذي وحسنه الألباني]، فهذه في البيوت الآن أيسر من المساجد.
-. ويصلى العيد في السجون أيضاً، ومن منع قياساً على الجمعة فيما زعم من إجماع المنع، فقد أخطأ، فليس هناك إجماع، والذي نقله ابن رجب من إجماع يمكن أن نحمله على أن الجمعة يراد بها إظهار الشعار حسب السياق، ثم إنه ذكر أسماء من قال لا تصلى الجمعة في السجون، وترك ذكر أئمة كبار كأبي حنيفة والشافعي، وقد وجدنا في المذهبين الجواز، ولو كان إجماعاً لما أغفلهما، بل وذكر ممن ابن سيرين، وقد روي عنه في مصنف ابن أبي شيبة (تجمعوا للصلاة يوم الجمعة)، وعن إبراهيم عكسه فروي (ليس على أهل السجون جمعة).
لكن صرح ابن حزم بالوجوب، فإنه قال في المحلى (5/49): (ويصليها المسجونون, والمختفون ركعتين في جماعة بخطبة كسائر الناس) اهـ، ولا يظن بابن رجب أن يخفى عليه قول ابن حزم، لذا فلا يظهر أنه أراد الإجماع على منع الجمعة لأهل السجون، بل وأشار إلى قول أبي يعلى بأن يجمع في بيته، وهو وإن استبعده، لكن لم يحتج بالإجماع في رده.
ولذا لم يقر العلماء بهذا الإجماع، لثبوت الخلاف فعلاً، ثم لو ثبت الإجماع لكان من يأذن فيها من الحكام مخالفاً للإجماع، لأنها لا تصح حينئذ للعلة التي ذكرها، وهي أن السلف لم يصلوها في السجون، وليس لعدم إذن الإمام، وعلى كل فنحن أيضاً لا نعلم حال من سجن من السلف، هل كان وحيداً، أو يرى العدد في الجمعة ولم يكن حاضراً معه، أو غير ذلك، وقد أفتى متأخرو الشافعية كابن حجر الهيتمي والرملي بصلاتها إذا كانوا على عدد المذهب، وهو أربعون.
وورد عن السلف صلاة الجمعة في البيوت لأجل العذر، ففي مصنف ابن أبي شيبة (2/147 - ث5533) عن الزبرقان، قال: قلت لشقيق: إن الحجاج يميت الجمعة، قال: تكتم علي؟ قال: قلت: نعم، قال: صلها في بيتك لوقتها، ولا تدع الجماعة، ورواه هو وعبد الرزاق عن شقيق بن وائل بأصرح منه، ففي مصنف ابن أبي شيبة (2/381 - ث7680): عن عامر بن شقيق، قال: كان الحجاج يؤخر الصلاة يوم الجمعة، فكان أبو وائل يأمرنا أن نصلي في بيوتنا، ثم نأتي المسجد، وهو في مصنف عبد الرزاق (2/386 – ح3799) عن عامر بن شقيق عن شقيق قال كان يأمرنا أن نصلي الجمعة في بيوتنا ثم نأتي المسجد وذلك أن الحجاج كان يؤخر الصلاة).
-. وأما صلاة العيد؛ فحيث منع الناس الصلاة في الخلاء وفي المساجد، فلا مناص من صلاتها في البيوت، وهو نحو ما ذكره الفقهاء أن للإمام أن يستخلف من يصلي بالضعفة في المسجد، وتصادف أنهن كلهن من النساء. ونزاع الفقهاء إنما هو في قضاء صلاة العيد، هل تقضى ركعتان، أو أربعا، كما لو فاتته الجمعة، أو في جماعة فثنتان، ووحده فأربعا، أو يخير، وهل تقضى بالتكبيرات، أو بدونها، وهل يكون فيها خطبة أو لا، والأقرب ما جاء عن أنس رضي الله عنه إذا فاته العيد مع الإمام جمع أهله فصلى بهم مثل صلاة الإمام في العيد، وعلى كل فهذا لمن فاتته، لكن مع نازلة كورونا، فليس معناها هنا الفوات، بل هو المنع، وحيث ترجح جواز الجمعة في البيوت كما سبق معنا، ولو بثلاثة، فمن باب أولى جواز العيد، بل وله أن يخطب في أهله، لأن القضاء يحكي الأداء، والمنقول عن شيخنا الألباني رحمه الله أنه فعل ذلك لما تعذر الذهاب للمصلى بسبب الأمطار الغزيرة، وفي كتاب المتوارين للحافظ عبد الغني بن سعيد (1/53): (كان مجاهد وأبو عياض متواريين من الحجاج فلما كان يوم الفطر أمهم أبو عياض) بل لو لم يجتمع إلا الرجل ونسائه فله أن يصلي بهم، فإن اشتراط الثلاثة ممن تلزمهم الجمعة ليس ظاهراً هنا، لأن المرأة مأمورة بشهود العيد، بل ويخطب أحد الإثنين لو كانا اثنين، لكن المنفرد وحده لا يخطب، والله أعلم.
-. كما نحتاج إلى إظهار التكبير، ولو من الشرفات، فإن الله تعالى يقول: {وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ} [البقرة: 185]، فجعل التكبير بعد تمام العدة مباشرة، وتمام العدة يكون بغروب شمس آخر يوم من رمضان؛ وعليه فيسن التكبير من ليلة العيد، ووردت صيغ للتكبير مختلفة عن الصحابة رضي الله عنهم، وحيث جاء النص بإطلاق فكلها جائزة، ومنها (الله أكبر الله أكبر الله أكبر كبيرا)، ومنها (الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد)، ولعلها أرجح بإضافة التهليل لما ثبت أنه (كان يخرج في العيدين رافعا صوته بالتهليل والتكبير) [رواه البيهقي وحسنه الألباني]. ويُخرج المسلم زكاة فطره قبل صلاة العيد، لحديث ابن عباس قال فرض رسول الله زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث وطعمة للمساكين فمن أداها من أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات) [رواه أبو داود وابن ماجة، وحسنه الألباني].
-. ويحرص المسلم على سنن العيد المتاحة له، وهو في بيته فيكبر ليلة العيد، ويغتسل بل ويتجمل في اللباس الحسن، ولو غسيلاً، ويأكل قبل أن يصلي العيد بأهله تمرات (ويأكلهن وترا) [رواه البخاري]، ويصلي بعد ارتفاع الشمس قيد رمح، وهي حوالي عشر دقائق أو ربع ساعة، فيبدأ بالصلاة بأهل بيته، وصلاة العيد ركعتان، يكبر للأولى بتكبيرة الإحرام كسائر الصلوات، ثم يكبر بعدها التكبيرات الزوائد، ولم ينقل تحديد فيها مرفوع، والموقوف كثير، وأيها يكون فيجزئ، والمشهور ست تكبيرات بعد تكبيرة الإحرام ثم يقرأ بفاتحة الكتاب وسورة الأعلى أو يقرأ بسورة (ق)؛ فإذا فرغ من القراءة كبر وركع وسجد، فإذا أكمل الركعة؛ قام وكبر عند الرفع من السجود ثم كبر الزوائد والمشهور أنها خمس متوالية، فإذا أكمل التكبير أخذ في القراءة بفاتحة الكتاب وسورة الغاشية أو يقرأ بسورة القمر فهذا أيضاً سنة؛ غير أنه إن قرأ في الأولى بـ (سبح اسم ربك الأعلى) فإنه يقرأ في الثانية بـ (هل آتاك حديث الغاشية) وإن قرأ في الأولى بـ (ق والقرآن المجيد) يقرأ في الثانية بـ (اقتربت الساعة وانشق القمر). والتكبيرات الزوائد سنة وليست بواجب ولا تبطل الصلاة بتركها عمدا ولا سهوا بغير خلاف. [كما بالمغني].
-. ثم يخطب في أهل بيته، وفقهاء المذاهب الأربعة متفقون على أن للعيد خطبتين كالجمعة وليست خطبة واحدة، قال النووي: "إنه لم يرد في تكرير الخطبة يوم العيد شيء، وإنما عمل فيه بالقياس على الجمعة". وقال ابن عثيمين: "ومن نظر في السنّة المتفق عليها في الصحيحين وغيرهما تبين له أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يخطب إلا خطبة واحدة" اهـ.
-. والأصل في خطبتي العيد أن تكون مواعظ، ويمكن أن تتضمن الخطبتان العناصر التالية: (خطبة الحاجة ـ الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ـ التكبير ـ قراءة آيات نحو {وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [البقرة: 185]. التذكير بانقضاء رمضان والتوبة ـ الوصاة بالتوحيد دعوة جميع الأنبياء، بيان أن ديننا دين الوسطية ـ بيان حال المسلمين في أقطار الأرض مع البشارة بما بشر به النبي صلى الله عليه وسلم بأنه ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهارـ الوصية بالصلاة ـ التأكيد على صلة الأرحام، وترك المعاصي، موعظة إلى شباب الإسلام، وموعظة موجهة إلى النساء ـ الدعاء للراعي والرعية ـ أيها الناس: ليس العيد من لبس الجديد، بل العيد لمن خاف يوم الوعيد ـ وتختم بالدعاء عامة، ويضيف الدعاء برفع الغمة عن الأمة.
-. والاستماع للخطبة سنة. لحديث عبدالله بن السائب، قال حضرت العيد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى بنا العيد ثم قال قد قضينا الصلاة فمن أحب أن يجلس للخطبة فليجلس ومن أحب أن يذهب فليذهب) [رواه ابن ماجة، وصححه الألباني].
-. ثم يصلي ركعتين، فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يصلي قبل العيد شيئا فإذا رجع إلى منزله صلى ركعتين) [ابن ماجة، وحسنه الألباني، وقد أخرجه الحاكم في المستدرك على الصحيحين وقال هذه سنة عزيزة بإسناد صحيح ولم يخرجاه].
-. ويهنئ من أحب، وقد جاء عن جبير بن نفير (أن الصحابة كانوا إذا التقوا يوم العيد يقول بعضهم لبعض: تقبل الله منا ومنك) [رواه المحاملي، وصحح إسناده الألباني].
-. ولو معه حائض في البيت، فإنها تحضر معه وتعتزل مكان الصلاة فقط، فعن أم عطية ـا قالت: (يخرج العواتق وذوات الخدور أو العواتق ذوات الخدور والحيض وليشهدن الخير ودعوة المؤمنين ويعتزل الحيض المصلى). قالت حفصة بنت سيرين الراوية عنها: فقلت الحيض؟ فقالت أليس تشهد عرفة كذا وكذا) [متفق عليه]، وفيه: (أعلى إحدانا بأس إذا لم يكن لها جلباب أن لا نخرج؟ قال (لتلبسها صاحبتها من جلبابها ولتشهد الخير ودعوة المسلمين)، وفي رواية (أمرنا) [رواه البخاري]، وفي رواية ابن ماجة (أخرجوا العواتق وذوات الخدور ليشهدن العيد ودعوة المسلمين وليجتنبن الحيض مصلى الناس) [صححه الألباني]، وهذا يدل على تأكده، والعلماء قالوا هذا مقيد بعدم الفتنة، وما دام الرجل في بيته فليس ثمة فتنة والحمد لله.
وختاماً أقول لمن يكتب ويرد دون أن يعرف الاستدلالات، إن الكلام في العلم العام، لا يقال إن فيه افتئاتاً على حاكم أو غيره، فإن أولي الأمر هم العلماء، أو هم مع الأمراء، والقاعدة عندي: (لا افتئات في مسارح الاجتهاد. فالمجتهد من العلماء لا يكون مفتئتاً فيما اجتهد فيه، ولا يقال بالافتئات فيما روعي فيه صورة النازلة في الجملة). وقد أتناول هذا لاحقا بما يبينه، إذ الأدلة قامت عليه.
والله أعلم، وصلّ الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
وبالله التوفيق.
كتبه:
أ.د. خالد بن فوزي حمزة