باحث بملف الإلحاد: الفرائض في الإسلام أبرز الأدلة على صدق نبوة محمد صلى الله عليه وسلم
- الجمعة 22 نوفمبر 2024
فضائل العشر الأواخر
العشر الأواخر من شهر رمضان، بحسب ما اصطلح
عليه العلماء بأنّها: الأيام والليالي الواقعة ما بين ليلة الحادي والعشرين من رمضان
إلى آخره؛ سواءً كانت عشرةً كاملةً، أو ناقصةً؛ باقتصارها على تسعٍ؛ إذ العبرة بإطلاق
اللفظ على الغالب والتمام، وتُطلق العشرُ على الأيّام مع ليالها، قال الله -تعالى-:
"وَلَيَالٍ عَشْرٍ".
وتبدأ العشر الأواخر من ليلة الحادي والعشرين من شهر رمضان بغض النظر أكان تسعة
وعشرين يوماً أو ثلاثين.الاعتكاف في العشر الأواخر من رمضان وردت عدة أقوالٍ في تحديد
الوقت الذي يبدأ به الاعتكاف في العشر الأواخر من شهر رمضان، وبيان أقوالهم فيما يأتي:[٤]
القول الأول: قال جمهور العلماء، ومنهم أئمة المذاهب الفقهيّة الأربعة بأنّ وقت الاعتكاف
في العشر الأواخر من رمضان يبدأ منذ اليوم العشرين من الشهر قُبيل غروب شمسه؛ أي ليلة
الحادي والعشرين، وقد استدلّ أصحاب هذا القول بما ورد في السنّة النبويّة، من حديث
عائشة -رضي الله عنها-، إذ قالت: "كانَ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ
يعتَكفُ في العشرِ الأواخرِ من رمضانَ"
والعشر تبدأ بغروب شمس ليلة الحادي والعشرين،
أمّا ما رُوي عن النبيّ -عليه الصلاة والسلام- من أنّه دخل مُعتكَفه بعد صلاة الصبح،
فمحمولٌ على استئناف الاعتكاف بعد قطعه لأداء صلاة الصبح، كما بيّن الإمام النووي
-رحمه الله-. القول الثاني: قال كلٌّ من الليث، والثوري، والأوزاعي بأنّ الاعتكاف في
العشر الأواخر من رمضان يبدأ بعد صلاة فجر اليوم الحادي والعشرين، استدلالاً بما أخرجه
الإمام مسلم في صحيحه، عن أمّ المؤمنين عائشة -رضي الله عنها-: (كانَ رَسولُ اللهِ
صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، إذَا أَرَادَ أَنْ يَعْتَكِفَ صَلَّى الفَجْرَ، ثُمَّ
دَخَلَ مُعْتَكَفَهُ"
ومن فضل العشر الأواخر من رمضان تترتّب العديد من الفضائل
على العشر الأواخر من رمضان، يُذكر منها: تحصيل عظيم الخيرات، والحسنات، والأجور، وفي
ذلك اقتداءٌ بالنبيّ -عليه الصلاة والسلام-، فقد وصفت السيدة عائشة -رضي الله عنها-
حال النبي بالعشر الأواخر قائلةً: (كانَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إذَا دَخَلَ
العَشْرُ شَدَّ مِئْزَرَهُ، وأَحْيَا لَيْلَهُ، وأَيْقَظَ أهْلَهُ) كما رُوي عنه أنّه
كان يجتهد في شهر رمضان بالعبادات والطاعات ما لا يجتهد في غيره من الشهور، وتجدر الإشارة
إلى أنّ إحياء النبي للعشر الأواخر لا يعني قيام الليلة كاملةً بالصلاة؛ إذ رُوي عن
السيدة عائشة -رضي الله عنها- أنّ النبي لم يصلِّ ليلةً بكاملها حتى يصبح، فالإحياء
لا يقتصر على الصلاة، بل قد يكون بعباداتٍ أخرى، كالذكر، وتلاوة القرآن، والصدقة، وغيرها.
ثبوت سنّة الاعتكاف في ليلة القدر بالقرآن، والسنّة، والإجماع، وهي تُعدّ خيراً من
ألف شهرٍ، ولم يُروَ عن النبيّ -عليه الصلاة والسلام- أنّه ترك الاعتكاف في العشر إلّا
إن كان خارجاً للجهاد في سبيل الله، وقد اعتكف الصحابة -رضي الله عنهم- معه، واعتكفوا
بعده؛ اقتداءً به. عكوف القلوب على ربّها في تلك الليالي، وتعلّقها به؛ فالصيام يُحدِثُ
أثراً طيباً في النفس، ويزكّيها، ويَصلُ بها إلى مراتب الكمال.
ومن جانبه يقول الشيخ سعيد بن علي بن وهف القحطاني
إنه من خصائص هذه العشر الأواخر ليلة القدر والعبادة في هذه الليلة خير من العبادة
في ألف شهر، فالعبادة فيها خير وأفضل من العبادة في ثلاث وثمانين سنة وما يقرب من أربعة
أشهر، وهذا فضل عظيم لمن وفقه الله تعالى. قال عز وجل: ﴿ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي
لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ
خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ * تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ
رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ * سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ .
وأشار إلى أن ليلة القدر لها فضائل كثيرة، منها:
الفضيلة الأولى: أن الله أنزل القرآن فيها
الذي به هداية العباد وسعادتهم في الدنيا والآخرة ﴿ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ
الْقَدْرِ ﴾ وقال عز وجل: ﴿ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ ﴾.
الفضيلة الثانية: في هذه الليلة يفرق كل
أمر حكيم، أي يُفصل من اللوح المحفوظ ما هو كائن في السنة: من الأرزاق، والآجال، والخير
والشر.
الفضيلة الثالثة: ما يدل عليه الاستفهام من التفخيم
والتعظيم لهذه الليلة في قوله سبحانه: ﴿ وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ
﴾.
الفضيلة الرابعة: أن هذه الليلة مباركة
﴿ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ ﴾.
الفضيلة الخامسة: أن هذه الليلة خير من
ألف شهر.
الفضيلة السادسة: تتنزل الملائكة فيها،
والروح وهو جبريل؛ لكثرة بركتها، وهم لا ينزلون إلا بالخير والبركة.
الفضيلة السابعة: أن هذه الليلة سلام حتى مطلع الفجر؛
لكثرة السلامة فيها من العقاب، والعذاب، بما يقوم به العبد من طاعة الله عز وجل.
الفضيلة الثامنة: أن من قامها إيماناً واحتساباً
غُفر له ما تقدم من ذنبه.
ومن أبرز ما قيل على مواقع التواصل ما
قاله الدكتور خالد آل سعود عبر حسابه الرسمى على موقع التواصل الاجتماعى "تويتر""العشر
الأواخر من رمضان قد تُغير مجرى حياتك كُلِّهَا للأفضل إن أحسنت استثمارها بالإقبال
على الله.. إنها بالفعل فُرص وقد لا تعود". فعلينا لا نضيع هذه الساعات
المباركة فلنذهب إلى الله نطلب المغفرة والعفو وأن يرفع عنا الوباء والبلاء برحمته
التي وسعت كل شيء
وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
يعتكف في العشر الأوسط من رمضان، فاعتكف عاماً حتى إذا كان ليلة إحدى وعشرين قال:
"من كان اعتكف معي فليعتكف العشر الأواخر فقد رأيت هذه الليلة ثم أنسيتها... فالتمسوها
في العشر الأواخر والتمسوها في كل وتر"[21]. وفي حديث أبي سعيد رضي الله عنه:
أن النبي - صلى الله عليه وسلم - اعتكف العشر الأول من رمضان، ثم اعتكف العشر الأوسط،
ثم قال - صلى الله عليه وسلم -: "إني أعتكف العشر الأول ألتمس هذه الليلة، ثم
اعتكفت العشر الأوسط، ثم أتيت فقيل لي: إنها في العشر الأواخر، فمن أحب منكم أن يعتكف
فليعتكف" فاعتكف الناس معه، قال: "وإني أُريتُها ليلة وترٍ..."
[22]. وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم
- أجدُ الناس بالخير، وكان يلقاه في كل ليلةٍ في شهر رمضان حتى ينسلخ يعرضُ عليه رسول
الله - صلى الله عليه وسلم - القرآن، فإذا لقيه جبريل كان أجود بالخير من الريح المرسلة"[23].
والمقصود بالاعتكاف انقطاع الإنسان عن الناس ليتفرغ
لطاعة الله تعالى في مسجد من مساجد الله طلباً لفضل ثواب الاعتكاف من الله تعالى، وطلباً
لإدراك ليلة القدر، وله الخروج من معتكفه فيما لا بد منه: كقضاء الحاجة، والأكل والشرب
إذا لم يُمكن ذلك في المسجد.