رئيس مجلس الإدارة

أ.د حسـام عقـل

سعيد صادق يكتب: مثقفونا وشهر رمضان الحرام!

  • جداريات 2
  • الأحد 10 مايو 2020, 10:50 صباحا
  • 22010
هلال رمضان - صورة أرشيفية

هلال رمضان - صورة أرشيفية

«رمضان الشهر الحرام»، «رمضان شهر الله الحرام»، «أتمنى أن يتوقف النزاع في دولة كذا في رمضان شهر الله الحرام»، «رمضان الشهر الذي حرم الله فيه القتال».

لا تنزعج عزيزي القارئ هذا ليس كلامي فأنا أعلم قطعيا أنه على العكس من ذلك، أن رمضان إضافة إلى أنه شهر العبادة والتقرب إلى الله هو شهر الانتصارات الكبرى التي أهمها قديما غزوة بدر الكبرى وحديثا انتصار حرب أكتوبر.

إنما من يرون شهر رمضان شهرا حراما، وبكل أسف، بعض الذين يلقبون أنفسهم بالنخبة والمثقفين، لا أعرف من أين تأتى لهم هذا الرأي ولا هذا القول، أو قرأوه في أي مصدر أو كتاب.


ولو كنت ممن يستقبلون مقالات الرأي والكتاب في واحدة من الصحف الكبرى مثلي فستفجع على تكرار هذه العبارات التي تجعل رمضان شهرا حراما في مقالات هؤلاء التي يكتبونها كل عام بالتزامن مع هذا الشهر الكريم، قبل أن يتم محو الفضيحة ومنعها من خروجها للناس.

عند هنا قد نتقبل الأمر إنما تجد هؤلاء الذين جعلوا رمضان شهرا حراما جعلوه حراما أيضا في أهم شعيرة لهذا الشهر وهي الصوم، فهم لا يصومون أصلا، فرمضان شهر حرام نعم، لكن شهر صيام فـ«لا»، كيف يحرمني هذا الشهر من الكأس والسيجارة أو النربيشة؟

وليت هؤلاء على جهلهم وعلاتهم يقفون عند أنفسهم بل نجدهم يتعدون ذلك إلى الغير لمحاولة تفصيل تشريع خاص وتعميمه فرمضان نفسه الشهر الحرام من وجهة نظرهم هو شهر اختياري في الصيام ونجد بعضهم من يفسر قول تعالى: «أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ ۚ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ۚ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ۖ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ ۚ وَأَن تَصُومُوا خَيْرٌ لَّكُمْ ۖ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ». تفسيرات على الهوى والمزاج مؤكدين أن الأصل في الأمر الاختيار، ثم يفسرون هذا القرآن بقرآن آخر «لا يكلف الله نفسا إلا وسعها» ويُسقط عن نفسه التكليف بكل أريحية فقط من أجل الكأس والسيجارة، في حين أنه يرفل في عافية 100 حصان.

الغريب أن هؤلاء الجهلاء جهلا مطبقا لا يستحيون أن يرفعوا عقيرتهم في وجه عالم أشم قضى عمره في جمع العلم بهذه الفتاوى ويتبجحون بها متكالبين عليه. 

وآخر فتاوى هؤلاء لهذا العام عندما خرجت الفتاوى من المؤسسات الإسلامية الرسمية تؤكد أنه بعد مراجعة منظمة الصحة العالمية في الأمر- ولنأخذ تحت عبارة «مراجعة هيئة الصحة العالمية» مائة خط- تبين أنه لا علاقة بين الصيان وفيروس كورونا ولا يسبب الصيام أي ضعف للمناعة أو يزيد ظن فرص الإصابة بكورونا وبناء عليه ففريضة الصيام تبقى واجبة على كل مسلم عاقل قادر على الصيام.

وعلى الرغم من أن الفتوى قبل خروجها كانت بمراجعة مع منظمة الصحة العالمية وجدنا بعض هؤلاء الجهال يخرج علينا وينتقي فتوى الإمام أحمد الطيب تحديدا ويعلق عليها أنها تحمل الناس فوق طاقتهم وأنه لا حاجة للصيام هذا العام في ظل كورونا «لأنه حفظ الأنفس» من أهم مقاصد الشريعة الإسلامية.

 قاتل الله الجهل وماذا تعني مراجعة منظمة الصحة العالمية في الأمر؟ أليس معناه أنه تمت مراجعة أعلى وأهم جهة صحية في العالم قبل الفتوى وأكدت أنه لا ضرر في الصيام البتة.

عموما أعزاءنا المثقفين من هذا النوع نقبل من جهلكم أن تجعلوا رمضان شهرا حراما، أما صيامكم أو عدم صيامكم فلأنفسكم، لكن أن يتخطى جهلكم لمحاولة فرضه على الأمة الإسلامية كلها فلا.


تعليقات