هل يريدون إسقاط الرموز؟

  • أحمد عبد الله
  • الإثنين 04 مايو 2020, 8:59 مساءً
  • 1568
أرشيفية

أرشيفية


هم الذين يريدون إسقاط الإمام البخاري -رحمه الله-، منذ عشرات السنين، بل أنفقوا على ذلك الملاييين، عبر الدراما وغيرها، ثم باءت كل محاولاتهم بالفشل الذريع.

وهم الذين يظهرون الفينة بعد الأخرى، منذ عهد النبي الكريم -صلى الله عليه وسلم-، للهجوم بألسنة حداد على الصحابي الجليل أبي هريرة، رضي الله عنه، أو غيره ممن نقلوا لنا سنّة النبي صلى الله عليه وسلم.

وهم الذين هاجموا منذ شهور قليلة، الرجل الصالح، مفسر القرآن الكريم، الشيخ محمد متولي الشعراوي -رحمه الله-، وهم الذي صدّعوا رؤوسنا من قبل، باعتداله، ووسطيته، وسماحته، البعيدة عن التشدد السلفي، والمتماشية مع الاعتدال الصوفي -على حد قولهم-.

وهم الذين لا يفوّتون فرصة إعلامية، إلا بالهجوم على الأزهر الشريف، ومناهجه، والتشفي من شيخه، وهيئة كبار علمائه، والتحذير من الإرهاب النابع منه، على حد زعمهم.


وهم الذين يهاجمون الآن، شيخ الإسلام بن تيمية -رحمه الله-، عبر الدراما التليفزيونية، ويصفونه بالإرهاب والتكفير والغلوّ، وهو الذي ظلّ طوال حياته -رحمه الله-، يحذّر الناس من فتنة التكفير والتطرف، ويجاهد في كل المحافل، لردع الخوارج ودعاتهم.


فماذا يريدون؟!


إنك إن استقرأت التاريخ، لعلمت أن هؤلاء لا يريدون إسقاط الصوفي المعتدل -على حد تصنيفهم-، ولا السلفي المتشدد- على حد افتراءهم-، فهم الذين هاجموا الأئمة على اختلاف مشاربهم، وانتماءاتهم.


 فقط.. لأنهم يريدون إسقاط رموز المسلمين.


نعم.. هذا هو هدفهم.. إسقاط الرموز، التي نقلت لنا هذا الدين، وبالتالي إسقاط الدين كله، جملة وتفصيلًا.


وهذه هي الجريمة، التي لا يريدون الإفصاح عنها، فيسلطوا سفهاءهم، ممن يتسمّون باسم الإسلام ظاهرًا، ويرفعون راية "التنوير" زورًا وبهتانًا، للهجوم على رموز الأمة باسم التنوير والحداثة..


وما كان التنوير، إلا في هداية الوحي المنزّل من عند الله سبحانه وتعالى، على نبيه صلى الله عليه وسلم، ولكن المنافقين لا يفقهون.


إن ابن تيمية الذي يشوّهون صورته الآن، هو الذي حذّر من فتنة التكفير، والإرهاب، بنصّ واضح قال فيه: ليس لأحد أن يكفر أحدًا من المسلمين، وإن أخطأ وغلط، حتى تقام عليه الحُجة، ومن ثبت إسلامه بيقين، لم يزل ذلك عنه بالشك، بل لا يزول إلا بعد إقامة الحجة وإزالة الشبهة".


بل وهو رحمه الله، المؤلف والمفسر والأديب والفقيه، الذي تجاوزت كتبه ٣٠٠ مجلدًا، منها أثر من  ١١٢ كتاب في تفسير القرآن العظيم وعلومه، وبيان توافق الوحي الإلهي مع العقل البشري، في مشروع هو الأول من نوعه، و١٣٨ كتابًا في الفقه والفتاوى.

ابن تيمية رحمه الله، هو الذي كان يجيد مع اللغة العربية، اللغة العبرية وكذا التركية بل واللاتينية.

ابن تيمية الذي يهاجمه أبناء  ملته، هو الذي يعكف علماء الغرب على كتبه، لدراستها واستخراج أنفع الدروس منها، ابن تيمية، فيكتبون ويقيمون المحاضرات التي تشرح للناس عن رجل عبقري تغفل أمته عنه.

بل وهو -رحمه الله- الوطني المجاهد، الذي بذل نفسه وماله، لأجل الدفاع عن دينه، وعروبته، ودولته، حيث وقف وحده أما التتار وغيرهم، ممّن أرادوا غزو بلاد المسلمين، وإسقاط رايتهم، وتغريب عقيدتهم، وطمس هويتهم.

وهو الذي رفض التفريط في أهل الذمة من اليهود والنصارى، ووقف أمام غازات قائد التتار، مطالبًا بفكّ أسر جميع الأسرى، وليس فكّ أسر المسمين فحسب، قائلًا:  "بَلْ جَمِيعُ مَنْ مَعَك مِنْ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى الَّذِينَ هُمْ أَهْلُ ذِمَّتِنَا؛ فَإِنَّا نُفْتِكَهُمْ وَلَا نَدَعُ أَسِيرًا لَا مِنْ أَهْلِ الْمِلَّةِ وَلَا مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ. وَأَطْلَقْنَا مِنْ النَّصَارَى مَنْ شَاءَ اللَّهُ. فَهَذَا عَمَلُنَا وَإِحْسَانُنَا وَالْجَزَاءُ عَلَى اللَّهِ)) [((مجموع الفتاوى)) (28/616)]

كفّوا ألسنتكم وأقلامكم عن علماء المسلمين.. واتقوا الله فيهم.. فبلادنا تمر ببلاء يحتاج إلى رفع أكفّ الضراعة إلى الله -سبحانه وتعالى- ليرفع عنّا ما نحن فيه، "فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُم بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَٰكِن قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ".

تضرعوا إلى ربّهم.. فلم يحاربوه -سبحانه وبحمده- بالهجوم على أوليائه، والنيل منهم، لحساب أيديولوجيات غربية، تُملي عليهم ما يكتبونه، بحجة التنوير، والهجوم على كتب التراث.

وفي الختام.. ليس عندي كبير فرق، بين متطرفي داعش، الذين يشوّهون صورة الإسلام، بسفك دماء الأبرياء، من أبناء قواتنا المسلحة الأبطال الذين يرابطون على الثغور في سيناء وغيرها، وبين بعض المتطرفين الذين يتصدّرون وسائل الإعلام، وهم يكيدون للإسلام ورموزه وأئمته.

اللهم من أراد بالإسلام والمسلمين خيرًا فوفقه لكل خير.. ومن أراد بالإسلام والمسلمين شرّا فاجعل كيده في نحره.

اللهم احفظ مصر بحفظك، وجنبنا البلاء بقدرتك وعفوك، وسائر بلاد المسلمين.. اللهم آمين.

تعليقات