باحث بملف الإلحاد: الفرائض في الإسلام أبرز الأدلة على صدق نبوة محمد صلى الله عليه وسلم
- الجمعة 22 نوفمبر 2024
أرشيفية
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه....
أما بعد..
فقد ثبت في السنن عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال: (تداووا فإن الله تعالى لم يضع داء إلا وضع له دواء غير داء واحد الهرم) [وصححه الألباني]، وروى الحاكم أنه صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله لم ينزل داء؛ أو لم يخلق داء إلا أنزل؛ أو خلق له دواء علمه من علمه وجهله من جهله إلا السام قالوا: يا رسول الله وما السام قال: الموت) [وصححه الألباني]، وفي المسند بسند صحيح: (عاد رسول الله رجلا به جرح فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ادعوا له طبيب بني فلان قال : فدعوه فجاء فقال : يا رسول الله ويغني الدواء شيئا فقال: سبحان الله وهل أنزل الله من داء في الأرض إلا جعل له شفاء).
وقد ورد في السنة أنواعاً من الطب النبوي، فليت الأطباء
يأخذون بها لاسيما في هذه الأزمة، ولاسيما حبة البركة السوداء، والحجامة، ففي
الصحيحين عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما:
سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (إن كان في شيء من أدويتكم خير ففي شربة عسل أو شرطة محجم
أو لذعة من نار وما أحب أن أكتوي)؛ وفي البخاري عن عائشة ـا
أنها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول (إن هذه الحبة السوداء شفاء من كل داء إلا من السام، قلت وما
السام؟ قال الموت)، ورواه مسلم من حديث أبي هريرة .
وفي سنن أبي داود عن أبي هريرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من احتجم لسبع عشرة وتسع عشرة وإحدى وعشرين كان شفاء من كل داء). [حسنه الألباني]، ومنها ما رواه الطبراني [وحسنه الألباني] أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (تداووا بألبان البقر فإني أرجو أن يجعل الله فيها شفاء فإنها تأكل من كل الشجر)، ومنها ما رواه ابن ماجه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (عليكم بالسنى والسنوت. فإن فيهما شفاء من كل داء إلا السام، قيل يا رسول الله وما السام؟ قال: الموت)، لكن على خلاف في تفسيره، فالسنى: الواحدة سناة، نبات ولله المعروف بالسنامكي، والسنوت: العسل وقيل: الكمون، وقيل: الشبت.
فهذه كلها ورد فيها أنها شفاء من كل داء، ويتضمن ذلك أيضاً أنها تزيد في المناعة.
مع العلم أن الأخذ بالأسباب مأمور به شرعاً كما في نصوص التداوي آنفة الذكر، لكن ينبغي أن يعلم، ما قاله طائفة من العلماء، وهو: أن الالتفات إلى الأسباب شرك في التوحيد! ومحو الأسباب أن تكون أسبابا، نقص في العقل، والإعراض عن الأسباب بالكلية قدح في الشرع. ومعنى التوكل والرجاء، يتألف من وجوب التوحيد والعقل والشرع. فإن الالتفات إلى السبب هو اعتماد القلب عليه، ورجاؤه والاستناد إليه. وليس في المخلوقات ما يستحق هذا، لأنه ليس بمستقل، ولا بد له من شركاء وأضداد مع هذا كله، فإن لم يسخره الله لم يسخر. فقد يأتي الداء ولا يمرض الإنسان، فليس انتقال الميكروب شرطًا لحدوث المرض.
وليعلم كل منا أن هذا الوبا لن يكون آخر الأوبية مادامت
الفواحش ظاهرة ففي حديث ابن عمر رضي الله عنهما أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر خمس معاص، ومنها (ما ظهرت الفاحشة في قوم قط يعمل بها فيهم
علانية إلا ظهر فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن في أسلافهم) رواه البيهقي بطوله [وصححه الألباني].
فالأمر يحتاج التوبة العامة.
لكن في الجملة فإنه تكون المِنَح في ضمن بعض المحن،
ولذا ذكر العلماء عدة فوائد للطواعين، ولعل
من أهمها: أن يشعر الإنسان بعز
الربوبية، فكيف في خلال مائة يوم انقلبت أوضاع العالم كله، سياسياً
واقتصادياً واجتماعياً وصحياً وثقافياً ودينياً، بحيث لو كان منذ اسابيع من يقول
سيكون حالنا كذا وكذا، لبادر الناس بتكذيبه.
ويشعر الإنسان بذل
العبودية، فمع تكبر الإنسان بدعاوى التصرف المطلق في الأرض، {حَتَّى
إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ
قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا
حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ} [يونس: 24]، فصارت الإجراءات الاستثنائية
تكاد تشل الحركة في المجتمعات الغنية والفقيرة على حد سواء، من مخلوق لا يرى
بالعين.
كما أن المؤمن تدعوه هذه التغيرات السريعة إلى إخلاص العمل لله، فإن الأسباب لا تعمل إلا
بإذن الله تعالى، فإن فيروس كرونا ينتشر في أمة من الناس، فيمرض بعضهم، ويسلم آخر،
ويموت مصاب، ويشفى آخر، وليس في أيدينا إلا الانتظار، فلا علاج ناجع، ولا لقاح في
المتناول، فالأمر كله لله، ونسأل الله اللطف. كما يدعوه ذلك إلى الانابة إلى الله تعالى وترك المعاصي، والتوبة والتضرع والدعاء،
{فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا} [الأنعام: 43]، كما نزول
النازلة الوبائية نحتاج معه توطين النفس على الصبر، بكل أنواعه، الصبر على البلاء، والصبر على ترك كثير من
المباحات، وربما الصبر على فقد أحباء، وترك محبوبات، وأعظمه الصبر على تعليق
المناسك، وإغلاق المساجد، ومنع ابعض الشعائر.
وربما من وجه آخر فرح العبد بالبلاء، ففي سنن ابن ماجة [وصححه الألباني] عن أبي سعيد الخدري قال: (قلت يا رسول الله أي الناس أشد بلاء؟ قال الأنبياء، قلت: يا رسول الله ثم من؟ قال: ثم الصالحون، إن كان أحدهم ليبتلى بالفقر حتى ما يجد أحدهم إلا العباءة التي يحويها، وإن كان أحدهم ليفرح بالبلاء كما يفرح أحدكم بالرخاء)، لأن البلاء فيه تمحيص الذنوب، ففي الصحيحين عن الطاعون أن النبي : (وأن الله جعله رحمة للمؤمنين)، كما أن الوباء يدعونا إلى رحمة أهل البلاء، وشكر الله على نعمة العافية، قال تعالى: {وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [البقرة: 216]، وفي الترمذي وابن ماجه [وحسنه الألباني] عن أنس قال رسول الله : (إن عظم الجزاء مع عظم البلاء، وإن الله تعالى إذا أحب قوما ابتلاهم؛ فمن رضي فله الرضا ومن سخط فله السخط)، كما في فضل الطاعون: تقصير الأمل، فالكل رتقب، وتحسين العمل، واليقظة من الغفلة، والتزود للرحلة، وبالله التوفيق.
كتبه
أ.د. خالد بن فوزي حمزة