"الأغذية العالمي" يجدد تحذيره من "وباء الجوع" مع انتشار كورونا

  • جداريات Ahmed
  • الخميس 23 أبريل 2020, 02:48 صباحا
  • 793
كورونا يزيد العالم جوعى

كورونا يزيد العالم جوعى

 

أكد ديفيد بيزلي، المدير التنفيذي لبرنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، أمام الجلسة الافتراضية لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة اليوم بشأن صون السلام والأمن الدوليين أن ما يواجهه العالم في هذه اللحظة. ففي الوقت الذي نتعامل فيه مع فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19)، نحن أيضاً على شفا "وباء الجوع".

وتابع قائلا :  في نقاشاتي مع زعماء العالم قبل ستة أشهر، قبل أن يصبح فيروس كورونا قضية عالمية، كنت أحذر من أن عام 2020 سوف يكون أسوأ عام للأزمات الإنسانية منذ الحرب العالمية الثانية لعدة أسباب، أبرزها  استمرار الحروب في سوريا واليمن. والأزمات المتفاقمة في أماكن مثل جنوب السودان، وكما سيتحدث يان إيغلاند بلا شك، بوركينا فاسو ومنطقة الساحل الأفريقي الوسطى. تكرار حدوث الكوارث الطبيعية وتغير المناخ. أسراب الجراد في أفريقيا، كما وضح دونغيو كو في ملاحظاته. الأزمة الاقتصادية في لبنان التي تؤثر على ملايين اللاجئين السوريين والكونغو والسودان وإثيوبيا والقائمة طويلة. نحن نواجه بالفعل وضع سيء للغاية.

وأضاف : واليوم، مع تفشي فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19)، أود أن أؤكد على أننا لا نواجه جائحة صحية عالمية فحسب، بل نواجه أيضاً كارثة إنسانية عالمية. الملايين من المدنيين الذين يعيشون في دول تندلع فيها الصراعات، والعديد منهم من النساء والأطفال، يواجهون خطر الوقوع في براثن الجوع، مع احتمال أن يخيم عليهم شبح المجاعة، لافتا إلى أن  هذا الأمر يعد صادماً حقاً ولكن دعوني أخبركم بالأرقام: هناك 821 مليون شخص ينامون كل ليلة وهم جوعى، وكما يوضح التقرير الذي نشر اليوم، فهناك 135 مليون شخص آخرين يعانون الجوع بمستويات مرتفعة تصل إلى حد الأزمة أو ما هو أسوأ من ذلك. ولكن العديد من الأشخاص الأكثر ضعفاً في الدول الهشة ذات الدخل المنخفض أصبحوا الآن تحت تهديد هذا الفيروس، موضحا أنه يتبين من تحليل برنامج الأغذية العالمي أنه بسبب فيروس كورونا، فإن 130 مليون شخص آخرين من الممكن أن يصبحوا على شفا المجاعة بحلول نهاية عام 2020: أي إجمالاً نحو 265 مليون شخص.

 كما لفت إلى أنه في أي يوم من الأيام، يوفر برنامج الأغذية العالمي شريان حياة لنحو 100 مليون شخص. ويشمل هذا حوالي 30 مليون شخص يعتمدون علينا حرفياً للبقاء على قيد الحياة. وإذا لم نتمكن من الوصول إلى هؤلاء الناس بالمساعدة المنقذة للحياة التي يحتاجون إليها، فوفقاً لتحليل برنامج الأغذية العالمي، قد يموت نحو ثلاثمائة ألف إنسان جوعاً كل يوم طيلة الأشهر الثلاثة المقبلة، موضحا أنه في أسوأ السيناريوهات، نستطيع أن نرى شبح المجاعة في نحو ثلاثين دولة، وفي الواقع، أصبح لدينا بالفعل في عشر من هذه الدول أكثر من مليون شخص في كل دولة على وشك المجاعة. وفي أماكن كثيرة، فإن هذه المعاناة الإنسانية هي الثمن الباهظ للصراع.

وأكد بيزلي أنه في برنامج الأغذية العالمي كنا فخورين جداً عندما اتخذ هذا المجلس القرار التاريخي رقم 2417 في أيار/مايو 2018. والآن يتعين علينا أن نتعايش مع تعهدنا بحماية الأكثر ضعفاً والعمل على الفور لإنقاذ الأرواح، ولكن هذا ليس سوى الجزء الأول من الاستراتيجية اللازمة لحماية الدول التي مزقها الصراع من "وباء الجوع" الذي سببه فيروس كورونا المستجد. وهناك أيضاً خطر حقيقي يتمثل في احتمال وفاة المزيد من الناس نتيجة للتأثير الاقتصادي الناجم عن فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) أكثر ممن يموتون بسبب الفيروس نفسه/ مشيرا إلى أن لهذا السبب أتحدث عن وباء الجوع. ومن الضروري أن نتحد معاً كمجتمع عالمي موحد حتى نهزم هذا المرض، ونحمي الدول والمجتمعات الأكثر احتياجاً من تأثيراته المدمرة المحتملة.

كما توقع بيزلي  أن تؤدي الركود الاقتصادي والإغلاق إلى خسارة كبيرة في الدخل بين العمال الفقراء. كما ستهبط التحويلات الخارجية بشكل حاد - وهذا سيضر ببلدان مثل هايتي ونيبال والصومال. وستلحق الخسائر في عائدات السياحة الضرر بدول مثل أثيوبيا، حيث تمثل 47% من إجمالي الصادرات، لافتا إلى أن الهبوط الحاد في أسعار الوقود والمعادن والطلب عليها سيضرب اقتصاديات البلدان المنخفضة الدخل بشدة. على سبيل المثال، سوف يخلف انهيار أسعار النفط تأثيراً كبيراً في جنوب السودان، حيث يمثل النفط 98,8% من إجمالي الصادرات.

 إن التأثيرات الاقتصادية والصحية المترتبة على فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) تثير القلق الشديد بين المجتمعات في مختلف بلدان أفريقيا والشرق الأوسط، وذلك لأن الفيروس يهدد بإلحاق المزيد من الضرر بحياة الناس وسبل معيشتهم التي أصبحت عرضة للخطر بالفعل بسبب الصراعات.

وبرنامج الأغذية العالمي وشركاؤنا سيساعدون كل شيء. فعلى سبيل المثال، نعلم أن الأطفال معرضون بشكل خاص للجوع وسوء التغذية، لذا فإننا نعال على تقديم المساعدة لهم في الأولوية.

 في الوقت الراهن، وكما تعلمون سيادتكم، اضطر 1.6 مليار طفل وطالب إلى التغيب عن المدارس حاليًا بسبب عمليات الإغلاق. وبذلك يُحرم ما يقرب من 370 مليون طفل من الحصول على الوجبات المدرسية المغذية – وما عليكم إلا أن تتخيلوا أنه عندما يُحرم الأطفال من الحصول على التغذية التي يحتاجونها، فإن مناعتهم تنخفض. وفي المناطق التي توقفت فيها الوجبات المدرسية المغذية بسبب إغلاق المدارس، فإننا سنعمل على استبدالها بحصص غذائية منزلية، حيثما أمكن ذلك.

 وكما تعلمون، فإن برنامج الأغذية العالمي يمثل الركيزة اللوجستية لمجتمع العمل الإنساني، ويمثل ما هو أكثر من ذلك في الوقت الحالي بسبب الجهد العالمي المبذول للتغلب على هذا الوباء. لقد قدمنا الملايين والملايين من معدات الوقاية الشخصية ومعدات الاختبار والكمامات إلى 78 بلداً نيابة عن منظمة الصحة العالمية. كما أننا ندير الخدمات الإنسانية الجوية لجلب الموظفين الصحيين من ممرضات وأطباء إلى البلدان التي تحتاج إلى المساعدة، وخاصة في هذا التوقيت الذي تعرضت فيه صناعة نقل الركاب جواً للتوقف.

ولكننا بحاجة إلى بذل المزيد، وأنا أناشد هذا المجلس الموقر ليتولى قيادة الطريق. أولا وقبل كل شيء، نحن بحاجة إلى السلام. وكما قال الأمين العام مؤخرا بوضوح شديد، فإن وقف إطلاق النار عالمياً بات أمراً ضرورياً.

 ثانياً، نحتاج من جميع أطراف النزاعات أن تتيح لنا وصولاً إنسانيًا سريعًا ودون عوائق إلى جميع المجتمعات المحتاجة، حتى يحصلوا على المساعدات التي تشتد حاجتهم إليها، بغض النظر عن هويتهم أو مكانهم. ونحتاج أيضًا بشكل عام إلى استمرار تدفق السلع الإنسانية والحركة التجارية عبر الحدود؛ لأنها تمثل شريان الحياة للأنظمة الغذائية العالمية والاقتصاد العالمي. ويجب أن تستمر سلاسل الامداد في التحرك إذا أردنا التغلب على هذا الوباء ونقل المواد الغذائية من أماكن إنتاجها إلى أماكن توريدها. وهذا يعني أيضًا مقاومة الميل إلى فرض قيود على الصادرات أو دعم الاستيراد، الأمر الذي يمكن أن يؤدي إلى ارتفاع الأسعار وإلى نتائج عكسية.

 ويعمل برنامج الأغذية العالمي يداً بيد مع الحكومات لبناء شبكات الأمان الوطنية وتعزيزها. وهذا أمر بالغ الأهمية الآن لضمان الوصول العادل للمساعدات وللمساعدة في الحفاظ على السلام ومنع تصعيد التوتر بين المجتمعات.

 ثالثاً، نحتاج إلى تنسيق العمل لدعم المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة. فعلى سبيل المثال، يقوم برنامج الأغذية العالمي بتنفيذ خطط للتخزين المسبق للأغذية والنقد التي تكفي لمدة ثلاثة أشهر لخدمة العمليات القطرية التي تتصدر أولويات البرنامج. ونحن نناشد الجهات المانحة للإسراع في ضخ مبلغ (1.9) مليار دولار أمريكي من التمويل الذي تعهدت به بالفعل، حتى نتمكن من تخزين المساعدات وتجهيز هذه الاحتياطيات المنقذة للحياة، وحماية الفئات الأشد احتياجاً من تداعيات توقف سلاسل الإمداد، ونقص السلع، والأضرار الاقتصادية وحالات الإغلاق. وأنتم تتفهمون بالضبط ما أتحدث عنه.

 ونحن نحتاج أيضًا لمبلغ 350 مليون دولار أمريكي أخرى لإنشاء شبكة من المراكز اللوجستية وأنظمة النقل للحفاظ على حركة سلاسل الإمداد الإنسانية في جميع أنحاء العالم. وكذلك لإنشاء المستشفيات الميدانية وتنفيذ عمليات الإجلاء الطبي للعاملين في المجال الإنساني والعاملين الصحيين في الخطوط الأمامية، حسب الحاجة وعلى نحوٍ استراتيجي.

 أصحاب السعادة، قبل عامين، اتخذ مجلس الأمن خطوة تاريخية عندما اعترف وأدان الخسائر البشرية الهائلة الناتجة عن النزاعات والتي تتمثل في الفقر والجوع. كما أبرز القرار رقم 2417 الحاجة إلى تفعيل أنظمة للإنذار المبكر، وها أنا ذا أدق ناقوس الخطر اليوم.

  لا توجد مجاعات حتى الآن. ولكن يجب أن أحذركم من أننا إذا لم نستعد ونتصرف على الفور - لتأمين الوصول، وتجنب نقص التمويل وتعطيل التجارة - فقد نواجه مجاعات متعددة ذات أبعاد كارثية في غضون أشهر قليلة.

 وستحدد الإجراءات التي سنتخذها نجاحنا أو فشلنا في بناء نظم غذائية مستدامة كأساس لمجتمعات مستقرة وتتمتع بالسلام. وفي الحقيقة، ليس لدينا ما يكفي من الوقت، لذلك علينا أن نتصرف بحكمة ونعمل بسرعة. وأعتقد أنه من خلال خبرتنا وشراكاتنا، يمكننا أن نوفر كل من فرق العمل والبرامج اللازمة للتأكد من أن وباء كورونا المستجد (كوفيد-19) لن يتحول إلى كارثة إنسانية وأزمة غذائية. وفي النهاية يا سيدي الرئيس، شكراً جزيلا لسيادتكم.

 

تعليقات