في اليوم العالمي للتراث : الهوية التراثية العربية إلى أين ؟

  • جداريات Ahmed
  • السبت 18 أبريل 2020, 3:38 مساءً
  • 1384
التراث العربي

التراث العربي

لا يختلف أحد على أهمية التراث في حياة الأمم والحضارات ، فهي روح كل أمة وبدون التراث تصبح الحضارات بلا قيمة فعلية ، كون التراث في حد ذاته  هو مجموع خبرات الإنسان في حياته، وتنبثق هذه الخبرات من تجاربه مع البيئة المُحيطة به، وبمن هم حوله من الأفراد والجماعات، ويرتبط التراث بماضي الإنسان ارتباطاً وثيقاً، كما يرتبط بالواقع الذي يعشيه وبمستقبله، ويُعدّ التراث حجر الأساس الذي تقوم عليه ثقافة الأُمم في تاريخها وحاضرها.

كما أن كيفية الحفاظ على التراث تتمثل في السلوك الإنساني الفردي أوالجماعيّ الذي يساعد على الحفاظ على الهوية التراثية للشعوب الإنسانية، وقد اهتمت منظمة اليونسكو بالتراث الإنساني من خلال وجود اتفاقية عالمية تهتم بالتراث العالمي الثقافي والطبيعي، ومن خلال هذه الاتفاقية يمكن الاستدلال من بعض بنودها على كيفية الحفاظ على التراث وفقًا لعدة عوامل منها وجود بعض السياسات العامة التي تهدف إلى إبراز التراث الثقافي للشعوب باعتباره من مقومات المجتمعات الإنسانية، ومزج المقومات التراثية والتاريخية بالأنشطة الإنسانية المعاصرة. والعمل على تدشين بعض المراكز الخدمية في المناطق التي تحتوي على المعالم التراثية، والتي تهدف إلى تعريف الناس بالتراث الثقافي والطبيعي من خلال وجود بعض الموظفين المُطَّلعين على التراث في تلك المناطق، والقادرين على إيصال الصورة للزوار المحليين أو الخارجيين. إيجاد التشريعات القانونية الصارمة التي تضمن حماية الموروث التراثي والحضاري للشعوب، ومنع الاعتداء على المعالم التراثية لضمان ديمومة وجودها، ومنع طمس التراث الطبيعي والثقافي في مختلف أنحاء العالم. تأسيس بعض اللجان المختصة بالبحث في القضايا التراثية والحضارية، حيث تختصُّ هذه اللجان بتدريب الأفراد على حماية الثراث، هذا بجانب إلى العمل  على  رصد ميزانيات مناسبة للبحث في التراث الطبيعي والتاريخي، وإعادة ترميم بعض المناطق التراثية التي تحتاج إلى ذلك. إنشاء صناديق إنمائية لدعم المعالم التراثية والطبيعية، خاصة تلك التي تحظى بقيمة تاريخية وتراثية عالميّة، حيث يتم جمع بعض المبالغ بشكل طوعي أو إجباري للإنفاق على هذه المعالم، وقد تكون هذه المبالغ التي يتم توريدها إلى هذه الصناديق من المنظمات الثقافية أو المؤسسات العامة أو الأفراد.

أهمية التراث في حياة الأمم

 

تأتي أهمية التراث أنه يعطي كل أمة أو حضارة أو شعبٍ هويته التي تميزه عن غيره من الشعوب، كما يمنحها قيمتها الاجتماعيّة والفنية والعلمية والتربوية ، و بالتالي يعد التراث المكون الجوهري لأي حضارة؛ وذلك لكونه مجموعة من الخبرات المتراكمة على مر العصور كما ذكرنا من قبل ؛ حيث يؤدي تراكم الخبرات وتجمعها إلى تكوين الذاكرة التي تجعل الأفراد يربطون بين خبراتهم السابقة والحاليّة؛ لذلك فإنّه حري بكلّ شعبٍ أن يحافظ على تراثه ويحميه؛ حيث يؤدّي فقدانه وزواله إلى زوال هويّته وفقدان ذاكرته،ويتنوع التراث بشكلٍ كبير، فمنه ما هو مرتبط بالعلم، ومنه ما يرتبط بالفن والأخلاق والعادات، وكما يرتبط التراث بالصناعات والمهن، ومنه ما هو مرتبط بالمعتقدات، وينتقل التراث من الماضي إلى الحاضر بجميع أشكاله وأنواعه عن طريق اللغة والتعليم وأنظمة المُحاكاة الحديثة.

وفي عام 1947م تعاونت الدول العربيّة على الحفاظ وإحياء التراث العربي وتنشيطه والحفاظ عليه، كما استُخدمت الوسائل المُختلفة لنشره بين الناس قدر استطاعتها، وفي عام 1970م أُنشئت المنظمة العربيّة للتربية والثقافة والعلوم، التي تُواصل حتّى اليوم عملها في الحفاظ على التراث العربي، من خلال مجموعةٍ من البرامج والمشاريع المُختلفة، إضافةً إلى المؤتمرات التي تبحث في شؤون التراث الثقافيّ والآثار.

 حماية التراث الثقافي والطبيعي اهتمت منظمات عالميّة عديدة بالتراث على المستوى العالمي، فقد شجعت منظمة اليونسكو على حماية التراث الثقافيّ والطبيعيّ؛ من خلال عقد اتفاقية دولية عام 1972 والتي عُرفت باسم اتفاقية حماية التراث العالمي الثقافي والطبيعي، كما انبثق عنها اللجنة الحكومية الدولية  لحماية التراث وصندوق حماية التراث الثقافي والطبيعي العالمي إضافة إلى وضع سياساتٍ وشروطٍ للمساعدات الدوليّة الخاصة بحماية التراث والحفاظ عليه، ويتجسّد العمل على حماية التراث من خلال تنفيذ العديد من الأنشطة بتعاونٍ مُنسّق بين المنظمات العالميّة، ومن الأمثلة على طُرق حماية التراث والحفاظ عليه: نشر الحرف التقليديّة القديمة من جديد، وعمل برامج خاصة تعترف بالحرفيين التقليديين وترفع من قيمتهم. تنظيم وإعداد مشاريع وورش عملٍ تسعى لتعليم التراث والحفاظ عليه من الاندثار. عقد وإنشاء الدورات التدريبية في دور خاصة بهدف مناقشة القضايا المتعلقة بالتراث. إعادة تأهيل التراث والنهوض به من خلال تنظيم العلاقة بين السياسة الوطنيّة وخطة العمل وتنفيذ المشاريع. أما بنود الاتفاقية المذكورة سابقاً فقد تضمنت ما يلي: يجب على كلّ دولةٍ تُمثّل طرفاً في الاتفاقيّة أن تتعهّد بحماية كلّ ما على أرضها من تراث وتنقله من جيلٍ إلى جيل، كما ويجب أن توظف كلّ ما لديها من موارد من أجل هذه الغاية،

    هذا بجانب العمل على تقديم أي مساعدة تقنية وفنية يمكن أن تعود بالفائدة على التراث والحفاظ عليه. دمج حماية التراث في برامج شاملة، وإعطاء التراث الطبيعيّ والثقافي أهميته على أكمل وجه وتوظيفه بشكلٍ فعّال في المجتمع. إعداد خدماتٍ تهدف إلى حماية التراث، وعمل أنشطةٍ تهدف إلى عرض وتقديم التراث إلى الأفراد مع توفير جميع السُّبل والمواد اللازمة لذلك. إنشاء مراكز وطنيّة أو إقليميّة تسعى لتدريب الأفراد على حماية تُراثهم وتشجيعهم على إقامة الأبحاث العلميّة المتعلقة به.مع وضع خطط علمية ومالية وإدارية تخدم حماية التراث والحفاظ عليه و نقله من جيلٍ لآخر. اتخاذ الإجراءات اللازمة في حال تعرّض التراث للتهديد، كما يجب على الدولة أن تضع دراساتٍ علميّة وتقنيّة من شأنها أن تواجه الأخطار التي قد يتعرّض لها التراث. تتعهّد الدول الأطراف في الاتفاقيّة على عدم التعرض بشكلٍ سلبي لتراث دولةٍ أو إقليمٍ آخر يُعدّ طرفاً في الاتفاقيّة أيضاً. جوانب التراث إنّ جميع أنواع التراث نتاج عن الحياة البشريّة، فهي خبرات تنتقل من السلف إلى من يخلفهم على الأرض، وللتراث جانبان أساسيّان هما: الجانب المعنوي، والذي يشتمل على العلوم والأدب والقيم والعادات، والجانب المادي ويشتمل على أشياء ملموسة، مثل الآثار والمباني، كما يشتمل على الأحداث التي تقع وتتناقل بين الناس، وبذلك فإنّ للتراث تأثيراً كبيراً في صنع الحاضر، وهو يتدفّق نحو المستقبل أيضاً.

حسب اتفاقيّة اليونسكو لعام 1972م المذكورة أعلاه، فقد تحدد التراث العالمي بنوعين، هما: التراث الثقافي والتراث الطبيعيّ، أما التراث الثقافيّ فيشتمل على المعالم الأثريّة والمباني الفنيّة والتاريخيّة والمواقع الأثريّة، أو الأعمال الأثريّة الناتجة عن عمل الإنسان، أو المشتركة بين الطبيعة والإنسان، أمّا التراث الطبيعيّ فيشتمل على التشكيلات الجيولوجيّة والمناطق التي تحتوي على الحيوانات والنباتات المهدّدة بالانقراض والتي تحمل قيمة عالية ومتميزة، والمناطق الطبيعيّة والتي لها جمال طبيعيّ يجب الحفاظ عليه.

 علاقة الإنسان بالتراث تكمن علاقة الإنسان الوطيدة بتراثه في أنّه المحدّد الأساسيّ لهويته، والرابط لحاضره بتاريخه وماضيه، وبذلك أصبح الإنسان ينتمي إلى تراثه انتماءً كبيراً ويتباهى فيه، ويمنع المساس به أو تشويهه؛ لما له من قيمة كبيرة تشغل تفكيره وعاداته وتقاليده؛ حيث يؤكّد الدكتور محمد عابد الجابري -رحمه الله- في كتابه الذي يحمل عنوان (نحن والتراث) أنّ الإنسان العربيّ مرتبط بتراثه ارتباطاً وثيقاً كارتباطه بالحياة، فهو يتلقّى تُراثه ويتشبّع به منذ لحظة ميلاده؛ من خلال المفاهيم والكلمات والخرافات والقصص والحكايات وطريقة التعامل مع الأشياء من حوله، كما يظهر ارتباطه بتراثه من أسلوب تفكيره المستمد من التراث، وبذلك فإنّ انقطاع الإنسان العربيّ عن تُراثه يمثّل له الموت، ويقول الجابري إنّ جميع شعوب الأرض ترتبط بتُراثها بنسبٍ مختلفة؛ إلّا أنّه يوجد فارق كبير بين من يُفكّر بتُراثه على أنّه وصلة ممتدّة إلى الحاضر والمستقبل، ومن يفكر بتُراثه على أنّه شيء منقطع من الماضي.




" المواطن العربي والتراث"

 يقول الدكتور فريدريك معتوق في كتابه "مدخل إلى سوسيولوجيا التراث" أن علاقة العربي بتراثه تتغذّى وتكبر من التراث؛ حيث يتعلّق عقله بما يحتويه ماضيه من إنجازاتٍ على مستوى العلم والأدب والفلسفة، ويظن الدكتور أنّه من الممكن قطع الإنسان الإفريقيّ عن تُراثه، بينما لا يُمكن فعل ذلك للعربيّ؛ إذ إنّ التراث بالنسبة له عبارة عن حياته الماضية والحاضرة، وهو ما يعطيه مدلولاً اجتماعيّاً ودينيّاً فيها. يُعدّ التراث جزءاً مهماً من الوعي السياسيّ والوعي الاجتماعيّ؛ حيث يعتقد الفرد أنّ ما كان صحيحاً ويهتدي به في الماضي هو صحيح الآن ويُمكن الاهتداء به أيضاً على المستويين السياسيّ والاجتماعي، وبذلك يُشكّل التراث مثالاً يُحتذى به؛ حيث يتطابق مع الحياة الاجتماعيّة في الماضي والحاضر، كما يتطابق من حيث السياسة قديماً مع السياسة المُعاصرة، فهو يُشكّل مرجعاً موثوقاً لا يقبل البحث والمناقشة، ويتميّز التراث بأنّه أقوى من الحاضر؛ حيث يضمن استمرارية الأمة ويُحقّق التوازن بين الماضي والحاضر والمستقبل، ويوازن بين عطاء الشعوب وفكرها.

"اللغة العربية وروح التراث العربي "

لا يمكن لأحد أن يختلف أن اللغة هى روح لكل تراث ، والتراث العربي قوته تستمد من قوة اللغة العربية العريقة والحفاظ عليها هو بداية الحفاظ على حقيقي على كل مكونات التراث العربي بمختلف أشكاله  ولذلك يقول عبد الله بن حمد الحقيل عضو جمعية التاريخ بجامعات دول مجلس التعاون باحث في أدب الرحلات في مقال له عبر صحيفة الجزية السعودية نصا " لقد قرأنا هذه الأيام تعريفات كثيرة للعولمة هذه الظاهرة التي تلف العالم اليوم وذهب الدارسون والباحثون في تفسيرها والحديث عن آثارها كثيراً، ولا شك أن اللغة عنصر من عناصر الذات ومكون من مكونات الشخصية ولكل أمة من الأمم لغة تتميّز بها بين الأمم الأخرى، وفي ظل العولمة الباسطة نفوذها اليوم على المجتمع الدولي كيف يمكن التوفيق بين الخصوصيات الروحية واللغوية والثقافية والحضارية وبين متطلبات العولمة.

 

فالعولمة تسير نحو التأثير السلبي في الهوية والسيادة معاً، والهيمنة الثقافية هدف مقصود لظاهرة العولمة، وإن اللغة والثقافة لكل أمة هي التي تحدد ملامح هويتها وتراثها، وتعد اللغة من أهم الملامح التي تكون هوية الأمة وتميّزها عن غيرها، فاللغة هي العنصر لأي ثقافة أو حضارة، واللغة العربية اليوم تواجه تحدياً قوياً في عصر العولمة، فالعولمة كما نراها اليوم تسير نحو التأثير السلبي في الهوية والسيادة وتذويبها وطمس معالمها وابتعد الناس عن اللغة العربية ليزدهر التغريب وتتحقق التبعية.

إن لغتنا أمانة في أعناقنا والحفاظ عليها مسؤولية مشتركة بين جميع فئات الأمة وتراثنا وهويتنا هما مصدر تميّزنا عن الآخرين ومبعث فخر ومصدر اعتزاز لنا، فالحفاظ على ذلك ضرورة حياة، فالأمة العربية والإسلامية تملك ثقافة عربية إسلامية ورسالة حضارية خالدة وهي اليوم تواجه حرباً شرسة تستهدف لغتها وتاريخها وتراثها وهويتها والتراث العربي الإسلامي ثروة إنسانية حضارية أغنت المعرفة الإنسانية عبر العصور.

إننا نشاهد اليوم التحدي السافر للغة العربية في المجتمع بفعل العولمة الذي يمس الوضع السيادي للغة العربية، فلنحرص على أن تأخذ اللغة العربية مكانها وقوتها والشعور بقدرتها على استيعاب المنجزات الحضارية، ولتكن نظرتنا إلى المستقبل في عصر العولمة أكثر ثقة، وأن تبقى اللغة العربية حيَّة ومنتجة وفاعلة وصامدة أمام قوى العولمة المختلفة وقادرة على استيعاب المنجزات الحضارية وفاعلة في المجتمع ومقبولة في المجالات المختلفة من صناعة وتجارة ووسائل إنتاج وصياغة المواد العلمية والإعلامية وغيرها.

وبعد: فاللغة تقوى بقوة أهلها ومجتمعها ويجب أن تكون لها السيادة في جميع المواقع من خلال نشر الوعي بأهمية اللغة وتفعيل دورها:

فهي من نبض قلوب حيَّة..وهي من وحي عقول نيِّرات

لم تضق يوماً بمعنى رائع..لا ولا أعيت على وصف الصفات

 ومن أهم الكتب التي يعتمد عليها التراث العربي هى المعلَّقات السبع (شرح الزَّوْزَني)

كليلة ودمنة لابن المقفع

السيرة النبويه لابن إسحاق

ديوان بشار بن برد

كتاب سيبويه

ديوان أبي نواس

الرسالة للشافعي

المغازي للواقدي

طبقات فحول الشعراء لابن سلام

الطبقات الكبري لابن سعد

ديوان الحماسة لأبي تمام

ديوان أبي تمام

الجبر والمقابلة للخوارزمي

الحيوان للجاحظ

رسائل الجاحظ

صحيح البخاري

عيون الأخبار لابن قتيبة

فتوح البلدان للبلاذري

الأخبار الطّوال للدينوري

ديوان ابن الرومي

ديوان البحتري

الكامل للمبرّد

تفسير الطبري

تاريخ الطبري

الحاوي لأبي بكر الرازي

الزِّيج للبَتَّاني

مقالات الإسلاميين للأشعري

العقد الفريد لابن عبد ربه

مروج الذهب للمسعودي

ديوان المتنبي

المواقف  للنَّفَّري

كتاب الأغاني لأبي الفرج

الأمالي للقالي

ديوان أبي فراس الحمداني

رسائل إخوان الصفا

نشوار المحاضرة للتنوخي

الفهرست لابن النديم

أعمال الهندسة للبوزجاني

أحسن التقاسيم للمقدسي

الخصائص لابن جنِّي

الامتاع و المؤانسة للتوحيدي

المقابسات للتوحيدي

الهوامل و الشوامل للتوحيدي ومسكويه

تجارب الأمم لمسكويه

القانون في الطب لابن سينا

الإشارات والتنبيهات لابن سينا

 

تعليقات