شعبان القاص يكتب: الملحدون وخيارات ما قبل الموت

  • جداريات Jedariiat
  • السبت 04 أبريل 2020, 01:17 صباحا
  • 1814
الكاتب شعبان القاص

الكاتب شعبان القاص

في نفس كل واحد ألقى الشيطان ملحدا، القليل منا من نجح في قتله، وعاش سعيدا بإيمانه، باستثناء ذلك يكبر ذلك الملحد في نفوسنا أو يصغر حسب حالاتنا النفسية وانفعالاتنا بالأحداث.

 وطالما يكون هاجس الموت بعيدا عنا، تبدو الحياة وكأنها أبدية، وتنطلق تصوراتنا عن الموت بشكل نظري.

 المؤمنون ليسوا سواء، منهم من يستقبل الموت بالطمأنينة التي يستمدها من اليقين الذي يؤمن به، ومنهم من يجزع بقدر حجم الملحد الذي كان يسكن عقله (اللاواعي)  والذي لا يصرح به ويدفعه إلى الظلم والفساد.

 الملحدون الذين أعلنوا إلحادهم أيضا ليسوا سواء، جميعهم لا يؤمنون بالحياة الآخرة والحساب، فمنهم من يعيش حياته بالطول والعرض (يسرق ويغتصب و... إلخ).

 أقربهم إلى المؤمنين ربما المثالي الذي يؤمن بمبادئ أخلاقية حسنة يراها نابعة من العقل أو العقل الجمعي، تجعله يحاسب نفسه قبل أن يحاسبه أحد، ويرى في القوانين الوضعية رادعا للمجرمين، ولا يشغل نفسه بالإجابة عن السؤال الذي يقول :

 وماذا عن الذي لا يؤمن بالأخلاق الحسنة ولا يردعه القانون ويفلت من عقابه؟!

كان الانفعال مع هاجس الموت وحتى عهد قريب نظريا كما يبدو لي، حتى جاء "كورونا" وما صاحبه من هلع وفزع.

في تجارب سابقة مع الموت، حيث يكون الصدق مع النفس عاليا، تختلف تصرفات الناس حسب قتاعاتهم ومعتقداتهم، فمنهم من يتلو صلواته، ومنهم من يتشبث بالحياة حتى اللحظة الأخيرة، ليس عندي إحصاء لتصرفات الملحدين قبل هجوم الموت، لكن بالتأكيد ينطبق عليهم ما ينطبق على بقية الناس، منهم من يحتفظ برباطة جأشه، معتصما بثباته الانفعالي النابع من قوة الشخصية، ومنهم الذي يجزع ويحاول الحفاظ على حياته بكل الطرق، حتى ولو كان على حساب الآخرين الضعفاء جسماً أو ذكاءً ويطبق قانون الانتخاب الطبيعي والبقاء للأقوى، ويجعل منه تطبيقا أخلاقيا عقليا وكأنه يقول: "القوي أولى من الضعيف" كما نقول : " الحي أبقى من الميت" وبذلك ندرك أن الملحد والمتشبث بالحياة عامة هو أخطر على البشرية من خطر الوباء.

 وما بين هؤلاء وهؤلاء نجد من يبدأ بتلاوة صلواته إذا كان الخطر يقترب بشده أما إذا كان هناك متسع من الوقت فيبحث عمن ظلمهم ليرد لهم حقوقهم إن استطاع أو يطلب منهم أن يسامحوه، وأول ما يخطر ببالهم هو الله سبحانه وكيف كانت علاقتهم به، هم يعلمون أنه أسرع  من يسامحهم، الملحد الذي لم يصرح بإلحاده يسارع إلى إنكار إلحاده ويدعو ربه الذي خلقه ورزقه، لكنا لا ندري كيف سيكون رد فعل الملحد الأصيل ، التاريخ يخبرنا عن ملحدين تخلوا عن إلحادهم قبل الموت ، منهم على سبيل المثال:

ﺃﻧﺘﻮﻥ ﻟﻴﻔﻲ ﻣﺆﺳﺲ ﻛﻨﻴﺴﺔ ﻋﺒﺎﺩﺓ ﺍﻟﺸﻴﻄﺎﻥ ﻭﻣﺆﻟﻒ «ﺇﻧﺠﻴﻞ ﺍﻟﺸﻴﻄﺎﻥ» ﺗﻮﻓﻲ ﻋﺎﻡ 1997ﻡ، ﻛﺎﻥ ﻳﺼﺮﺥ ﻋﻨﺪ ﻣﻮﺗﻪ:

«ﻣﺎﺫﺍ ﻓﻌﻠﺖ... ﻟﻘﺪ ﺍﺭﺗﻜﺒﺖ ﺧﻄﺄ ﺟﺴﻴﻤًﺎ» ﻭﻛﺎﻥ ﻳﻄﻠﺐ ﺍﻟﺼﻔﺢ ﻭﺍﻟﻐﻔﺮﺍﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ

وفولتير «فيلسوف فرنسي ملحد مات عام 1777) موجها كلامه للطبيب المعالج فوشين: «لقد أهملني الرب والناس وسأعطيك نصف ما عندي إذا أبقيتني حيا لستة أشهر ، أنا ميت وسأذهب إلى الجحيم» وتقول ممرضته: «لو أعطيت كل أموال أوربا فلا أريد أن أرى شخصا ملحدا عانى مثله وكان يصيح طوال الليل طلبا للمغفرة».

وكذلك ديفيد ستراوس «كاتب ملحد ألماني توفي عام 1874» قال في موته: «لقد خذلتني فلسفتي و أشعر أنني بين فكي ماكينة ذات أسنان لاأدري في أى لحظة تطحنني».

هل يصعب على الملحد العاقل الذي أشرت إليه والذي يتوقع الموت حتما في أي لحظة، والذي تعود أن يشكر من يسدى له معروفا من الناس، أن ينحي جانبا المؤمنين الذين أساءوا إلى إيمانهم وصدوا الناس عن ربهم سواء بجهل أو غير ذلك، ويتطلع إلى من خلقه ورزقه وأعطاه  ثم هو على وشك أن يقبض روحه ، أنه أولى بالشكر، فيشكره ويعترف بفضله عليه ويقر بأنه لا إله إلا هو ؟!

 

 

تعليقات