د. محمد جاد الزغبي يكتب: فوائد العلم والثقافة فى زمن الكورونا!

  • أحمد عبد الله
  • الأحد 29 مارس 2020, 3:38 مساءً
  • 1360
د. محمد جاد الزغبي

د. محمد جاد الزغبي

فوائد العلم والثقافة فى زمن الكورونا !
ـــــــــــــــــــــــــــ


فى منتصف عام 2008 تقريبا قضيت فى منزلى فترة ستة أشهر كاملة لم أخرج فيها إلا لأهم الضروريات , أخذت فيها إجازة بدون مرتب من عملى وكان دافعي أننى كنت فى حاجة ماسة لإنهاء دروس العقيدة وعلم الحديث فى أقصر مدة ممكنة وكنت أخطط لمضاعفتها لولا ظروف العمل, ثم جاءت فترة دراسة الماجستير أخذت فيها أيضا فترة شهر كامل على مرتين معتكفا بشكل تام , وتتكرر هذه الإعتكافات كثيرا طيلة العام وكلما سنحت الفرصة , ودوما يكون الدافع هو موضوع محدد أرغب فى إنجازه ولا يخرجنى منه إلا الضرورة كما قلت ولولا ظروف العمل لامتدت تلك الفترات طويلا ..


تذكرت هذا وأنا أتابع الأحباب ممن حبسوا أنفسهم لثلاثة أيام فى المطر , وعدة أيام فى ظروفنا الحالية وهم لا يطيقون الجلوس ويكاد بعضهم يصاب بالجنون كأنه فى سجن مشدد الحراسة !


وبعيدا عن الضحك والنكات التى أتبادلها معهم فقد أحببت التنبيه على ملحوظتين فقط , لطالما رددناهم لكن لم يستمع أحد ..


* الملحوظة الأولى :
كانت فى مقال كررته كثيرا وأنا أنصح بأن يتعود المرء وفق طاقته على القراءة العامة واكتساب المعرفة أو على الأقل التخصص فى مجال يحبه ليقضي فيه وقت فراغه , وهذا التعود الإجباري شيئا فشيئا سيصبح محببا لنفسه مع الوقت , فالعلم كفرض الصلاة , يعانى المرء فى بدايتها صعوبة التعود ثم لا يقوى على تركها بعد ذلك ..
وقلت إن الإنسان يجب أن يفعل ذلك مختارا ليجنى فوائد لا حصر لها , أقلها أهمية أنه لن يشتكى من الفراغ مطلقا وسيصبح زاهدا فى الخروج من بيته بخلاف كمية الحسنات التى سيجنيها من اكتساب المعرفة والعلم , ولعلنا الآن عرفنا قيمة أن يكون للإنسان فى بيته مكتبة وغرفة مكتب يطوف بها العالم وهو جالس فى مكانه ,
والنبي عليه الصلاة والسلام قال ( نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس , الصحة والفراغ ) فهذا الوقت الذى نحتار في تضييعه هو عهدة سيتم محاسبتنا عليه حسابا مشددا , ولكل امرؤ أن يختار فى أى مجال يضيع وقته.


* الملحوظة الثانية :
الثقافة .. وهى أقل من العلم فى التخصص , هذه الثقافة تفعل بعقلك ما لا تتخيله من الفوائد لو أنك طرقت الباب الصحيح لاكتسابها , فالثقافة أشبه بمضاد حيوى قوى المفعول ضد جراثيم الشائعات والخداع التى يمتلئ بها فضاء الإنترنت حيث تظهر الشائعات والتلفيقات بغزارة شديدة فى أوقات الأزمات وتتلاعب بعقول كل الناس عدا المثقفين والمتخصصين , لأنهم مع كثرة المران والمراس يصبح عقل الواحد منهم لاقطا حساسا لأى كذب أو تلفيق لا يقبله عقله بعد الخبرة التى اكتسبها
وأذكر أن الناس فى الحرب العالمية الثانية تعاطفت بشدة مع هتلر بسبب كراهيتهم للإنجليز , وسرت شائعات رهيبة تؤكد أن هتلر قد أسلم وسمى نفسه الحاج محمد هتلر , وصدق العشرات هذه الشائعة بينما خرج المثقفون يسخرون من ذلك طبعا وكان فى مقدمتهم عباس العقاد الذى كتب أن هتلر مبتكر المنهج النازى يؤمن بتفوق العنصر والعقيدة الألمانية على كافة شعوب الأرض فكيف يمكن أن يعتنق عقيدة مخالفة , لهذا أعلن الألمان قبل حرب العلمين أنهم عندما ينتصرون ويدخلون للقاهرة سيشنقون عباس العقاد فى ميدان عام
ذلك أن النازية كانت تعتمد على الشائعات بقيادة جوبلز وزير الدعاية والمثقفون كانوا دوما يفسدون خططهم للسيطرة على العوام ..


الخلاصة ..
انتهزوا فرصة الفراغ الإجباري لتعويد أنفسكم على المطالعة بأى وسيلة متاحة , فإن تعذر الأمر فالتمسوا كتب الأذكار النبوية الصحيحة وليختر كل منكم وردا خاصا به من أذكار الصباح والمساء إلى جوار حزب من القرآن يوميا , فإن اعتيادك على أى شئ منهم فيه نعيم الدنيا والآخرة , ولا تنسوا أن الوقت والعمر من أول الأشياء التى سنسأل عنها بعد نزول القبر ( وعن عمره فيما أفناه )

تعليقات