باحث بملف الإلحاد: الفرائض في الإسلام أبرز الأدلة على صدق نبوة محمد صلى الله عليه وسلم
- الجمعة 22 نوفمبر 2024
د. زين العابدين كامل - مؤرخ إسلامي
خطورة المنافقين على المجتمع
د. زين العابدين كامل
لا شك أن النفاق أخطر من الكفر ،ولذا فعقوبته أشد ،لأنه كفر بلباس الإسلام ، ولذلك جعل الله المنافقين في أسفل النار كما قال سبحانه : ( إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار ولن تجد لهم نصيراً ) (النساء/145
.(إن أهل النفاق دائما في خداع ومكر ظاهرهم مع المؤمنين وباطنهم مع الكافرين ، (مذبذبين بين ذلك لا
إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء ومن يضلل الله فلن تجد له سبيلاً ) (النساء/143 .( والمنافقون لفساد قلوبهم أشد الناس إعراضاً عن دين الله كما أخبر الله عنهم بقوله : ( وإذا قيل لهم
تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول رأيت المنافقين يصدون عنك صدوداً ) (
النساء/61 .
وتصرفات المنافقين تدور مع مصالحهم فإذا لقوا المؤمنين أظهروا الإيمان وإذا لقوا سادتهم وكبرائهم قالوا نحن معكم على ما أنتم عليه من الشرك والكفر كما قال سبحانه عنهم : ( وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم إنما نحن مستهزئون ، الله يستهزئ بهم ويمدهم في طغيانهم يعمهون ) (البقرة/14-15 (ومن صفاتهم العداوة والحسد للمؤمنين كما قال سبحانه : (إن تصبك حسنة تسؤهم وإن تصبك مصيبة يقولوا قد أخذنا أمرنا من قبل ويتولوا وهم فرحون ) (التوبة/50 (ومن صفاتهم الفساد في الأرض بالكفر والنفاق والمعاصي ،قال تعالى : ( وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون ) (البقرة/11-12 ).
ومن صفاتهم البهتان والكذب
كما أخبر الله عنهم بقوله : ( ويحلفون بالله إنهم لمنكم وما هم منكم ولكنهم
قوم يفرقون )( المائدة/65 (ومن صفاتهم الأمر بالمنكر والنهي عن المعروف والبخل بالمال كما أخبر الله عنهم بقوله : ( المنافقون
والمنافقات بعضهم من بعض يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف ويقبضون أيديهم نسوا الله
فنسيهم إن المنافقين هم الفاسقون ) (التوبة/67 .( ومن صفاتهم الطمع والجشع ( ومنهم من يلمزك في الصدقات فإن أعطوا منها رضوا وإن لم يعطوا منها إذا هم
يسخطون )( التوبة/58)
ومن صفاتهم تثبيط الناس وتخويفهم والطعن في نواياهم وأعمالهم ، كما قال تعالى عنهم (الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لَا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (79التوبة )، ومن صفاتهم ما بينه الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله : ( أربع من كن فيه كان منافقاً خالصاً , ومن كانت فيه خلة منهن كانت فيه خلة من النفاق حتى يدعها إذا حدث كذب وإذا عاهد غدر , وإذا وعد أخلف , وإذا خاصم فجر ) ([1]).
ولما كان خطر المنافقين على الأمة الإسلامية عظيم أمر الله رسوله بجهادهم فقال :( يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم ومأواهم جهنم وبئس المصير ) (التحريم/9 (وها هو القرآن الكريم يبين لنا خطر المنافقين على المجتمع حتى وإن كانوا قلة ،قال تعالى (لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ) (47 التوبة) أى لو خرج فيكم هؤلاء المنافقون (ما زادوكم إلا خبالا) ، أى إلا فسادًا وشرا ، لأنهم جبناء مخذولون، ولسعوا في الفتنة والشر بينكم، وفرقوا جماعتكم المجتمعين {وَفِيكُمْ} أناس ضعفاء العقول {سَمَّاعُونَ لَهُمْ} أي: مستجيبون لدعوتهم يغترون بهم ولذلك ثبَّطتُهم عن الخروج معكم.
والسؤال الذى يطرح نفسه، هل كان
عدد المنافقين كبيرًا لهذا الحد ،هل كان عددهم كافياً لنشر الشر والفساد و الفتن بين
المؤمنين؟
والجواب ،ليس الأمر بكثرة العدد أو قلته ،لقد خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى تبوك وخرج معه ثلاثون ألف مقاتل ،وعدد المنافقين الذين تخلفوا عنه كانوا بضعة وثمانين رجلا ،فسبحان الله ،هذا العدد القليل جدًا بالنسبة لتعداد الجيش، كان سينشر الشر والفساد ويوقع الفتن بين المؤمنين الخلص مع كثرة عددهم ،ولا شك أن دور المنافقين الخبيث قد تجلى في أعظم صوره في غزوات الرسول صلى الله عليه وسلم ، ففي أحد انسحب المنافقون بثلث الجيش، وفي بني المصطلق طعنوا في عرض أم المؤمنين عائشة رضي الله عنه ، وفي الأحزاب قالوا ما وعدنا الله ورسوله إلا غرورا وتخلفوا عن المشاركة في حفر الخندق، وهكذا كان شأنهم في جميع المواطن، ولذلك أنزل الله في صدر سورة البقرة أربع آيات في المؤمنين الخلص وأنزل في الكفار الخلص آيتين وأنزل بالفريق الثالث المنافقين بضع عشرة آية.
فاللهم احفظ
البلاد والعباد من المنافقين و شرهم.