حسان بن عابد: المهارات الغريزية في عالم الحيوان دلالة واضحة على العناية الإلهية (فيديو)
- السبت 23 نوفمبر 2024
متحف
يعرف كل طفل في تايلاند ما يعنيه الاسم "سي كوي": إنه رجل شرير من الصين، يتردد أنه كان سفاحا، وأنه حتى من آكلي لحوم البشر. ويحذر الآباء والأمهات أطفالهم منذ عدة أجيال مضت،بالقول: "لاتخرجوا عندما يحل الظلام، وإلا سوف ينقض عليكم "سي كوي" يلتهمكم".
وبإمكان أي شخص إلقاء نظرة عليه مقابل
رسم دخول قدره 200 باهت (35ر6 دولار)، وهذا بالضبط هو السبب وراء الجدل الدائر الآن.
فعلى مدار أكثر من نصف قرن، لم ينزعج أي
شخص بصفة خاصة من حقيقة أن جثة قاتل تم إعدامه، مع لافتة كتب عليها "من آكلي لحوم البشر"، معروضة
في مستشفى "سيريراج" حيث يوجد أيضا مرضى من العائلة الملكية التايلاندية.
ويعتقد كثير من التايلانديين الآن أن هذا
الأمر ليس مناسبا، ووقع أكثر من 10 ألاف شخص على عريضة تطالب بأن يوارى الرجل الثرى أخيرا.
وأطلق الحركة "فاراوه تشاكباترانون"،
الذي نشر صورة للجثة على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" منتصف آيا/مايو الماضي، مطالبا
"بالعدالة"،
وحتى المجرمين يستحقون الاحترام وهم موتى،
وقال: "علينا أن نحافظ على كرامة الإنسان".
وتنتاب فاراوه أيضًا شكوك في أن الرجل
الصيني ارتكب جميع جرائم القتل التي اتهم بها وأنه كان بالفعل من آكلي لحوم البشر. وقال إن "سي كوي"
كان "ضحية للمجتمع بسبب شائعات لا
أساس لها من الصحة روجتها وسائل الإعلام".
وفي الواقع، القضية ليست واضحة كما يعتقد
غالبية الأشخاص، فقد كان الرجل الصيني، المولود في عام عام 1927 ، وصل إلى تايلاند بعد انتهاء الحرب العالمية
الثانية بفترة قصيرة كمهاجر. ووجد في نهاية المطاف عملا
كبستاني في مدينة نوين فرا، على بعد
200 كيلومتر إلى الجنوب من بانكوك.
وفي تلك المدينة، ألقي القبض عليه في عام
1958 لدى محاولته حرق جثة صبي يبلغ من العمر 8 سنوات. واعترف الشاب البالغ من العمر 31 عامًا آنذاك بقتل
الصبي وانتزاع قلبه وكبده وكليتيه لكي يأكلهم فيما بعد.
وتصدرت القضية عناوين الصحف في أنحاء البلاد،
واعترف الرجل خلال تحقيقات أجرتها الشرطة بارتكاب خمس جرائم قتل أخرى، ضحاياها أطفال، في مدن تايلاندية
مختلفة.
واستغرقت محاكمة السفاح تسعة أيام فقط،
وقضت المحكمة بسجنه مدى الحياة، بعدما اعترف
بالجرائم التي اقترفها. لكن إجراءات الاستئناف أسفرت عن حكم بإعدامه. وسقط
"سي كوي" مغشيا عليه لدى النطق بالحكم. وتم إعدامه بعد بضعة
أشهر. وهناك العديد من الكتب والأفلام، وحتى المسرحيات، التي تناولت هذه القضية.
وفي وقت لاحق، أثيرت شكوك حول ما إذا كان
البستاني الصيني قد ارتكب بالفعل كل هذه الجرائم.
والاسئلة التي تثار، على سبيل المثال،
هي: كيف يمكن أن يجوب رجل فقير كان يتحدث بالكاد اللغة التايلاندية أنحاء البلاد ويرتكب الكثير من جرائم
القتل دون جذب الانتباه؟ وهل كانت هناك ترجمة صحيحة أثناء استجوابه ومحاكمته؟
وما هو التأثير الذي ربما أحدثته المشاعر المعادية
للصين في ذلك الوقت؟ كل هذه التساؤلات
كانت تحظى باهتمام قليل في ذلك الوقت .
وبعد تنفيذ حكم الإعدام، تم إتاحة الجثة
أمام العلماء، مثلما كان الحال في بلدان أخرى أيضًا. فقد أراد الأطباء التايلانديون تشريح الجثة لمعرفة ما إذا
كان مخ هذا السفاح يختلف عن مخ أي إنسان عادي. وبعد ذلك تم تحنيط الجثة ونقلها
إلى المتحف.
ومنذ ذلك الوقت، قام عدد لا يحصى من الآباء
والأمات باصطحاب أطفالهم إلى مستشفى "سيريراج" كنوع من الردع. وحتى اليوم، يتجول تلاميذ المدارس بجوار
الجثة الشاحبة، التي تقف بشكل منحني داخل خزانة العرض.
ولا تزال آثار الجراح التي احدثتها طلقات
الرصاص خلال تنفيذ حكم الإعدام واضحة للعيان ، وكذلك ندبة تشريح الجثة على جبينه.
ويوجد في المتحف أيضا اثنتان من المومياوات
لقاتلين مجهولي الهوية، كما يوجد أيضا صور لضحايا جرائم قتل وحوادث وأشخاص انتحروا..
وبالنسبة للأجانب، قد يكون من الصعب فهم
المغزى من وراء غرفة رعب من هذا القبيل. ولكن في تايلاند، هذه الأساليب الوحشية ليست غير شائعة، حيث يتم اجبار
السائقين الذين يتم القبض عليهم أثناء القيادة وهم تحت تأثير المشروبات الكحولية،
على تنظيف المشرحة.
وفي حالة "سي كوي"، يبدو أن
هناك تغييرا في الآراء، الذي لم تكن خلفه فقط العريضة التي
تحمل توقيعات عشرة آلاف شخص، ولكن أيضا "سورا بونج كونجتشانتوك"،
رئيس مؤسسة التنوع الثقافي، الذي صرح لصحيفة "ذا نيشن"
بأنه "يتعين على مستشفى سيريراج أن
تعيد جثمان سي كوي لعائلته أو للوصي عليه لعمل ترتيبات إقامة جنازة مناسبة له. ليس لهم الحق في الاحتفاظ بالجثمان،
ناهيك عن وصفه علنا بأنه من آكلي لحوم البشر".
وقالت مسؤولو مستشفى سيريراج إنهم يبحثون
الأمر، ولكن المستشفى لم تحدد المهلة الزمنية التي قد يستغرقها هذا. وفي هذه الأثناء، تم إزالة اللافتة
التي تصف الرجل بأنه أحد آكلي لحوم البشر .