أحمد الفولي يكتب: مذابح مسلمي الهند.. ضاعت بين كورونا والتنّين

  • أحمد عبد الله
  • الأحد 15 مارس 2020, 11:49 مساءً
  • 2413
أحمد الفولي - إعلامي وكاتب

أحمد الفولي - إعلامي وكاتب

لم أقصد التهوين من شأن كورونا

إلا أنني على يقين من أن كل شيء بيد الله، وأننا لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا،

وأن كورونا.. فيروس خطير، يحتاج إلى الأخذ بأسباب الوقاية، ثم التوكل على الله -سبحانه وتعالى-.

ولكن.. هل جاءت عاصفة كورونا، ومعها إعصار التنين -كما يسمونه-، بالتزامن مع مذابح الهند بحق المسلمين، فنسينا إخواننا!

إنها الأزمة الحقيقية، التي نعيشها في ظل الحداثة وعالم السوشيال ميديا.

فصفحات التواصل الاجتماعي هي التي تترك أثرها واضحًا بين شبابنا، وبين أبنائنا.

ففي الصباح نشيع جنازة حسني مبارك، وفي المساء نتابع المباريات المختلفة.

في الصباح ننشر تدوينات نستنكر خلالها إبادة المسلمين في الهند.. ويأتي المساء.. فسرعان ما نكتب عن تريند  التنين، فهو الأكثر تداولًا الآن.

حتى مات الكثير من القضايا، تحت أثر التكنولوجيا الحديثة، ومتابعة مواقع التواصل.

وتتعجب هنا.. عندما تعلم أن النبي الكريم -صلى الله عليه وسلم- مكث شهرًا كاملًا يدعو للمستضعفين من المسلمين، الذين يعانون إيذاء المشركين واضطهادهم، وكان يقول في دعائه: «اللهم أنجِ الوليد بن الوليد وعياش بن ربيعة وسلمة بن هشام، اللهم أنجِ المستضعفين من المسلمين» (رواه البخاري [6200]، ومسلم [675]).

أي اهتمام هذا، الذي ملأ عقل رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقلبه، حتى يمكث شهرًا يدعوا لجماعة من المستضعفين من فقراء المسلمين؟!


بل تتعجب أكثر، عندما تعلم أنه بلغ به من اهتمامه -صلى الله عليه وسلم- بأمر المسلمين أنه كان يتحمل عمن مات منهم دَيْنَه حين وسَّع الله عليه، فكان يقول: «أنا أَوْلَى بالمسلمين من أنفسهم، فمَن مات وعليه دَين؛ فعلينا قضاؤه، ومَن تَرَكَ مالًا فلورثته» (رواه البخاري [2298]).


ولما أتاه سلمان الفارسي رضي الله عنه يخبره أن أهله كاتَبُوه على غَرْس نخل، وعلى ذَهَبٍ يدفعه إليهم، خاطَبَ رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمين في شأنه، وقال: «إن أخاكم قد كاتَبَ يهود على مالٍ وعلى غرس»، فقام المسلمون يتبادرون حتى دَفَعُوا ذلك كله عن سلمان، وبقي منه وزن نواة أو نواتين من الذهب، فأعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم سلمان، وأمره أنْ يتجر، وشارك معه بيده في غرس النخل، فغرس رسول الله صلى الله عليه وسلم عددًا من النخل الذي ألزم أهلُ سلمان وأولياؤه سلمانَ بغرسه.

وحين علم بوفاة المرأة السوداء التي كانت تَقُمّ المسجد ولم يخبره الصحابة ليشاركهم دفنها والصلاة عليها عاتَبَهم وذهب إلى قبرها، فصلى عليها ودعا لها. 

يعود المرضى صلى الله عليه وسلم، ويدعو لهم، ويشهد جنازة مَن مات، ويهتم بشأن اليتامى والأرامل، بل كان يهتم بشأن الأفراد من أُمَّته.

ولم يكن غريبًا بعد ذلك، أن ترى تلميذه الفاروق عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- وهو خليفة للمسلمين يقول: "والله لو عثرت بغلة بالعراق لخشيت أن يسألني الله عنها: لِمَ لَمْ تسوِ لها الطريق؟".


إنك إن قرأت قليلًا في حياة النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، واهتمامه بالمستضعفين، تعلم كم قصرنا في حق إخواننا في الهند وغيرها.

إننا نعيش حياتنا بشكل طبيعي، وهم أحرقت مساجدهم، وأغلقت مدارسهم، وتم اغتصاب نسائهم على مرأى ومسمع من العالم كله.

إننا نتعايش مع الوقع من حولنا، وسرعان ما ننسى، أن قرابة المائة مليون مسلم، يتعرضون لقانون طائفي جائر، بسبب إسلامهم فقط.

وليس معنى كلامي، أن نلطم الخدود، وأن نشق الجيوب، حزنًا على واقع مرير.

بل قصدتُ، التذكير.. وأن لا ننسى جراح المستضعفين وسط انشغالاتنا اليومية.

وأن نسأل أنفسنا.. هل نتذكر إخواننا المستضعفين في الهند، وميانمار، وتركستان الشرقية، وغيرها بدعوة صالحة بظهر الغيب؟

أم أننا سنقول، كما قال المخلفون، شغلتنا أموالنا وأهلونا، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

اللهم طهّر قلوبنا، واجمع كلمتنا.

تعليقات