د. محمد جاد الزغبي يكتب: قلب الملحد يؤمن رغم أنفه!

  • أحمد عبد الله
  • الأحد 15 مارس 2020, 10:03 مساءً
  • 1315
د. محمد جاد الزغبي

د. محمد جاد الزغبي

 

 

جعل الله الإنسان أكثر شئ جدلا , بمعنى أنه يخالف شعوره القلبي ويجادل بلسانه ويكابر دائما رغم وجود الإحساس الداخلى بوجهة الحق.

وعند الملحدين بالتحديد يظهر هذا بوضوح حتى أنه يمكننا القول باطمئنان أنه لا يوجد ملحد قط مؤمن بالإلحاد من أعماقه , ولهذا السبب تحديدا جعل الله تعالى جزاء الملحد النار ولو لم تبلغه رسالات الرسل عليهم السلام , فالذين لم تبلغهم رسالة أى رسول غير مكلفين بأى شريعة ويدخلون فى مصطلح ( أهل الفترة ) وجزاؤهم الجنة شريطة أن يكون مؤمنا بأن للكون خالق , وهذا أمر طبيعى لأن عقل الإنسان سيؤديه لهذه الحقيقة حتى لو كان هذا الإنسان مولودا وسط الغابات بلا أى اتصال بالعالم الخارجى.

ولهذا عندما سُئل النبي عليه السلام عن ابن جدعان , وكان من أشراف قريش وكرامهم وله مآثر , فقال النبي عليه السلام : هو فى النار لأنه لم يقل رب اغفر لى خطيئتى يوم الدين.

كذلك نصّ القرآن على وجود الإيمان التام بالخالق لدى كل بشري فى قوله تعالى ..

(وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ ۖ قَالُوا بَلَىٰ ۛ شَهِدْنَا ۛ أَن تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَٰذَا غَافِلِينَ)

والعهد المقصود بالآية هو تكليف الإنسان بالعقل وإعمار الأرض , فالإنسان هو المخلوق الوحيد الذى تم تكليفه بالإعمار رغم وجود المكلفين بالإيمان وذلك لتميزه بالعقل الذى يمكنه من الإستنباط والتطور الحضاري ومحاولة تيسير معيشته والقياس على الطبيعة واختراع أدواته عن طريق مراقبة المخلوقات .. إلى غير ذلك من الأمور التى لا يفعلها غيره.

وبطبيعة الحال ما دام الإنسان مخلوق يصنع أدواته ويطور ذاته فلا شك أن عقله حتما سيسأل أين خالق هذا الكون ومن صنعه ؟! , وبالتالى فإنه سيؤمن بوجود خالق حتما حتى لو لم يشهد رسالة رسول محدد بشريعة العبادة.

وقد رأينا تطبيقات عملية لمواقف تعرض لها ملحدون مشاهير أو دعاة فجور وعلمانية مشاهير , ظهر فى تلك المواقف البسيطة أنهم يعلمون يقينا أنهم يخادعون الناس بدعوى الإلحاد , فمنهم مُخرجة سينمائية شهيرة معروفة بحربها الشرسة لأى مظهر للإيمان أو الشرع , وظهرت فى أحد برامج المقالب السخيفة وكان المقلب مرعبا لوجود سحلية ضخمة توشك على افتراسها بينما توشك المخرجة على الغرق في رمال متحركة.

وهنا صاحت بأعلى طبقات صوتها صارخة (لا إله إلا أنت سبحانك إنى كنت من الظالمين ) .. وظلت ترددها بشكل هستيري حتى كشفوا لها الخدعة !!

ولكن ما أكفر الإنسان حقا .. !

فعندما اكتشفت المقلب وعرفت بعد ذلك أن الكل شاهدها وهى تردد أشهر أدعية الإستغفار , شعرت بمدى خذلانها أمام الناس فطافت كافة البرامج الحوارية لتعلن أمامهم أنها كانت تعلم بخدعة المقلب مسبقا وأنها اتفقت مع مقدم البرنامج على ذلك.


وأنا أقسم على الغيب أنها كاذبة وأنها بالفعل رددت الدعاء عندما شعرت بقرب الموت فلما انفضحت غلبها شيطانها مجددًا.


وقد أبلغ الله تعالى فى القرآن الكريم عن أمثال تلك المواقف حيث يتضرع غير المخلص كالمخلص تماما فى شدته ولكن مغ إن تنكشف غمته حتى تعود نفسه سيرتها الأولى , وذلك فى قوله تعالى ..

 (فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ)

فتأملوا ؟!

 

تعليقات