أحمد بدر نصار يكتب: فلتقُم القيامة فكلنا أنبياء

  • جداريات Ahmed
  • الجمعة 13 مارس 2020, 3:06 مساءً
  • 1901
أحمد بدر نصار ..صحفي وروائي

أحمد بدر نصار ..صحفي وروائي

 

لا أخفى عليكم أن صوت الرعد والبرق الذي يضيء السماء ، نال من أمنى ، وانتابني شيء من الخوف ، وجعلني أتذكر أننا كبشر لا شيء ولو امتلكنا ذهب الأرض ، فالعالم الذي بلغ من العلم مبلغه ، وراح يتباهي بتكنولوجيته الجبارة في تصنيع الأسلحة والطائرات العظيمة ، وقف صامتا عاجزا فاشلا في مواجهة فيروس لا يرى بالعين المجردة "كورونا" ، وقف العالم على رجل ، وخسرت الشركات المليارات ، وإذا ما استمر كورونا يحتل أجساد البشر فحتما ستزيد الخسائر المرعبة ، السؤال يؤلمني لماذا الناس لم يتخذوا موقفا مع أنفسهم لاسيما الذين يظلمون ليلا ونهارا ، والذين يتلذذون بإيذاء البشر ، والذين أحبوا الفساد ، أليس كل هذه المشاهد التي نعيشها الآن على كوكب الأرض كفيلة بأن تجعل الإنسان يفكر في حاله وأن يجعله أكثر رحمة وإنسانية ، يجعله يتجرد من حب الدنيا وحب الذات ، يجعله أكثر قدرة على التواصل والمشاركة في عمل الخير كون ذلك هو الذي يبقى في الدنيا وفي العالم الآخر ،لماذا لم نعد نفكر ونقيم العلاقة التي بيننا وبين الله ، والتي منها نحيي ضمائرنا ونعيد تفكيرنا فيما نصنعه مع أنفسنا من فساد وخراب أخلاقي غير مسبوق .

   فكلما أتذكر عندما شاهد أحد التابعين الكبار الفضيل بن عياض والذي أطلق عليه "عابد الحرمين" ولده يمسح كفة الميزان بطرف ثيابه ، فسأله عن ذلك فقال يا أبي أخشى أن أزن للناس غبار الطريق ، فما كان من الفضيل إلا أنه بكى  وقال : إن عملك هذا يا بني عندي أفضل من حجتين وعشرين عمرة ، أين الذين يمكثون بيننا فيسرقون الميزان فيشعرون بنشوة النصر كونهم كسبوا من وراء فعلتهم النكراء مكسبا عظيما من هذا الموقف ، لماذا لم يعد شيء يحركنا يجعلنا نعيد التفكير فيما نحن نفعله من حديث النميمة والغيبة وسب الدين لكل غائب ، وإذا عاد الغائب استقبلناه بكلمات وردية جميلة ، هل نسينا بأن ما نقوله يسجل فورا ، وألم نتراجع لكي نكون أكثر إنسانية فيما بيننا نحن البشر ، لماذا لم نستوعب ما قاله المبعوث رحمة للعالمين إن أثقل ما في الميزان يوم القيامة هو حسن الخلق ، وأن أقرب الناس إليه صل الله عليه وسلم يوم القيامة هو أحسنا خلقا ، لكن الطامة الكبرى أننا نظن في أنفسنا خيرا دائما وأن الإشكالية في الأخريين، فنعتقد أننا أولياء لا خوف عليهم والأخريين هم سبب بلاء أمتنا وضعفها ومكوثها في الكهف سنين عددا ، فهل لم يعد شيء يربكنا ويهزنا هزا لكي نقيم العلاقة مع الله أم نحن جميعا أنبياء لا حاجة لنا توقظنا من مرقدنا داخل الكهف وأننا الصالحين وغير هم الطالحين .  

تعليقات