باحث بملف الإلحاد: الفرائض في الإسلام أبرز الأدلة على صدق نبوة محمد صلى الله عليه وسلم
- الجمعة 22 نوفمبر 2024
الشاعر عبد الستار سليم
استكمالاً للحلقة السابقة نقول إن أول ما يلفت النظر ويطرق السمع من المربع هى موسيقى قوافيه، التى تظهر وتسمع من التقفية المزدوجة للأشطر، وليس تقفية الأبيات فقط- كما هو متبع في القصيدة التقليدية- فالتقفية هنا لصدور الأبيات معًا، ولأعجار الأبيات معًا، ويأتى ذلك عند الشاعر المتمكن، سلسلاً، منسابًا، بسيطًا، ناصعًا، خاليًا من المفردات الضعيفة والدخيلة، و خاليًا من القوافى القلقة والمقحمة، وتلك هى عبقرية هذا الفن، ذى الأسلوب الأخاذ صياغة ً وألفاظًا وتراكيب".
وهو فن لا يستطيعه إلا الذين لهم قدرة فذّة على التجريد، والذين يمتلكون ثروة لغوية تراثية هائلة- حتى يكون القوّال مجيدًا فى هذا الفن- فهو لا يحتمل الترهل أو إقحام ألفاظ غير موحية، وذلك لطبيعته الخاصة، حينئذ يجيء المربع بمثابة ومضة متألقة، تكمن قيمته فى الاختزال والاختصار، أى قِلّة الحجم وضخامة التجربة، وتعدّد الإيحاءات، ففي المربع الذى يقول فيه صاحب هذه السطور :
القلب بحّر مع النيل
و عِشِق ركوب السّفاين
بيت الحبايب على النيل
شِبّاكُه طارح جناين
*
هنا كلمة (النيل) لها مدلولان ، ففي عبارة ( بحّر مع النيل ) أي مع جريان النيل من الجنوب إلى الشمال ، أما عبارة (على النيل ) المقصود بها (على شط النيل) هنا تعدّد الإيحاءات التى يفتتن بها جمهور فن الواو، الذى تربى على مثل هذه الإيحاءات …
فدقّة التصوير، وروعة التعبير، وقدرة الشاعر على التلاعب بالألفاظ، من حيث تتناسب الكلمات وجناسها، واختلاف معانيها، وتلاؤم حروفها فى سهولة مخارجها، حينئذ تعطى أشطارًا تجمع بين روعة المعنى، وجمال المبنى، ورصانة الألفاظ.
فعَلَى الرغم من وضوح المعانى التى تتضمّنُها أشعار هذا الفن، فقد استمدّت هذه الأشعار جاذبيتها، ومقوّمات خلودها من صياغتها الشعرية.
***
( يتبع )