باحث بملف الإلحاد: الفرائض في الإسلام أبرز الأدلة على صدق نبوة محمد صلى الله عليه وسلم
- الجمعة 22 نوفمبر 2024
الروائية شاهيناز الفقي
في أمسية رائعة أقام ملتقى السرد العربي برئاسة الناقد الدكتور حسام عقل وصالون المبدعة الأستاذة غادة صلاح مهرجان المرأة العربية المبدعة في احتفالية بكل المبدعات العرب، استضافا فيها سفيرة الثقافة المكسيكية أ. مارلين باسيلي، بحضور مبدعات من جميع أنحاء الوطن العربي الجزائر وفلسطين واليمن والسودان والعراق ومبدعات ومبدعين من مصر الحبيبة وشارك كل منهم بكلمة عن الإبداع النسائي في ظل تنظيم ممتاز وحضور كثيف ومحبة كبيرة بين الجميع وقد كان لي شرف إلقاء كلمة في هذه الفعالية المهمة حومت فيها حول المرأة "المرأةوالابداع
عبر التاريخ الإنساني"وجاءت كالتالي:
كانت المرأة هي مصدر إلهام للبشرية والإنسانية، شاركت بدور كبير في صناعة التاريخ الإنساني وبناء الحضارات، وبينما كانت تنظر حضارات كثيرة للمرأة على أنها جسد دون عقل كانت الحضارة المصرية تحتفي بالمرأة حد التقديس،المرأة المصرية في الحضارة القديمة وزيرة وملكة وقائدة بل وإلهة أيضا، فظهرت المعبودات من النساء إلى جانب الآلهة الذكور. وبينما يقول الفيلسوف أرسطو عن المرأة إنها رجل غير كامل تركتها الطبيعة في الدرك الأسفل من الخليقة، ويقول سقراط إن المرأة كالشجرة المسمومة، كان المصري القديم يكتب في وصاياه على جدران المعابد.. "أحبب زوجتك وأحسن معاملتها".
المرأة والإبداع وجهان لعملة واحدة، المرأة مبدعة بالخلقة في كل المجالات وعلى كل الأصعدة، بداية من المرأة التي تهتم بشؤون أسرتها وحتى أكبر عالمة في الطاقة النووية، مجالات كثيرة مختلفة أثبتت فيها المرأة ذاتها برغم كل محاولات الإقصاء والتهميش والتضييق الاجتماعي تحت مظلة العرف والتقاليد والعادات.
من مصر أذكر على سبيل المثال لا الحصر مبدعات حفرن أسماءهن بحروف من نور على صفحات التاريخ منهن: سميرة موسى في المجال العلمي وهي أول معيدة في كلية العلوم جامعة فؤاد الأول، وأول عالمة مصرية أثبتت إمكانية صنع قنبلة ذرية من مواد في متناول الجميع كالنحاس وتوفيت.
مفيدة عبد الرحمن أول محامية في مصر وأول محامية ترفع دعوى أمام المحاكم العسكرية وهي أم لتسعة أبناء، عائشة عبد الرحمن أول امرأة تحاضر بالأزهر الشريف وأول امرأة عربية تنال جائزة الملك فيصل في الآداب والدراسات الإسلامية عائشة راتب أول سفيرة لمصر في الدنمارك 1979 ولطفية النادي أول سيدة مصرية وعربية وإفريقية تقود طائرة عام 1933 رضوى حسن أول مذيعة كفيفة عام 2014 لم يكن الطريق سهلًا وميسرًا أمام هؤلاء المبدعات، لكنهن استطعن تحقيق طموحهن في ظل ظروف اجتماعية واقتصادية بل وسياسية وقفت سدًا منيعًا بينهن وبين الإبداع.
هؤلاء المبدعات وغيرهن كثيرات هن من مهدن الطريق واضئن لنا شموعًا نهتدي بها في طريق الابداع الشاق، ليكون بيننا اليوم نساء مبدعات يتمتعن بالحرية في التعبير عن أفكارهن ويشاركن في إدارة المجتمع وصنع القرار، نساء قادرات على إحداث التغيير في فكر المجتمع الذي يتسم في كثير من الأحيان بالذكورية والعنصرية تجاه المرأة.. حتى إننا مازلنا نسمع ونقرأ ونواجه أقوالا وفتاوى أن صوت المرأة عورة ووجهها عورة وخروجها من منزلها وقيادتها السيارة هو مفسدة للمجتمع من خلال تفسيرات خاطئة لنصوص دينية.. وفي مجال الكتابة والإبداع الأدبي تواجه المرأة الاتهام بالنسوية، والنسوية هنا ليس معناها التعبير عن هموم وقضايا المرأة بقدر ما هو اتهام بمعاداتها للرجل ورغبتها في تأجيج الصراع بينهما من خلال الكتابة.. ورغم كل تلك المعوقات استطاعت المرأة التعبير عن قضاياها وقضايا الوطن وبرزت في ذلك المجال مبدعات أثبتن أن منجزات النساء في المجال الأدبي لا تقل أهمية عن إبداع الرجال، وعلى سبيل المثال من هذه الأسماء المضيئة حسن شاه ورضوى عاشور وميرال الطحاوي غيرهن من الأديبات اللاتي استطعن الخروج من شرنقة الظروف التي تحيط بالمرأة في مجتمعاتنا العربية وعبرن عن هموم وقضايا الوطن.
من خلال مؤتمر المرأة المبدعة أود أن أؤكد أن الإبداع النسائي مازال في حاجة لمزيد من المساندة الاجتماعية من خلال إعادة النظر في وضع المرأة في المجتمع وتغيير النظرة السطحية لدورها في الابداع، وتغيير نظرة المرأة وأفكارها عن نفسها وإمكانياتها وقدراتها الإبداعية.
في النهاية أوجه التحية لكل امرأة في العالم والوطن العربي استطاعت تحدي المعوقات والظروف وكل دعاوى الإقصاء وحطمت كل قيود التضييق والتهميش فأصبحت مثلًا ونموذجًا يحتذى به، وكل التقدير والتحية للرجل الذي يقف خلف نجاح المرأة بالتشجيع والمساندة، ويدرك أن نجاحها هو نجاح وتقدم للمجتمع بصفة عامة.. تحية وتقدير لملتقى السرد العربي ولصالون المبدعة غادة صلاح على هذه المبادرة التي تليق بالمرأة المبدعة.