مؤسس جمعية محبي الشيخ إمام: هذه شهادتي للتاريخ عن الشيخ الإنسان والفنان

  • حاتم السروي
  • الثلاثاء 18 يونيو 2019, 1:15 مساءً
  • 1609
مؤسس جمعية محبي الشيخ إمام

مؤسس جمعية محبي الشيخ إمام

 كان ممنوعًا من السفر، ممنوعًا من الغناء، ممنوعًا من الكلام في مراحل مختلفة من حياته، ولكن لم يكن بإمكان أي نظام أن يمنعه من الاشتياق والابتسام. هو الشيخ إمام القادم من قرية أبو النمرس، ربما لا يعرف أحد من الجيل الجديد سوى هذا الجانب المقاوم، الفنان الثوريّ اليساري الملتزم بقضايا قومية وإنسانية، ولكننا نجهل جوانب أخرى من حياته قد تبدو للبعض تافهة أو ثانوية  إنه الجانب الديني، و الذي تجسد في مقاربة فكرية وشخصية لحياة الرجل وافكاره .

ومن هنا تأتي أهمية الحوار مع السيد مهدي عنبة رئيس مجلس إدارة ومؤسس جمعية محبي الشيخ إمام ؛ ففي جعبته الكثيرمن الحكايات عن الشيخ إمام صديقه وأستاذه وهي حكايات تقدم لنا رؤية جديدة عن حياة الرجل، إلتقيناه في شارع القصر العيني حيث مقر جمعيته التي سعى إلى تأسيسها منذ فترة طويلة ولكنها لم تحصل على إشهار رسمي إلا منذ أربع سنوات أو أقل، وأجرينا معه هذا الحوار


   محبتك الجارفة للشيخ إمام تدعونا إلى التساؤل عن صداقتكما كيف بدأت؟

كنت كغيري من أبناء جيلي نستمع إلى الشيخ إمام منذ منتصف السبعينيات، وكنت أستمع إليه في بعض الإذاعات العربية مثل (صوت مصر العروبة) و(إذاعة ليبيا)، بالإضافة إلى أنني كنت أحضر الأمسيات الفنية التي كان يقيمها حزب التجمع، ولكن معرفتي الشخصية بالشيخ إمام بدأت في 28 أكتوبر عام 1990.

هل وصل حبك للشيخ إمام إلى تذكر يوم لقاءكما الأول بالتاريخ؟

بالطبع فهو عزيز قلبي، وأزيدك أنني أذكر تفاصيل هذا اللقاء الذي كان في منزلي، حيث حضر الشيخ إمام بصحبة صديقين، وكان اللقاء وقت آذان المغرب، وبعد التحية والسلام فوجئت به يقول " يلَّا نصلي المغرب لإن وقته ضيق " فالمغرب غريب كما يقولون والعشاء ممتدة وكانت هذه العبار هي أول ما تكلم به في بيتي .

و أمَّنَا في الصلاة وجعلت أتسائل في نفسي "هل هذا هو الشيخ إمام الذي قالوا عنه أنه شيوعي؟ " لقد كان رجلا طيبا في الحقيقة (وزي ما يكون فيه شيء لله) وقد سخر الله له من يساعده طول الوقت إلى أن لقي ربه.




   معنى هذا أن الشيخ إمام لم يكن شيوعيًا  من الناحية العقدية ؟

بالتأكيد لم يكن كذلك وسوف أبين لك بالأدلة القاطعة وبكلماته التي خرجت من فمه أنه لم يكن شيوعياً ولكن دعني أولاً أستكمل تفاصيل لقائي الأول معه فأنا أشعر بالمتعة حين أسردها وأحكيها. أقول: بعد الصلاة جلسنا نتحادث وقدمت له طبقاً من العنب فقال للحاضرين: " عَنِّبوا، عنِّبوا عند الأستاذ عنبة" وخلال الجلسة الأولى اكتشفت أن الرجل يتمتع بخفة ظل وأنه مقبلٌ على الحياة، وحصلت بيننا كيمياء وترددت عليه بعد ذلك بـ " خوش قدم " أو حوش آدم وظلت علاقتي به مستمرة حتى توفاه الله في 7 يونيو عام 1995.

هل من الممكن أن  تحدثنا أكثر عن تفاصيل الإنتماء الفكري للشيخ إمام ؟

الشيخ إمام المولود في 2 يوليو عام 1918 كان حافظاً للقرآن الكريم بقراءاته السبع، وسوف أخبرك أن لديَّ نسخة كاملة من المصحف المرتل مسجلة بصوت الشيخ إمام، وقد سُجلت هذه النسخة بطلب من الأستاذة صافي ناز كاظم في رمضان عام 1980 وذلك في 24 شريط.

وقد أهدت الأستاذة صافي ناز كاظم هذه الشرائط لي منذ ست سنوات، حيث قمت برقمنتها أي نقلها إلى الكومبيوتر وجاري عمل التنقية للصوت، وقد سئل الشيخ إمام عن كونه شيوعياً أم لا؟ فأجاب أنه مع إسعاد الناس والعدل الاجتماعي في المجمل لكنه ليس شيوعياً ونفى ذلك تماماً.

هل كان يعاني من مرض قبل الوفاة؟

ليس صحيحاً أبداً ما أشاعه البعض على وسائل السوشيال ميديا من أنه كان مريضاً، وأن الفنان عزت العلايلي والفنانة فردوس عبد الحميد اعتنيا به وأدخلاه المستشفى إلى باقي القصة المعروفة التي أنفيها جملةً وتفصيلًا، مع احترامي الشديد لكلٍ من الفنان عزت العلايلي والفنانة فردوس عبد الحميد، مع العلم أن أياً منهما لم يقل هذا الكلام فالقصة برمتها مدسوسة عليهما وقد مات الشيخ إمام كما يقول الناس موتة ربنا.


وكيف تم تأسيس الجمعية؟

بعد وفاة الشيخ إمام بعام واحد يعني سنة 1996 حاول بعض محبيه إشهار جمعية للحفاظ على تراثه ولكن الأمن أبدى اعتراضه على ذلك، وفي عام 2010 حاولت أنا إشهار جمعية باسم محبي الشيخ إمام ولكن العقبة التي واجهتنا كانت عدم وجود مقر فتوقفت، وظل الأمر هكذا إلى أن دُعيت لحضور أمسية فنية في رمضان عام 2014 وكانت عن الشيخ إمام وتراثه ومكانها جمعية الاجتماعيين وكان الداعي هو الأستاذ المرحوم أسامة برهان نقيب عام الاجتماعيين بمصر.

وفي أثناء حديثي بالأمسية تكلمت عن العقبة التي تحول دون التقدم بإشهار أوراق الجمعية، ولكن أسامة برهان ذلل هذه العقبة وأزاحها تماماً من طريقنا وذلك بأن أعطاني خطاباً باسم مجلس إدارة نقابة الاجتماعيين بمصر يفيد بأنه على استعداد لاستضافة جمعية محبي الشيخ إمام في حال الموافقة على إشهارها.

 وبالفعل تم الإشهار بتاريخ 15 يناير 2015 ، والجمعية الآن لها مقر مؤقت بنقابة الاجتماعيين بالقاهرة بعمارات العرائ شارع أمين سامي المتفرع من القصر العيني، ونبحث بكل طريقة للحصول على مقر دائم حتى تستطيع الجمعية تحقيق أهدافها من خلال هذا المقر ونحن لدينا استعداد لدفع قيمة إيحار مقر صغير في مكان مناسب.

لكن لماذا حصل الخلاف بينه وبين نجم وتم الانفصال؟

تغير المناخ هو السبب الرئيسي، وذلك أن سياسة الانفتاح التي أطلقها الرئيس محمد أنور السادات كانت قد آتت أُكُلها في منتصف الثمانينيات والطلبة الذين كانوا يلتفون حول الشيخ إمام في مرحلة السبعينات تغيروا كلاً وجزءاً وأصبح بعضهم رجال أعمال وانفض المولد وبالتالي صار المناخ العام غير مشجع للثنائي الفني الذي كونه نجم وإمام.

بالإضافة إلى بعض العوامل الشخصية باعتبار أن كلاً منهما فنان والفنان متمرد بطبعه، كما أنه لم يعد هناك سجن يجمعهما فالقهر كان عامل توحيد بين كيانين الشيخ فؤاد وأحمد فؤاد نجم.

وكيف كان الشيخ يقضي وقته؟

كان الشيخ إمام يسكن في شقة صغيرة عبارة عن حجرة واحدة وصالة ودورة مياه في منزل ملاصق لسيدي يحيى بحوش آدم وهو من الأولياء المشهورين في هذه المنطقة وكان رحمه الله منذ عام 1945 عضواً في بطانة الشيخ عبد السميع بيومي المنشد الديني المعتمد بالإذاعة المصرية.

بعد وفاة الشيخ بيومي اعتنى بالشيخ إمام ابنه عم كامل الذي كان يعمل ترزي بلدي وذلك حتى وفاة الشيخ وكان مفتاح السكن مع عم كامل، وفي كل صباح يذهب عم كامل إلى الشيخ إمام وبعد الفطور يصطحبه إلى المحل ويقضي معه الوقت حتى صلاة الظهر وبعد الصلاة يحضر له طعام الغداء من أحد المطاعم بالمنطقة، وإذا كان هناك من يريد أن يصطحب الشيخ في أمسية فنية أو سهرة عند الأصدقاء فلابد أن يمر أولاً على عم كامل ويرتب معه.

ما تقييمك لتواجد صوت الشيخ إمام على السوشيال ميديا؟

لا أعتقد أن هناك فناناً عربياً يحظى بما يحظى به الشيخ إمام على اليوتيوب ومواقع التواصل الاجتماعي.

 ما هي آخر نشاطات الجمعية؟

خلال أيام سوف يصدر لي كتاباً بعنوان " الشيخ إمام الإنسان والفنان " وهو الكتاب الثالث عن تجربة إمام ونجم وفيه جعلت الشيخ إمام يتكلم بنفسه عن نفسه عن طريق اختيار عدة إجابات له لأسئلة من حوارات مختلفة وقد تم ترتيب الإجابات زمنياً بحيث يبدو الناتج عبارة عن قصة حياة الشيخ إمام يرويها بنفسه .

 في هذا الكتاب نوع من الابتكار من وجهة نظري، بالإضافة إلى أن الجزء الثاني من نفس الكتاب يتضمن التدوين الموسيقي لعدد 34 لحناً من أشهر ألحان الشيخ إمام.ِِ

تعليقات