يوسف السباعي في ذكراه.. تجاهل نقدي وإقبال من القراء ونهاية مأساوية

  • حاتم السروي
  • الإثنين 17 يونيو 2019, 9:24 مساءً
  • 1043
يوسف السباعي..طلة هوليودية

يوسف السباعي..طلة هوليودية

تمر بنا اليوم الذكرى الحادية والأربعون للأديب الكبير يوسف السباعي فارس الرومانسية الذي أورثنا تركة أدبية حافلة من الروايات والمجموعات القصصية وكتاب في أدب الرحلات عنوانه "بين محيطين" وقد تحولت كثير من أعماله الأدبية إلى أعمال درامية بالسينما والتلفزيون والإذاعة ولا يزال إبداعه مصدر إلهام لصناع الدراما وكتاب السيناريو.

وقد ولد أديبنا في الدرب الأحمر عام 1917 لأب كان أديباً ومترجماً معروفاً هو الراحل محمد السباعي وبذلك ينطبق عليه قول الشاعر:

وهل ينبت الخُطِّيُّ إلا وشيجَهُ.. وتُغرسُ إلا في منابتها النَّخْلُ

وكانت لدى السباعي رغبة منذ الصغر في استكمال مشوار ومسيرة والده غير أنه قرر الالتحاق بالكلية الحربية وقد تخرج منها ضابطاً مرموقاً وتوالت مناصبه العسكرية بدءاً من التدريس في الكلية عام 1940 وفي عام 1943 أسندت إليه مهمة تدريس التاريخ العسكري وأصبح مديراً للمتحف الحربي عام 1949 وتدرج في الرتب العسكرية حتى وصل إلى رتبة "عميد" وتقاعد بعدها وقد جمع بين الأدب والحياة العسكرية فكان مثل الراحل محمود سامي البارودي الملقب بـ "رب السيف والقلم".

وقد اختاره الرئيس الراحل أنور السادات ليتولى منصب وزير الثقافة عام 1973 وظل فيه إلى أن اغتالته إحدى المجموعات الفلسطينية في لارينكا بدولة قبرص عام 1978، حيث سافر إلى هنالك بحكم منصبه ليشهد فعاليات المؤتمر الآسيوي الأفريقي وبعد نزوله من غرفته متوجهاً إلى قاعة المؤتمرات بالفندق الذي كان يبيت فيه ويقام فيه المؤتمر وقف يتصفح بعض الجرائد فأطلق عليه مجهولا ن ثلاث رصاصات فارق الحية على إثرها، وتسبب الحادث في قطيعة دبلوماسية بين مصر وقبرص بل وقام الرئيس أنور السادات بإرسال قوات خاصة من الصاعقة المصرية على متن طائرة عسكرية للقبض على منفذي الحادث بعدما قاموا باحتجاز عدد من الرهائن ومساومة الحكومة القبرصية على إطلاق سراحهم وإرسال طائرة خاصة تقلهم إلى خارج البلاد.

وعند عودة جثمان الأديب الراحل أقيمت له جنازة شعبية مهيبة، ومما يذكر أن للراحل عدداً من الأعمال الأدبية الهامة منها رواية "السقا مات" و"أرض النفاق" التي تم تحويلها إلى عمل سينمائي من بطولة فؤاد المهندس وشويكار وسميحة أيوب وفي الرواية تطهر أبعاد الحكمة والفلسفة الأخلاقية عند الكاتب الراحل وهي رواية فانتازية فيها تأملات لواقع المجتمع ومنهجياته في التعامل، كما أن له مجموعة قصصية تخدم المفاهيم الإيمانية والإيمان بالله وحكمته البالغة وحسن تدبيره لحياة البشر وقد سماها "نفحات من الإيمان" كما تظهر التيمة الأخلاقية في روايته الشهيرة "العمر لحظة" وفيها أيضاً يبدو حسه الوطني العميق وولاءه للقوات المسلحة التي عمل فيها وأخلص لها ومقارنته بينها وبين عالم الصحافة الذي دخله وعرف كل ما فيه لتخرج لنا المقارنة في غير صالح عالم الصحافة والتي رآها تعاني من بعض الأزمات الأخلاقية مع ضعف الموارد المالية وانتشار السخافات بين العاملين فيها وصراعهم المثير للدهشة حول تفاهات يضيعون فيها أوقاتهم، وله أيضاً "نحن لا نزرع الشوك" والتي تم تحويلها إلى فيلم سينمائي بطولة شادية ومحمود ياسين. 

وقد عانت أعمال أديبنا الراحل من تهميش بعض أو غالبية النقاد الذين ينتمون للتيار اليساري حيث أنه لم يكن منهم وكان أحد أهم المسئولين في عهد الرئيس أنور السادات كما أنه من رواد النزعة الرومانسية التي يرفضها مثقفو اليسار ويرونها لا تخدم سياقات المرحلة ولا تعبر عن طبيعة العصر وهي موجة أدبية تجاوزها الزمن غير أن أعمال السباعي لازالت تشهد إقبالاً من محبي الأدب ويشهد لها بعض النقاد بالجودة الفنية من حيث العناصر التقليدية للأعمال الروائية والقصص القصيرة ففيها السرد والحبكة والنهاية وفيها الأزمة ذات الوتيرة المتصاعدة والحل وفيها التقنيات التي يعمد إليها الأدباء عادة غير أنهم لاحظوا على بعض أعماله وقوعها في هنَّات لغوية ومما تميز به عن غيره كتابته مقدمات لرواياته وهي العادة التي يرفضها الكثير من الأدباء والنقاد، ويرى قراء السباعي أن أعماله مفهومة وبسيطة ولا تعاني الغموض والتعقيد ولها رسالة تحاول أن تقدمها باستمرار.

تعليقات