رئيس مجلس الإدارة

أ.د حسـام عقـل

نظرات في الترجمات القرآنية

  • معتز محسن
  • الثلاثاء 11 فبراير 2020, 10:58 صباحا
  • 569
الترجمة الإنجليزية للقرآن الكريم

الترجمة الإنجليزية للقرآن الكريم

في خضم مسابقة وزارة الأوقاف الدولية لحفظ القرآن الكريم واقتراب موعد ندوة "القرآن بكل اللغات" التي يقيمها موقع جداريات، برئاسة الدكتور حسام عقل ،يتبادر للأذهان من الوهلة الأولى عملية ترجمة القرآن الكريم إلى لغات أخرى ،كخطوة دعوية وفكرية في نفس الوقت لنشر كتاب الله كأسلوب علمي للهدف الدعوي ،لمن يسعى للدخول في هذا الدين الحنيف.

وهناك من يسعى لترجمة الكلمات النورانية ،من أجل أغراض إستشراقية تبث السموم المعسولة لمن يفتقد للإيمان القويم والتمسك بالعروة الوثقى للوصول إلى أغراض إمبريالية تتفشى في الصدور عبر الجسر الحامل للكثير من الإستنتاجات والتأملات.

أيًا كانت الأسباب ،فلابد لنا من معرفة تاريخ الترجمة مع القرآن الكريم حتى نستطيع التواصل مع مختلف الثقافات والأغراض من أجل الزود عن دين الله وكتابه الكريم ،مصداقًا لقوله تعالى في سورة الحِجر :"إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون".

كانت الترجمة الأولى لكتاب الله العزيز في القرن السابع الميلادي وقت صدر الإسلام ،عبر الصحابي الجليل المُلقب ب"الباحث عن الحقيقة" ،سلمان الفارسي رضي الله عنه وأرضاه الذي ترجم سورة "الفتح" للغة الفارسية كخطوة أولية لعالمية الإسلام ،مبرزًا لأبناء حضارته ولغته على أن نصر الله قادم كدليل توكيدي على أن المستقبل لهذا الدين.

جاءت الخطوة التالية في اليونان من خلال الكاتب "نزيتاس بينتوس" الذي كتب كتابه "دحض القرآن" وإستغرق منه خمسة عشر عامًا من 855 حتى 870 ميلادية ،دون معرفة الأسباب الحقيقية التي دفعته لهذا الكتاب ولكن قد نستنتج من هذا العنوان أغراضًا تبشيرية مبكرة ضد كتاب الله الكريم.

توالت المحاولات ما بين الشرق والغرب من القرن العاشر حتى القرن الثاني عشر ،ففي عصر المنصور وقت الدولة العباسية تمت ترجمة القرآن بشكل موسع لإتمام ما بدأه الباحث عن الحقيقة باللغة الفارسية ،وذلك للمد الإسلامي المنتشر بخراسان الكلمة المفتاحية لقيام الدولة العباسية عبر أبو مسلم الخُراساني.

إنتقلت الترجمة بعد ذلك لأوروبا في القرن الثاني عشر ،من خلال الفاتيكان الذي ترجم القرآن للغة اللاتينية من خلال روبرتوس كينينتوس في العام 1143 من أجل أغراض تبشيرية تحت مظلة مقارنة الأديان في أوقات صراع الحضارت في العصور الوسطى المنقسمة بين المظلمة "أوروبا" والمستنيرة "الدولة الإسلامية".

وفي العام 1382 تُرجم القرآن إلى اللغة الإيطالية وتوالت الترجمات بإيطاليا حتى القرن السادس عشر . إنتقلت أوروبا بعد ذلك إلى عصر النهضة عقب إسدال الستار على الحروب المقدسة "الصليبية" بنشر العلمانية ،وتمت الترجمة  الإنجليزية في العام 1649عبر المستشرق البريطاني "ألكسندر رووس" ،وأكتشف بعد ذلك وجود تلك النسخة في مكتبة السياسي "توماس جيفرسون" كاتب بيان الاستقلال الأمريكي وواضع الدستور الأمريكي ،ومؤسس الحزب الجمهوري ،وثالث رئيس للولايات المتحدة الأمريكية ولازالت تلك النسخة محفوظة بمكتبة الكونجرس حيث استمد منها مبادئ الدستور الأمريكي.

كانت للغة الفرنسية الحظ في ترجمة القرآن في العام 1649 وتوالت الترجمات ما بين الغرضين ،إما لأغراض دعوية أو لأغراض إستشراقية وهو ما وضح في كتاب الدكتور محمد حسين هيكل "حياة محمد" الذي كتبه وقت دراسته بالسربون في العقد الثاني من القرن العشرين.

توالت الترجمات بعد ذلك ما بين لغات الشرق والغرب لأغراض متعددة ،ما بين الألمانية والإسبانية والبلغارية والتركية والأوردية وقيل أن المفكر والشاعر الكبير جيته قرأ الترجمة الألمانية للقرآن الكريم ،وقرأ القرآن باللغة العربية لإجادته التامة لها مبرزًا سماحة الإسلام وعظمة حامل الرسالة خير الأنام صلى الله عليه وسلم.

ولازالت الترجمات مستمرة لكتاب الله ما بين مبشرًا بالدعوة ومستشرقًا يحمل جناحين ما بين التبليغ السليم والتشويه المتعمد حسبما تسير الرياح العاتية في لحظات التغيرات المتسارعة على وجه الأرض.


تعليقات