معرض القاهرة الـ51 للكتاب في الميزان

  • معتز محسن
  • الأربعاء 05 فبراير 2020, 4:39 مساءً
  • 893
معرض القاهرة الدولي للكتاب في العام 2020

معرض القاهرة الدولي للكتاب في العام 2020

لا شك أن معرض الكتاب الذي تم تدشينه لأول مرة عام 69،  أصبح بالفعل صناعة ثقافية تنال اهتماما كبيرا في الداخل المصري والخارج، وهذا العام يبدو معرض الكتاب في دورته الـ51 الذي أسدل عليه الستار أمس ذا نكهة خاصة من حيث تنظيمه وشخصية المعرض والفعاليات وأبرز الزوار وشخصية المعرض وضيف الشرف، وفي السطور التالية نضع معرض الكتاب في الميزان ونرصد أبرز السلبيات والإيجابيات التي شهدها.


إيجابيات 


وفي الحديث عن إيجابيات المعرض هذا العام يمكن في البدء القول إنه وضح على المعرض الكثير من التجديدات والأفكار الحديثة لمواكبة معايير المعارض الدولية، وهو ما تصبو إليه الهيئة المصرية العامة للكتاب، التي جاء اختيارها موفقا تماما في اختيار  علم جليل من أعلام الجغرافيا والفكر وهو العلامة الدكتور جمال حمدان شخصية المعرض، وإحياء شخصيةهذا المفكر الفذ، كنوع من أنواع إرساء قيم تراثنا المهجور بتعريفهم بعلم من أعلام الوطن ،الذي عرفنا بتفاصيل هذا الوطن رابطًا بين جغرافية المكان وشخصية من يسكن هذا المكان في لغة شاعرية أضفت على السرد الجغرافي شاعرية مميزة لا تمحى أبدًا من الذاكرة، ونجحت المعرض بالفعل في تعريف من لا يعرفه به خاصة من الشباب، وتعريفهم بوطنهم من خلاله، ولا أدل على ذلك من نفاد طبعة موسوعته "شخصية مصر" من المعرض. ومن يعرف يعرف حمدان أو يسمع به ولا يقرأ له التفت بالفعل لقراءة هذه الأعمال.  

من الأمور الموفقة أيضا في المعرض هذا العام اختيار شقيقة أفريقية هي السنغال أضفت على القارة السمراء ما يخدم  الهوية الأفريقية  بإحيائها مفهوم الزنوجة في مواجهة الاستعمار من خلال ليبولد سنجور، الشاعر والسياسي السنغالي الذي زين اسم "السنغال" بأحرف من ذهب، لنرى لمعانها وبريقها كضيف شرف بأرض المعارض، وهو اختيار صائب  رسخ صدارة مصر  الأفريقية، بالتزامن مع رئاسة مصلر الاتحاد الأفريقي.

 ومن الأشياء المهمة والتي تحسب للمعرض كخطوة لاستعادة ما تم إرجاؤه من تكريم للقامات والرموز، عودة الشاعر الكبير فاروق جويدة لأمسيات المعرض عقب غياب ستة عشر عامًا، ظل الجميع خلالها يسأل عن الجفاء القائم بينه وبين الهيئة، لتأتي الأقدار برياحها ويعود مزمار شعري لا ينضب في أمسية اكتظت بالجمهور، ليشاهدوا توثيقًا مهمًا بحوار الإعلامية المميزة منى الشاذلي المتسم بالشعرية والشاعرية المميزة.

أيضًا من مستجدات المعرض تخصيص أماكن للكتب الصوتية، حيث شاركت سبعة دور نشر للكتب الصوتية هذا العام، وهي خطوة تُحسب للمعرض لمواكبة التطورات الحديثة على الوسائط المختلفة الحاملة للمعلومات ،مواكبةً للمعارض الأجنبية المقبلة على هذا النوع من الأوعية الجديدة في أخر عشر سنوات .

ومن النقاط المحسوبة للهيئة احتفاؤها بعلم من أعلام الإسلام في جناح الأزهر الشريف، وهو الشيخ محمد متولي الشعراوي كرد جميل من الهيئة لمن علم الناس كيف يكون فهم القرآن بتفسير عصري، يضاهي ما نمر به من تطورات مختلفة ومستجدات سريعة، ليطلق عليه بحق من شيخ الأطباء الدكتور إبراهيم بدران: "ترجمان القرآن في العصر الحديث"، خاصة في ظل الحملات المسعورة ضده في الفترة الأخيرة.


سلبيات 


لكن "لكل شيء إذا ما تم نقصان" فالإيجابيات السابقة لا تمنع من ظهور بعض السلبيات نتمنى ألا نراها في الدورات المقبلة، ظهور  سما المصري المثيرة للجدل دائما ودخولها المعرض بملابس غير لائقة "بيجامة" لا تتماشى مع هذا العُرس الثقافي المنتظر طوال العام ، وهنا  لا بد من التأكيد أنه كان ينبغي التشديد الأمني والتركيز دون استثناء على ما يتماشى مع مستوى هذا الحدث حتى لا نصيب شبابنا وأطفالنا بما يخدش حياءهم وبراءتهم، ومن أجل الحفاظ على صورة مشرفة للثقفاة المصرية في محفل دولي.

من الأمور التي يجب مراعاتها من إدارة المعرض فيما بعد ضرورة تفعيل "ضيف الشرف" بشكل أقيم وأفضل وأكثر جدية من المتاح حتى نُعرف الجمهور بثقافات جديدة لم ترد إلينا من قبل، كنوع من أنواع التبادل الثقافي، وهذا ما أكده الدكتور يسري عبد الغني بسطحية تفاصيل التعرف على السنغال ضيف شرف المعرض، لأن السنغال تتسم بالثراء والتنوع الثقافي بأدبائها ومفكريها، ويكفيها فخرًا "ليوبولد سنجور" الشاعر وأول رئيس للسنغال الذي ذكَّر الأفارقة في عقدِ التحرر والاستقلال بهويتهم المهجورة عبر ما دعا إليه بإحياء قيمة "الزنوجة" أدبًا وفكرًا وسياسةً، وهو ما يجعلنا نتفق مع عبد الغني بضرورة تطوير آلية التامل مع الدولة ضيف شرف المعرض مع وجود مترجمين للدول الناطقة بلغات مختلفة، لتجنب مشكلة التواصل والتفاعل مع الثقافات الأخرى.

غلاء الأسعار أيضا من المشكلات اللافتة خلال هذه الدورة فإلى جانب غلاء أسعار الكتب التي يجب أن تخضع لرقابة ومعايير تكبح هذه الأسعار، هناك غلاء الأسعار بمطاعم وكافتيريات المعرض، وهو أمر لا يتماشي مع ظروف غالبية رواد المعرض، وهو ما جعل الكاتب الروائي هشام فياض الهيئة المصرية العامة للكتاب بضرورة إيجاد حلٍ فوري لمشكلة أسعار الأطعمة والمشروبات حتى لا يواجه الرواد أزمة فيما يحتاجونه من أشياء ضرورية في جولات المعرض بمساحته الكبيرة.

ونختم بما كان حقه التقديم أن ظهور بعض الاعمال الركيكة االتي لا ترقي لعرضها بمعرض الكتاب ما زال أزمة قائمة كل عام فهل يليق بقيمة وقامة مصر أن يكون في معرض كتابها ديوان شعر يتضمن كلمات مثل: "شلح هدومك يا زمن/ واجري بعيد/ ليا لسان وودان وعين/ وليا إيد/ ومهما تطفي فرحتى/ لسه وليد/ عايش حياته بيبي نون/ كائن جديد"؟!

تعليقات