الإمام الأكبر : الإلحاد يعمل على ضرب استقرار المجتمعات وهدم الأديان

  • جداريات Ahmed
  • الجمعة 31 يناير 2020, 3:32 مساءً
  • 1002
الالحاد

الالحاد


لم ينس فضيلة الإمام الأكبر  الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف،في البيان الختامي الذي القاه في المؤتمر العالمي للتجديد في الفكر الاسلامي، والذي عقده الأزهر الشريف بالقاهرة علي مدار يومين برعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي مسالة الإلحاد وخطره على المجتمع فقد اكد فضيلته أن الإلحاد خطر يعمل على ضرب الاستقرار في المجتمعات التي تقدس الأديان، وتحترم تعاليمها، وهو أحدُ أسلحة الغزو الفكري، التي يُراد من خلالها -بدعوى «الحرية الدينية»- هدمُ الأديان، وإضعافُ النسيجِ المجتمعي، وهو سبب مباشر من أسباب التطرُّف والإرهاب، وعلى المجتمعات أن تتيقظ للآثار السلبية التي تترتب على دعوات الإلحاد، وإنكار وجود الله، وبلبلةِ أفكار المؤمنين به، كما يجب على العلماء التسلح بمنهج تجديدي في التعامل مع مخاطره تستصحب الأدلةَ العقلية والبراهينَ الكونية ونتائج العلوم التجريبية الحديثة باعتبارِها تؤيد الحقائق الإيمانية، وذلك من خلال الالتقاء بالشباب والحوار معهم، والإفادة من وسائل التواصُل الحديثة في هذا المقام.


كما اكد فضيلته ان الجهاد في الإسلام -ليس مرادفًا للقتال، وإنَّما القتال الذي مارسه ﷺ وأصحابه هو نوعٌ من أنواعه، وهو لدفع عدوان المعتدين على المسلمين، وليس لقتل المخالفين في الدين، كما يزعم المتطرفون، والحكم الشرعي الثابت في الإسلام هو حُرمة التعرُّض للمخالفين في الدين، وحرمة قتالهم ما لم يُقاتلوا المسلمين لافتا إلى أن المنوط بأمر الجهاد هو السلطة المختصة في البلاد وفق الدستور والقانون، وليس الجماعات والأفراد، وكلُ جماعةٍ تدعي لنفسها هذا الحق، وتُجَيِّشُ الشباب، وتدربه، وتدفع به للقتل والقتال، وقطع الرؤوس، هي جماعةٌ مفسدةٌ في الأرض محاربةٌ لله ورسوله، وعلى السلطات المختصة أن تتصدى للقضاء عليهم بكل عزيمةٍ وحزم.


وأضاف فضيلة الإمام الأكبر الى ان دولة في الإسلام هي: الدولة الوطنية الديمقراطية الدستورية الحديثة. والأزهر - ممثلا في علماء المسلمين اليوم- يقرِّر أن الإسلام لا يعرف ما يسمى بالدولةِ الدينية، حيث لا دليل عليها في تراثنا، وهو ما يُفهم صراحةً من بنود صحيفة المدينة المنورة، ومن المنقول من سياسة رسولنا الأكرم، ومن جاء من بعده من الخلفاء الراشدين، وكما يرفض علماء الإسلام مفهومَ الدولة الدينية فإنهم يرفضون -بالقَدْرِ نَفْسِه- الدولة التي يقوم نظامها على جحد الأديان وعزلها عن توجيهات الناس.


وشدد فضيلته على ان التجديد لازمٌ من لوازم الشريعة الإسلاميّة، لا ينفكُّ عنها؛ لمواكبة مستجدات العصور وتحقيق مصالح الناس. مؤكدا أن النصوصُ القطعيةُ في ثبوتها ودلالتها لا تجديدَ فيها بحالٍ من الأحوال، أمَّا النصوص الظنيَّةُ الدِّلالة فهي محل الاجتهاد، تتغير الفتوى فيها بتغير الزمان والمكان وأعراف الناس، شريطةَ أن يجيءَ التجديدُ فيها على ضوء مقاصد الشريعة وقواعدها العامة، ومصالح الناس. فضلا عن أن التجديد صناعة دقيقة، لا يحسنها إلَّا الراسخون في العلم، وعلى غير المؤهَّلينَ تجنُّب الخوض فيه حتى لا يتحوَّل التجديدُ إلى تبديد.


وتابع فضيلته  أن التيارات المتطرفة، وجماعات العنف الإرهابية يشتركون جميعا في رفض التجديد، ودعوتهم تقوم على تدليس المفاهيم وتزييف المصطلحات الشرعية، مثل مفهومهم عن نظام الحكم، والحاكمية، والهجرة، والجهاد، والقتال ،والموقف من مخالفيهم، فضلًا عن انتهاكهم ثوابت الدين بما يرتكبونه من جرائم الاعتداء على الأنفس والأموال والأعراض، وهو ما شوَّه صورةَ الإسلام وشريعته عند الغربيين ومَن على شاكلتهم من الشرقيين، وتسبَّب في ربط الكثيرين بين أفعالهم المنحرفة وبين أحكام الشريعة، و رواج ما يسمى بـ«الإسلام فوبيا» في الغرب، ومن ثَمَّ فإن واجب المؤسسات والمجتمع دعم جهود الدول في التخلص من شرور هذه الجماعات.


وانه  من أُسس الخلل الفكري عند هذه الجماعات التسوية بين الأحكام العقدية وبين الأحكام العملية؛ كاعتبارِ فعل المعاصي كُفرًا، واعتبار بعض المباحات فريضة واجبة، وهو ما أوقع الناس في حرجٍ شديد وأساءَ إلى الإسلامِ وشريعتِه إساءةً بالغة.


واضاف فضيلته أن المراد بالحاكمية عند الجماعات المتطرفة أنَّ الحكمَ لا يكون إلا لله، وأن من يحكم من البشر فقد نازع الله سبحانه وتعالى في أخصّ خصائص ألوهيته، ومن نازع الله فهو كافر حلال الدم، لأنه ينازع الله في أخصِّ صفاته، وهذا تحريفٌ صريحٌ لنصوصِ الشريعة الواردة في القرآن الكريم والسُّنَّة المطهرة؛ التي بيَّنت في وضوح إسناد الحكم إلى البشر، والاعتداد بما يصدر عن أهل الحل والعقد من الأحكام الاجتهادية التي مردُّها إلى الله، ونتذكر هنا قول ابن حزم «إن مِن حُكمِ الله أن جعل الحكم لغير الله»، وذلك في مثل قوله تعالى ▬فَابْعَثُوا حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِّنْ أَهْلِهَا وقوله تعالى في سورة المائدة: ▬يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ وعلى هذا يجب تصحيح ثقافة الناس حول مفهوم الحاكمية من خلال نشر عقيدة أهل السنة، وبيان أن الحكم البشري المنضبط بقواعد الشرع لا يتعارضُ مع حاكمية الله، بل هو منها.


وشدد فضيلته أن التكفيرُ فتنةٌ ابتليت بها المجتمعات قديمًا وحديثًا، ولا يقول به إلا متجرئ على شرع الله تعالى أو جاهل بتعاليمه، ولقد بينت نصوص الشرع أن رمي الغير بالكفر قد يرتدُّ على قائله فيبوء بإثمه، والتكفير حكم على الضمائر يختص به الله سبحانه وتعالى دون غيره، فإذا قال الشخصُ عبارةً تحتمل الكفر من تسع وتسعين وجها وتحتمل عدم التكفير من وجه واحد فلا يرمى بالكفر لشبهة الاحتمال؛ اعتدادا بقاعدة «ما ثبت بيقين لا يزول إلا بيقين».


وشدد فضيلته على أن ما ينادون به من وجوب هجرة الأوطان لا أصلَ له، والأصلُ عكسُه، لقول النبي ﷺ ( لا هجرة بعد الفتح)، ومن هنا فإن دعوة الجماعات الإرهابية للشباب لترك أوطانهم والهجرة إلى الصحارِي والقِفَار، واللحوق بالجماعات المسلحة فرارًا من مجتمعاتهم التي يصمونها بالكُفر هذه الدعوة مبعثُها الضَّلال في الدِّين والجهل بمقاصد شريعة المسلمين، والحكم الشرعي الذي يعلنه علماء الإسلام من الأزهر الشريف: هو أن من حق المسلم أن يقيم في أي موضع من بلاد المسلمين أو غيرها متى كان آمنًا على نفسه وماله وعرضه، ومتمكنًا من أداء شعائر دينه، أما المدلولُ الشرعي الصحيح للهجرة في عصرنا هذا فهو ترك المعاصي والهجرة لطلب الرزق والتعلُّم، والسعي في عمارة الأرض، والنهوض بالأوطان.




تعليقات