باحث بملف الإلحاد: الفرائض في الإسلام أبرز الأدلة على صدق نبوة محمد صلى الله عليه وسلم
- الجمعة 22 نوفمبر 2024
الزميل أحمد بدر يحاور الإذاعية والناقدة نهى الرميسي
الإذاعة المصرية ما زالت محتفظة بجمهورها.. وهذه أسباب رفضي لقب "أفضل محاور"
أكدت الإذاعية والناقدة الكبيرة نهى الرميسي أن الحركة الثقافية في مصر مزدهرة بشكل لافت للنظر، لاسيما من حيث الكم، كما اعتبرت "الرميسي" أن هوجة الكتاب الشباب في صالح الحركة الثقافية، مؤكدة في الوقت نفسه أن العمل الجيد يفرض نفسه والرديء حتما سيختفي، وأرجعت ضعف الإقبال على قراءة الشعر إلى ضعف اللغة العربية، وإن كان الشعر كان وسيظل ديوان العرب، وللمزيد حول رؤيتها في النقد والحياة الثقافية كان لنا هذا الحوار مع الإذاعية الكبير نهى الرميسي.
كيف ترى الإذاعية والناقدة نهى الرميسي الحركة الثقافية في مصر حاليا؟
الحركة الثقافية في مصر الآن مزدهرة بشكل لافت
للنظر من حيث الكم، وهو حراك ذاتي أكثر من كونه حراكا عاما أو مؤسسيا، بمعنى أنه حراك
قوامه المنتديات والصالونات الأدبية المعتمدة على الأفراد وجهدهم الذاتي.
انتشرت مؤخرا "هوجة" من الكتاب الشباب.. هل هذا في صالح الحركة الثقافية؟
أما ظاهرة كثرة الكتاب الشباب وغير الشباب وقد أطلقتَ عليها "هوجة"، فهي ظاهرة متعددة الأسباب، حيث الطريق ممهدة ويسيرة للجميع لينشر إبداعه، أو ليصل بما يكتبه إلى جمهور المتلقين.. سواء أكان ما يكتبه يصلح للنشر أم لا، وبالطبع فإن النشر على وسائل التواصل كان من أسرع هذه الطرق التي يلجأ إليها من يريد الكتابة، بجانب وسائل النشر الأخرى وقد أصبحت في متناول الجميع تقريبا... إذن فسهولة النشر والوصول إلى جمهور المتلقين كان حافزا وسببا مهما في كثرة عدد الكتاب... أما كون هذه الظاهرة مقلقة، فهو ما لا أعتقده، لأنه من الثابت دائما أن العملة الجيدة تطرد الرديئة، وحين يكثر المعروض تكون الفرصة أكبر لاختيار الأفضل، يعني البقاء دائما للأصلح والأجود مهما زين الرديء نفسه وأثار ضجيجا حوله، فهي مسألة وقت ويذهب الزبد جفاء ويبقى الأجود مما ينفع الناس.
هل فعلا مقولة نحن في زمن الرواية ليست في صالح الحركة الثقافية؟
قديما قالوا: "الشعر ديوان العرب"، بمعنى أنه السجل الذي حفظ تراثهم وتاريخهم ووقائعهم، وكثيرا من أمور حياتهم ومعيشتهم، وفي العصر الحديث يحلو للبعض أن يسحب المقولة على الرواية فيقولون الرواية هي ديوان العرب.. في حين أن الرواية اتخذت أشكالا متعددة منذ أُرخ لبدايتها بالأساطير القديمة، وفي الثقافة العربية بفن المقامات الذي اعتبر نواة لفكرة القصة، فقد اعتبر بعض المنظرين ان فن القصة أخذه الغرب عن العرب من خلال نقل علوم الأندلس، ثم انتقل مرة أخرى إلينا من الغرب في بدايات القرن التاسع عشر متخذا شكله الحديث بعد تطور هذا الفن في أوروبا بعد عصور النهضة الأوروبية... إذن نحن بالفعل في زمن الرواية إذا ما قارناها بالأجناس الأدبية الأخرى التي تراجعت أمام الرواية، وخاصة بعد تطور صناعة السينما والتناول الدرامي للقصص والروايات الأمر الذي روج لها كثيرا،.. وهي أيضا ظاهرة صحية تصب في مصلحة الحركة الثقافية طبقا لنظرية البقاء للأجود وطرد الساحة للفن الردئ التي تحدثنا عنها.
كإذاعية كبيرة.. هل ترين الإذاعة ما زالت تحتفظ بجمهورها؟
الإذاعة مازالت تحتفظ بدورها.. سؤال مهم يواجهنا
دائما نحن الإذاعيين خاصة عندما نجتهد في إعداد وتقديم برامجنا، لأننا دائما ما ننظر
للوسائل المنافِسة ونحاول تقديم الجديد حتى نقوى على هذه المنافَسة، وقديما عندما
ظهرت الإذاعة ظن البعض أن الصحف ذهب زمانها وانتهى عصرها، كذلك أول ما ظهر
التليفزيون في ستينيات القرن الماضي ظن البعض أن الإذاعة ذهب عصرها وسحب منها
التلفاز جمهورها.. والأمر نفسه عند ظهور
وسائل التواصل عبر النت... ولكن الواقع أثبت أن لكل وسيلة محبيها وجمهورها.. فقط
الأمر يعتمد على ذكاء التناول وطرق العرض، والثقة بالنفس، واحترام المتلقي...
بمعنى- واسمح لي هنا أن اختار مثالا من واقع عملي كمذيعة- أنه على مقدم المادة الإعلامية أن يحترم المتلقى، يحترم
عقله يحترم مشاعره يحترم تفكيره، حتى لو كانت مادته التي يقدمها مادة للتسلية
والفكاهة فإن أكبر خطأ يقع به الإعلامي أن يستهين بعقل المتلقي أو يستخف به.. إذن
ثق بوسيلتك الإعلامية واجعلها أداة لتوصيل رسالتك الأخلاقية والقيمية والإنسانية
واختر القالب العصري المناسب لمادتك الإعلامية، ولتضع نصب عينيك أن المتلقي واع
وأنك لست قيما على أفكاره، وإنما أنت عارض لبضاعتك الإعلامية ورسالتك فكن أمينا في
توصيلها، راقيا في تقديمها، متواضعا في طرحها، مراعيا حق الكلمة التي تنطق بها.
تسلمتِ جائزة "أفضل مذيعة" ومع ذلك رفضتِ هذا المسمى.. ما دلالة ذلك؟
الجائزة التي تتحدث عنها كانت في
مهرجان القاهرة الحادي عشر للإذاعة والتلفزيون، وكانت على مستوى الوطن العربي
وحصلت فيه على جائزة "أحسن مُحاور" على مستوى الوطن العربي، وتحفظت على المسمى
"أفضل".. حيث صيغة أفعل التفضيل، هي صيغة تضع المعنى على إطلاقه، مع أن الأمور
الفنية والنظريات الأدبية كلها في النهاية أمور نسبية لا إطلاق فيها.. بل إنني لا
أبالغ حين أقول إن بعض الظواهر العلمية
نسبية أيضا "حسب نظرية آينشتين" وحسب علوم الفيزياء.. من هنا كان تحفظي على
كلمة "أحسن محاور" فكل حسن هناك من هو أحسن منه في نظر البعض. حتى لو رأتني لجنة
المهرجان الأحسن فلا ينبغي أن أعتقد ذلك أبدا، وإلا كنت فشلت على الفور.
لماذا لا تتحمس دور النشر للشعر مثل
الرواية؟ وهل ضعف العربية جعل الشباب غير مقبل على الشعر؟
بالفعل ضعف مستوى اللغة عند الأجيال الجديدة من أهم أسباب الإعراض عن الشعر.. فالإنسان عدو ما يجهل، وقديما قال الشاعر:
أتانا "أن" سهلا ذم جهلا.. علوما ليس يدريهن سهلُ.
علوم لو دراها ما قلاها .. ولكن الرضى بالجهل سهل
ولكن الشعر أيضا سيظل له مكانه بدليل أن شعر
العامية يحتل مكانة مهمة ويقبل عليه الشباب والكبار، ولكن شعر العامية يُسمع أفضل من أن يُقرأ.. ولذلك تجد إقبالا على
ندوات إلقاء الشعر في حين تجد إعراضا من الناشرين كما ذكرت.
"كيف يفكر العالم" أحد برامجك القوية.. ما الرسالة التي حرصتِ على تقديمها من خلاله؟
أنا لا أجيد الحديث عن برامجي وإنما أدعو السادة القراء للاستماع وأنتظر رأيهم.. ولكن أذكر هنا ما قاله الراحل الأستاذ فاروق شوشة عن برنامج كيف يفكر العالم "إن هذا البرنامج يعتبر الأول في الإعلام المصري الذي يتناول الفكر العالمي وهو يتبع نهجا صعبا لكنه الأبقي والأصلح".. والبرنامج من خلال ضيوفه من المفكرين العرب والأجانب، ومن خلال الإصدارات العالمية متمثلة في الكتب والصحف والسينما والجوائز العالمية ومن خلال تتبع التيارات الفكرية يرصد الأفكار الكبرى التي تؤثر علينا وتطال حياتنا بشكل مباشر أو غير مباشر، وأيضا من خلال رصد التيارات الفكرية العالمية يمكننا طرح نماذج تحتذى لأنها كانت سببا في تقدم بعض الدول وأخرى ربما هي نماذج سلبية ينبغي الابتعاد عنها... ويتلخص الأمر في كلمات "التتر" المقدمة الثابتة في أول كل حلقة: "نطالع.. نحاور.. نقترب.. لنعرف.. كيف يفكر العالم".... و بالطبع فإن إجابة السؤال "كيف يفكر العالم؟ من الصعوبة بمكان وأعبر عن هذا في "الإند" النهاية الثابتة.. أقول فيها: مستمعينا لعلنا بهذا نكون قد أدركنا جزءا من الإجابة عن السؤال: كيف يفكر العالم؟... وقد استضاف البرنامج شخصيات ومفكرين مثل الراحل الدكتور جلال أمين والراجل الدكتور عبد الوهاب المسيري والمفكر الأمريكي نورمان فنكلستين وعضو البرلمان البريطاني السابق جورج جالوي وغيرهم.
ما الذي يزعجك في مجال النقد العربي؟
وكيف ترين النقد المدفوع؟
المزعج في مجال النقد الأدبي هو نفسه الذي
يزعجني في الحياة بصفة عامة.. وهو النفاق.. فحين يكون الناقد متمكنا من أدواته
وعالما في مجاله ثم يلقى بكل أدواته النقدية ليقدم نقدا انطباعيا حول نص مهلهل ضعيف لكاتب لا
يحسن لغته، ويظل يشرح مواطن الجمال والإبهار في النص، فلا يمكن قبول هذا النقد،
مثلا كيف أصف شخصا بأنه كاتب أو أديب وهو لا يحسن لغته ويخطئ في أبسط قواعدها عند
الكتابة، ليس معنى كلامي أن الناقد ينبغي أن يهاجم النص والكاتب ليستعرض عضلاته
ولكن للنقد أدوات ونظريات يعرفها الناقد الأريب ويستخدمها لتكون دراسته النقدية
مقبولة... أما النقد المدفوع الأجر فلم أسمع عنه حقيقة ولم يدفع لي أحدهم من قبل
لأقدم له دراسة نقدية، ولكن الواقع أن إعداد دراسة نقدية حول نص أدبي
عمل مرهق وشاق يستحق المكافأة، ويفضل أن تكون عن طريق مؤسسة ثقافية راعية حتى لا
يتحول الأمر إلي تجارة بين المبدع والناقد.