باحث بملف الإلحاد: الفرائض في الإسلام أبرز الأدلة على صدق نبوة محمد صلى الله عليه وسلم
- الجمعة 22 نوفمبر 2024
شعار الإلحاد
منذ أطلقنا هذه السلسلة "أفكار ضد الإلحاد" أخذنا على عاتقنا أن تكون حائط صد ضد الأفكار الإلحادية التي انتشرت- للأسف الشديد مؤخرا- وعلا موجُها لأسباب كثيرة: اجتماعية ونفسية وغيرها من الأسباب التي يصعب حصرها، وكان علينا في مواجهة هذه الموجة الاستعانة بأهم كتابات وأعمال الذين وقفوا بالمرصاد لها، ولكن من خلال الحوار وليس الصدام، والدكتور محمد داود واحد ممن أخذوا على عاتقهم مواجهة الفكر الإلحادى، من خلال منهجية علمية، وفى ثوب عصرى ميسر بعيدا عن التشرذم والتشدد أو الزعاق الأجوف والمتشنج، بل من خلال الحوار العقلانى الهادئ، وكتابه «عزيزى الملحد.. حوار الحق مع الملحدين شواهد وبراهين الإيمان» واحد من إسهاماته فى التصدى للإلحاد وأسبابه والرد على أسئلة الملحدين، من خلال مواقع السوشيال ميديا خاصة "فيس بوك" ، متحليا بالنفس الطويل في الأخذ والرد، وحسن الخطاب، ولأهمية الكتاب فقد تعرضنا له من قبل في «جداريات»، ضمن سلسلة أفكار ضد الإلحاد، ونكمل.
ومما يطرحه أحد الملحدين المشوشين الذين اختلط عليهم الأمر سؤالا يقول فيه: "كيف تقولون إن ربكم كرم الإنسان، ثم إنه يشبه من لم يؤمنوا بالأنعام؟" ويجيب عليه الدكتور محمد داود بأسلوب حجاجي علمي رصين يتسم بِرَويّة وأناة ولين يتبدى جليا في حرص داود على مخاطبة السائل بـ"عزيزي"، محاولا الأخذ بيده، ويجلي غشاوة فهمه المغلوط، فبماذا يجيب داود؟
يقول الدكتور محمد داود في إجابته: عزيزي.. لا أحد يستطيع أن ينكر نعم الله تعالى العديدة على الإنسان وتكريمه له على سائر المخلوقات، ومع ذلك فإن الله قد خلق للكائنات الأخرى أدمغة وعقولا تسير بها معيشتها.
لكن هذا العقل الذي منحه الله تعالى لهذه الكائنات- على اختلاف نسبه- لا يرقى مهما بلغ إلى مستوى عقل الإنسان الذي كرمه الله تعالى بالعقل والإدراك، فعقل الإنسان قادر على الربط والعقد والتفكير والتقرير في المواقف المختلفة، والتراكم المعرفي عبر الزمان والمكان، ولذلك فهو المناط بالتكليف من بين غيره من المخلوقات.
ونسبة الجهل إلى المشركين ووصف عقولهم بأنها أقل إدراكا من الأنعام في قوله تعالى: "أولئك كالأنعام بل هم أضل" لا يعني أنهم بالفعل هكذا..
ولكنهم لما ابتعدوا عن الحق إلى الضلال- رغم كثرة الدلائل الحق- كانوا في فعلهم هذا أشبه بالحيوان الذي لا يملك إدراكا كافيا للفهم والتعقل والتميييز، ولذلك فإن الحيوان الذي يسبح بحمد خالقه لهو أهدى من أناس كفروا وأشركوا بالله.
فالإنسان وسائر المخلوقات يتشاركون في قوى الطبيعة بأنواعها المختلفة ويتشاركون أيضا في منافع الحواس الباطنة والظاهرة، وفي أحوال التخيل والتفكر والتذكر وإنما حصل الامتياز بين الإنسان وسائر المخلوقات في القوة العقلية والفكرية التي تهديه إلى معرفة الحق لذاته، والخير لأجل العمل به فلما أعرض بعض الخلق عن اعتبار أحوال العقل والفكر ومعرفة الحق والعمل بالخير كانوا كالأنعام. بل هم اضل؛ لأن الحيوانات لا قدرة لها على تحصيل هذه الفضائل، والإنسان أعطي القدرة على تحصيلها فأبى ذلك، ومن أعرض عن اكتساب الفضائل العظيمة مع القدرة على تحصيلها كان أقل حالا ممن لم يكتسبها مع العجز عنها.