الشيخ مصطفى إسماعيل .. قارئ مصر الأول

  • معتز محسن
  • الإثنين 06 يناير 2020, 2:09 مساءً
  • 2913
الشيخ مصطفى إسماعيل

الشيخ مصطفى إسماعيل

منذ أيام مرتذكرى وفاة قطب من أقطاب التلاوة ورائد من رواد قراءة القرآن، الشيخ مصطفى إسماعيل الذي توفي يوم 26 ديسمبر من العام 1978 تاركًا إرثًا عظيمًا، ما زلنا إلى الآن نتعلق ونستمسك به سماعيًا وتعليميًا عند الإنصات لكلام الله عز وجل الذي يصل لأسماعنا من خلال صوته الخاشع الهاضم لمعاني الذكر الحكيم عن علم وإتقان.

قارئ مصر الأول الشيخ مصطفى إسماعيل

ولد الشيخ مصطفى إسماعيل يوم 17 يونيه من العام 1905 بقرية ميت غزال، مركز السنطة ، محافظة الغربية ، حفظ القرآن الكريم وهو في الثانية عشرة من عمره في كُتاب القرية ، ثم إلتحق بالمعهد الأحمدي بطنطا ليتم دراسة أحكام التلاوة والقراءات ، وأتم تجويد وتلاوة القرآن الكريم وراجعه ثلاثين مرة بالقراءات العشر على يد الشيخ إدريس فاخر ، وهو في السادسة عشرة من عمره.

ذهب "إسماعيل" للإقامة بطنطا، وكان على موعد مع الشهرة والتميز في العام 1921 عند قدوم جثمان السيد حسين بك القصبي من إسطنبول  إلى مسقط رأسه طنطا ، ودُعي الشيخ للقراءة في عزاءه وحضر العديد من أعيان القطر المصري العزاء ما بين القاهرة ، الإسكندرية ، بورسعيد وغيرها من المديريات والأمير محمد علي الواصي على عرش الملك فاروق الأول وعمر باشا طوسون والزعيم سعد زغلول ،وجاء الدور على الشاب ليقرأ بعد الشيخ سالم هزاع الذي إعترضه قائلاً: "أنزل يا ولد هي ناقصة كمان العيال" ولكن تدخل أحد أقارب المتوفى لإنقاذ الموقف وأكد على حضور القارئ الصاعد للقراءة الذي أبهر الجميع بصوته وكان من ضمن المبهورين الشيخ حسن صبح.

الشيخ مصطفى إسماعيل بالقدس سنة 1960

ذاع صيت القارئ الجديد بمديرية طنطا بأكملها ، لتمتد للمديريات المجاورة لها ويصل للشيخ محمد رفعت الذي بُهر بصوته ،فرفعت هو الملهم الأول لمصطفى إسماعيل ونصحه أحد أقاربه بالنزول للقاهرة وتعرف على الشيخ محمد الصيفي المُلقب ب"شيخ المقرئين" ومؤسس رابطة المقرئين وتعرف على بعض المشايخ الذين أعجبوا بصوته ،لتأتي مكافأت الأقدار له بتغيب الشيخ عبد الفتاح الشعشاعي عن القراءة في إحدى المناسبات ، ليعجب به الملك فاروق ويقرر تعينه قارئًا للقصر الملكي على رغم من أنه لم يُعتمد بالإذاعة المصرية بعد.

الشيخ طه الفشني يتلو القرآن وبجوارة الشيخ مصطفى غسماعيل بحضور الملك فاروق الأول


رسخ "إسماعيل" قرار الملك فاروق بكونه قارئًا للقصر الملكي في المناسبات الدينية وملء فراغ الشيخ محمد رفعت الذي توفي يوم 9 مايو من العام 1950 وأصبح قارئ مصر الأول ملكيًا وجمهوريًا في عهود الملك فاروق الأول ، الرئيس جمال عبد الناصر والرئيس أنور السادات وطاف بالعديد من الرحلات والبلاد ناشرًا بصوته الوضاح في ليالي شهر رمضان المعظم ، آي الذكر الحكيم في تنزانيا ، سريلانكا ، ماليزيا ، ألمانيا ، باكستان ، تركيا ، ألمانيا ، فرنسا ، إنجلترا ، والولايات المتحدة الأمريكية.

شرُف "إسماعيل" بزياة القدس مرتين ، الأولى في العام 1960 قارئًا للقرآن بالمسجد الأقصى ليلة الإسراء والمعراج , والمرة الثانية أثناء زيارة الرئيس أنور السادات الشهيرة للقدس في العام 1977 ورفع الآذان بأول القبلتين وثالث الحرمين وهو يبكي فَرِحًا بهذا الشرف حسب تصريحه الإذاعي للإذاعية القديرة فضيلة توفيق في برنامجه الشهير "حكايات أبلة فضيلة".

الشيخ مصطفى إسماعيل مع أحفاده

حصل الشيخ مصطفى إسماعيل على العديد من التكريمات والأوسمة لخدماته الجليلة لكتاب الله عز وجل والتي ساهمت في دخول عدد كبير من الشخصيات الأجنبية في الإسلام ، منها : "وسام الآرز من لبنان 1958 ، وسام الفنون من الرئيس جمال عبد الناصر 1965 ، وسام الاستحقاق من الرئيس جمال عبد الناصر 1966 ، وسام الاستحقاق من سوريا ، وسام الفنون من تنزانيا ، ووسام الامتياز من الرئيس مبارك 1985 عقب وفاته".

مصطفى إسماعيل ومحمد عبد الوهاب يوم وسام الاستحقاق

سجل "إسماعيل" القرآن الكريم مرتلاً بإذاعة القرآن الكريم في العام 1965 عقب الشيخ الحصري الذي بدأ بتلك البادرة لمواجهة تحريف المصاحف التي اكتشفها في الكويت من نفس العام وقت تسلمه لمصحف أنيق هنات خفية وجلية لكتاب الله عز وجل ، وهو ما حفز مصطفى إسماعيل وأقرانه  بالسير على حذوه لمنع المحاولات الماسونية بتحريف كتاب الله عز وجل.

توفي الشيخ مصطفى إسماعيل يوم الثلاثاء 26 ديسمبر من العام 1978 بالإسكندرية ، وأجريت له جنازة رسمية يوم 28 ديسمبر ودُفن بالمسجد المجاور لمنزله بميت غزال مودعًا أحباءه ومريديه تاركًا إياهم جسدًا وباقيًًا بينهم روحًا وصوتًا وأخلاقًا حميدة طبقت ما أنزله الله سبحانه وتعالى على رسوله الكريم.

سُئل الشيخ الشعراوي عن أحب القراء لقلبه، فقال : "إن أردنا أحكام التلاوة فعلينا بالشيخ الحصري ، وإن أردنا الصوت الجميل فعلينا بعبد الباسط ، وإن أردنا النفس الطويل والأداء المتمكن فعلينا بمصطفى إسماعيل ،وإن أردنا الجمع بين هؤلاء بكل ائتلاف فعلينا بالشيخ رفعت".



تعليقات