الحق في القرآن الكريم: تأملات في سورة الرعد

  • أحمد نصار
  • الأحد 04 مايو 2025, 8:44 مساءً
  • 6
قرآن كريم

قرآن كريم

من يتأمل الآيات الكريمة التي تحدثت عن الحق في القرآن الكريم، سيدرك أن القرآن كان دائمًا ما يؤكد نصر الحق ولو تأخر. ففي سورة الرعد، تعرضت السورة إلى أن الحق واضح بيّن راسخ وثابت، بينما الباطل ضعيف زائف خادع مهما ظهر وعلا على الحق ببهرجته وزيفه. علينا أن لا ننخدع ببريق الباطل الزائف لأنه زائل لا محالة، ويبقى الحق يسطع بنوره على الكون كله.

وقد عرضت السورة للمتناقضات الموجودة في الكون في آيات عديدة، حتى الرعد هو من هذه المتناقضات، لذا ورد ذكره في السورة وسميت السورة به، كما ذكر المفكر الإسلامي فاضل السامرائي.

السورة بدأت بقضية الإيمان بوجود الله ووحدانيته، ومع سطوع الحق ووضوحه، إلا أن المشركين كذبوا بالقرآن وجحدوا وحدانية الرحمن. كما قالت الآية: "المر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ وَالَّذِي أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ الْحَقُّ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يُؤْمِنُونَ".

وتطرقت السورة إلى مظاهر الحق في الكون، حيث جاءت الآيات تقرر كمال قدرة الله وعجيب خلقه في الكون وكيف يدبر الأمر ويفصل الآيات. كما ذكر في الآيات: "اللّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لأَجَلٍ مُّسَمًّى يُدَبِّرُ الأَمْرَ يُفَصِّلُ الآيَاتِ لَعَلَّكُم بِلِقَاء رَبِّكُمْ تُوقِنونَ" (الرعد: 2).

كما تناولت السورة المتناقضات في الكون، فقد ورد ذكر 32 متناقضًا في الكون، مما يذكرنا بأن الذي جمع كل هذه المتناقضات هو الحق ولا يتم ذلك إلا بإرادة الله سبحانه وتعالى. من هذه المتناقضات: "سَوَاء مِّنكُم مَّنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَن جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ" (الرعد: 10).

وقد أكدت السورة أيضًا قوة الحق في جميع معاركه مع الباطل، مصداقًا لقول الله تعالى: "لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ لاَ يَسْتَجِيبُونَ لَهُم بِشَيْءٍ إِلاَّ كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَاء لِيَبْلُغَ فَاهُ وَمَا هُوَ بِبَالِغِهِ وَمَا دُعَاء الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ" (الرعد: 14).

وأكدت السورة أيضًا أن الحق أقوى من الباطل مثلما قال: "أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَدًا رَّابِيًا وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغَاء حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِّثْلُهُ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاء وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ" (الرعد: 17).

هكذا نرى في سورة الرعد توضيحًا كاملًا لقوة الحق وثباته، وعلى المسلمين أن يتأملوا في هذه الآيات ويسيروا على هدي الحق الذي يظل ثابتًا مهما تعرض للباطل وزيفه.

تعليقات