معتز محسن يكتب : السيرة النبوية والأدب (1)

  • معتز محسن
  • الأربعاء 27 نوفمبر 2019, 4:35 مساءً
  • 905
صورة تعبيرية

صورة تعبيرية

إن أردنا أن نعرف العلاقة بين الأدب والسيرة النبوي ، ومقدار نجاح الأدب في التعبير عن تلك السيرة العطرة للرسول الكريم والصحابة والتابعين من خلال مداد نوراني يسعى لإيصال رسالة منطقية وموضوعية تتناول تفاصيلها عن كثب من خلال فحوى مواقف خير الأنام صلى الله عليه وسلم.

في العام 1938 قام السياسي الأمريكي ووزير خارجيتها مستقبلاً "جون فوستر دالاس" بتدعيم المليشيات المسيحية المتطرفة بأوروبا الشرقية ، مقابل تدعيم بريطانيا للمليشيات الإسلامية المتطرفة في الشرق الأوسط لضرب الشيوعية التي تفشت في دول البلقان والشرق الأوسط مما يساهم في تهديد المشروع الإمبريالي للأسد البريطاني والنسر الأمريكي.

من هنا بدأت لعبة التشويه تنتاب الأديان السماوية بسبب إقحام السياسة في عالم الروحانيات عنوةً وتآمرًا من أجل كسب جولة سياسية تؤكد على الهيمنة الإمبريالية على خارطة العالم ومن تلك النقطة ، شعر مفكرونا وكتابنا بمدى خطورة الموقف تجاه تعاملنا مع الأديان ما بين من يتمسك بها لدرجة العمى دون تفكير ووعي ، وبين من يفرط في نور الشمس الدافئة من صقيع الأفكار الخادعة.

جاءت نقطة التحول لمفكرين ينتمون لتيارات مختلفة ما بين محافظة وليبرالية وأوروبية قدَّروا مدى خطورة الموق ، ليتصدوا للكتابة الدينية خاصةً السيرة النبوية العطرة مع وضع نقاط مضيئة على الشريعة السمحة التي أرسلت للناس كافةً كرحمة مهداة، لمن ينشد السلام والوئام عبر قطرات ندية تضفي الهدوء والسكينة في القلوب المتصحرة.

مع اشتعال نيران الحرب العالمية في العام 1939 ومع تطور دراميتها في أعوامها الست، خرج علينا كتابنا العظام من رواد التنوير ينسون انتماءاتهم الحزبية والأيديولوجية ويتظللون برداء الروح والطمأنينة عبر الكتابة عن السيرة العطرة والشريعة السمحة، لنكتشف أول قطرات الندى المرطبة لظمأ الروح والفؤاد ، كتاب "حياة محمد" الذي كُتب عبر محمد حسين هيكل أثناء دراسته العليا بباريس في العام 1912، ليحول المخطوط المحبوس بين أدراج مكتبه إلى كتاب يحمل في صفحاته حروفًا تطير كالطيور المجنحة للعقول الظامئة للبيان المبين والفكر الرشيد في العام 1939.

هَلَ علينا بعد ذلك المفكر الكبير أحمد أمين بأعماله الكبيرة التي أرخت وسجلت للإسلام عظمته وسماحته في مجلدات شامخة وهي : "فجر الإسلام ، ضحى الإسلام ، وظهور الإسلام"  لازلنا نتداولها إلى الآن وقت الشعور بالخطر والضياع بين جنبات الأخطار المحيطة بنا داخليًا وخارجيًا مسخرًا سيرة الرسول الكريم كرافد أساسي لترسيخ اليقين كالجبل الشامخ.

تأكدت المجهودات المُحصنة للإسلام وسيرة النبي الكريم بكتابات عميد الأدب العربي طه حسين الذي تناول السيرة العطرة وفحوى التنزيل في أعمال قيمة ، ترد على الذين إتهموه في عقيدته من خلال : "الشيخان ، الفتنة الكبرى "عثمان بن عفان"، على هامش السيرة ، الوعد الحق ، الفتنة الكبرى "علي وبنوه" ، مرآة الإسلام".

أثناء اشتداد المعارك بالعلمين ومع استمساك بريطانيا بعودة النحاس باشا لرئاسة الحكومة ورضوخ الملك فاروق لحصار 4 فبراير من العام 1942 كتكرار لمشهد حصار عرابي لجده توفيق مع إختلاف البواعث ، قرر العقاد ترك الكتابة السياسية والإستظلال برحيق الكتابة الإسلامية والتي أخرجت من كنوزه المدفونة بعقله وقلبه روائع الإسلاميات ما بين العبقريات والأعمال الإسلامية وهي : "عبقرية عمر ، عبقرية محمد ، عبقرية الإمام ، عبقرية الصديق ، ذو النورين عثمان بن عفان ، داعي السماء بلال بن رباح ، الصديقة بنت الصديق ، التفكير فريضة إسلامية ، الإسلام دعوة عالمية" جعل من سيرة الرسول ما بين القالب الرئيسي والقالب الثانوي في رواية الأحداث البطل الرئيسي لإفهام الجميع معنى إرسال خاتم الأنبياء رحمة للعالمين.

قال أمير الرواية العربية نجيب محفوظ: "إن عبقريات العقاد في حد ذاتها تحمل عناصر فن الرواية عبر الفكر والمعرفة الموسوعية بتركيزه على مفاتيح الشخصية لكل شخصية ليعرف السر في الوصول لتلك العظمة المستمرة بيننا من خلال رسالة الإسلام السامية وسيرة النبي العطرة".

و للحديث بقية .....




تعليقات