نهر الفرات ونبوءة الذهب.. حين يسبق الحديث الشريف علوم الجيولوجيا
- الإثنين 21 أبريل 2025
هل خلق الإنسان من طين مجرد خرافة دينية قديمة؟ أم أنها حقيقة يمكن أن تجد تفسيرًا في العلم الحديث؟ سؤال لطالما أثار الجدل بين المؤمنين بالنصوص السماوية والمنكرين لها بدعوى غياب الأدلة المادية. لكن بالرجوع للنصوص القرآنية والدراسات العلمية الحديثة، تتكشف لنا صورة مذهلة تؤكد أن للقول القرآني أساسًا علميًا راسخًا.
في البدء، يجب التفرقة بين خلق آدم عليه السلام، وخلق ذريته من بعده. فالقرآن الكريم ينص صراحة أن آدم خُلق من تراب، في قول الله تعالى:
"إِنَّ مَثَلَ عِيسَىٰ عِندَ ٱللَّهِ كَمَثَلِ ءَادَمَۖ خَلَقَهُۥ مِن تُرَابࣲ ثُمَّ قَالَ لَهُۥ كُن فَیَكُونُ" (آل عمران: 59).
بينما سائر البشر خُلقوا عبر التكاثر البشري المعروف من النطفة، لكنهم ورثوا البنية الجسدية التي خُلق أصلها من التراب، كما في قوله تعالى: "ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُۥ مِن سُلَـٰلَةࣲ مِّن مَّاۤءࣲ مَّهِينࣲ" (السجدة: 8)، بحسب ما يرى الدكتور محمد عبد الله الباحث في ملف الإلحاد.
القرآن وصف المراحل الأولية لخلق الإنسان كالتالي:
تراب: أصل التكوين.
طين: التراب بعد خلطه بالماء.
سلالة من طين: خلاصة مختارة من الطين، وهي التي خُلق منها آدم.
وبالتالي، لم يُخلق الإنسان من جميع مكونات التربة، بل من "سلالة" أو "خلاصة" نقية منها، وهو ما يتسق مع الاكتشافات العلمية الحديثة حول تركيب جسم الإنسان.
تشير الأبحاث الحديثة إلى أن جسم الإنسان يحتوي على عناصر مثل الكالسيوم، الفسفور، البوتاسيوم، الصوديوم، الكربون، الأكسجين، الحديد، الزنك، النحاس، اليود، الفلور، الكروم، السيلينيوم، المنجنيز، الكلور، وغيرها (1).
وفي المقابل، تحتوي التربة على نفس هذه العناصر تقريبًا، بما في ذلك الكالسيوم، المغنيسيوم، الحديد، الكبريت، الزنك، النحاس، والكربون العضوي الناجم عن تحلل الكائنات (2).
لكن اللافت هو أن كل العناصر الأساسية التي تدخل في تركيب الإنسان موجودة في التربة، بينما تحتوي التربة على عناصر إضافية لا تدخل في تركيب الجسد البشري.
وهنا يتجلى الإعجاز القرآني في تعبيره الدقيق:
"سلالة من طين"، أي خلاصة مختارة ذات قيمة من الطين، لا كل مكوناته.
من يظن أن القرآن يناقض العلم في قضية خلق الإنسان من طين، لم يقرأ القرآن بدقة، ولم يُحط بالحقائق العلمية الكاملة.
بل الواقع أن العلم الحديث يبرهن على دقة النص القرآني، ويؤكد أن جسد الإنسان مُركب من ذات العناصر التي تحتويها الأرض، تمامًا كما ورد في الكتاب العزيز.