"هذا خلق الله".. باحث في ملف الإلحاد يتأمل عظمة واحدة ليهدم بها أوهام "الصدفة"
- الثلاثاء 15 أبريل 2025
الدماغ البشري
"ربنا ما خلقت هذا باطلاً سبحانك".. بهذه الكلمات التي تتردد في أعماق كل مؤمن، نطل على واحدة من أروع آيات الإبداع الإلهي في خلق الإنسان، حيث يتجلى تدبير الله سبحانه وتعالى في تصميم الدماغ البشري، تلك التحفة الفيزيائية التي تحمل في طياتها أسرارًا علمية وروحية تثير الدهشة والتأمل.
هل تعلم أن وزن الدماغ البشري يتراوح في
المتوسط بين 1300 و1500 جرام، وقد يصل في بعض الحالات إلى 1700 جرام؟ وزنٌ قد يبدو
ثقيلاً نسبيًا مقارنة بحجم الرأس، لكننا لا نشعر بأي ثقل أو إزعاج أثناء حمل هذا
العضو العجيب! والسر يكمن في تصميمٍ إلهي دقيق يعتمد على مبادئ الفيزياء التي
أودعها الله في الكون. فالدماغ يطفو داخل الجمجمة في وسط سائل يُعرف
بـ"السائل الدماغي الشوكي" (Cerebrospinal Fluid -
CSF)، وهو سائل شفاف يحيط بالدماغ والنخاع
الشوكي، يعمل كوسادة حامية ومخففة للوزن.
وفقًا لمبدأ أرخميدس الشهير في الفيزياء، فإن
أي جسم مغمور في سائل يفقد من وزنه بمقدار وزن السائل المُزاح. وبفضل هذا المبدأ،
يقل الوزن الفعلي للدماغ داخل الجمجمة من حوالي 1400 جرام في المتوسط إلى نحو 50
جرامًا فقط! هذا التصميم المحكم يحمي الدماغ من الضغط الذي كان يمكن أن يُحدثه
وزنه الكبير على قاعدة الجمجمة، مما قد يؤدي إلى اضطراب وظائفه الحيوية أو تلف
الجهاز العصبي. فسبحان من أحسن التقدير وأبدع الصنعة، إذ يقول تعالى: ﴿صُنْعَ
اللهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ﴾.
ولكن العجيب لا يتوقف هنا، فهناك تأملات
إيمانية تضيف بُعدًا روحيًا لهذه الحقيقة العلمية. إن حركات الصلاة اليومية التي
يؤديها المسلمون، مثل الركوع والسجود، ليست مجرد عبادة جسدية، بل لها أثر ملموس في
تعزيز صحة الدماغ. فقد أظهرت الدراسات أن هذه الحركات تُحسّن الدورة الدموية في
الرأس، وتُحفّز تدفق السائل الدماغي الشوكي، مما يُسهم في توزيع المغذيات
والأكسجين بشكل أفضل داخل الجمجمة. ونتيجة لذلك، يشعر المصلي بالراحة النفسية
والاسترخاء بعد إتمام صلاته، في دلالة واضحة على ارتباط الروح بالجسد في نظام
الخلق الإلهي.
إن هذا التناغم بين القوانين الفيزيائية والفوائد الصحية والروحية يدعو كل ذي عقل إلى التفكر في قول الله عز وجل: ﴿وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ﴾. فالدماغ، بوزنه الخفيف الفعلي رغم ثقله الحقيقي، هو آية من آيات الله التي تتحدث عن نفسها، تشهد على عظمة الخالق وحكمته في كل تفصيلة من تفاصيل الوجود. فتبارك الله أحسن الخالقين، الذي جعل في كل شيءٍ خلقه عبرةً لمن يتدبر ويتفكر.