الضوء في القرآن والعلم.. إشعاع كوني يكشف أسرار الخلق والإيمان

  • أحمد نصار
  • السبت 05 أبريل 2025, 02:05 صباحا
  • 16
تعبيرية

تعبيرية

في مزيج بديع من العلم والبيان، تناول الدكتور كارم السيد غنيم، رئيس جمعية الإعجاز العلمي للقرآن الكريم بالقاهرة، مفهوم الضوء كما ورد في القرآن الكريم، مقارنًا إياه بالاكتشافات الحديثة في الفيزياء الفلكية، مشيرًا إلى أن القرآن العظيم سبق علماء العصر في توصيف دقيق لخصائص الضوء وأبعاده، بما يعزز الإيمان بعلمية هذا الكتاب الإلهي.

وأوضح غنيم أن الضوء بحسب تعريف الفيزيائيين، هو إشعاع كهرومغناطيسي يقع ضمن الأطوال الموجية من 4000 إلى 8000 أنجستروم، والأنجستروم وحدة قياس دقيقة تساوي جزءًا من عشرة مليارات من المتر. كما يشمل الطيف الكهرومغناطيسي ما يُعرف بالموجات تحت الحمراء وفوق البنفسجية، وإن لم ترها العين المجردة، فإنها تقع ضمن ما يُطلق عليه مجازًا بـ"الضوء غير المرئي".

وأكد أن المصدر الضوئي غالبًا ما يصدر إشعاعًا متعدد الأطوال الموجية يُعرف بالإشعاع الكهرومغناطيسي، وتبلغ سرعة الضوء في الفراغ نحو 300 ألف كيلومتر في الثانية. إلا أن هذه السرعة تنخفض عند مروره بأي وسط مادي، ما يؤدي إلى حدوث ظواهر مثل الانكسار والتشتت والتداخل.

ضغط الضوء وفوتونات الطاقة

وتابع رئيس الجمعية: "الضوء لا ينقل الطاقة فقط، بل يمارس أيضًا ضغطًا فيزيائيًا على الأجسام يُعرف بـ"ضغط الإشعاع"، وهو ناتج عن الفوتونات، وهي الجسيمات الحاملة للطاقة والدفع في الضوء". وأضاف أن من الظواهر التي تدهش العلماء والمهتمين بالفلك ما يُعرف بـ"الضوء البروجي"، الذي يظهر خافتًا على امتداد دائرة البروج، خاصة قبل شروق الشمس وبعد غروبها.

وأشار إلى أن الشمس والنجوم تُعد من أهم مصادر الضوء الطبيعي الذاتي، بينما تضيء الأجسام الأخرى مثل القمر والكواكب من خلال انعكاس الضوء، وهو ما يفتح الباب لفهم علمي دقيق لمفردتي "الضياء" و"النور" كما وردتا في القرآن.

بلاغة قرآنية تسبق العلم

وفي معرض حديثه، أبرز الدكتور غنيم الدقة القرآنية في استخدام المصطلحين: (هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نورًا) [يونس: 5]، مبينًا أن القرآن يصف الشمس بأنها مصدر للضياء لكونها تضيء ذاتيًا، بينما وصف القمر بـالنور لأنه يعكس ضوء الشمس ولا يضيء من ذاته.

وأضاف أن التفرقة بين الضياء والنور لم تكن لغوية أو بلاغية فحسب، بل علمية أيضًا، إذ يُستخدم "الضياء" للدلالة على الضوء المنبعث من مصدره مباشرة، بينما "النور" يرمز إلى الضوء المنعكس، وهو ما لم تتوصل إليه الفيزياء الحديثة إلا بعد قرون من نزول القرآن.

الضوء في ضرب الأمثال القرآنية

وعرج الدكتور غنيم على تفسير الفخر الرازي لقوله تعالى:
(مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا فَلَمَّا أَضَاءتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لَا يُبْصِرُونَ) [البقرة: 17]، مؤكدًا أن الآية تحمل تشبيهًا في غاية الدقة بين ضوء النار ونور الإيمان، وبين ظلمة الكفر وضياع البصيرة. وقد أبرز الرازي الفروقات الدقيقة بين الضياء والنور في هذه الآية، مشيرًا إلى أن الله لم يقل "ذهب الله بضوئهم"، لأن الضوء فيه دلالة على الكمال، بينما "النور" يشير إلى أصل الإبصار، فذهابه يعني انعدام الرؤية كليًا.

من النجوم إلى النفس البشرية

وفي لمحة روحانية بديعة، قال الدكتور غنيم إن الضوء الحسي الذي ينير الأجسام يشبه الوحي الذي ينير ظلمات النفس البشرية، فالقرآن يبدد الشك والجهل تمامًا كما تبدد أشعة الشمس ظلام الأرض.

واختتم الدكتور حديثه قائلاً: "إن القرآن العظيم لا يذكر ظاهرة كونية إلا وفيها إعجاز بياني وعلمي، يتجدد إعجازه كلما تطور علم الإنسان، فهو كتاب خالد، يتحدى العصور، ويهدي العقول الباحثة عن النور في زمن الظلمة".


تعليقات