نظرية التطور بين الموقف العلمي والرؤية الدينية
- الأحد 30 مارس 2025
هل التطور هو سنة الله في الخلق؟ إن القول بأن التطور "قد يكون سنة الله" هو افتراض يتجاهل قضايا مهمة:
النصوص الصريحة في القرآن والسنة تؤكد أن الله خلق الكائنات بإرادته المباشرة، في عملية خلق منظمة وغير عشوائية، وهذا يتعارض مع ما تقوله نظرية التطور عن أن الأنواع البيولوجية نشأت عبر عمليات طبيعية عمياء غير هادفة.
التطور – وفقًا لعلمائه – عملية غير مقصودة بلا هدف، كما أشار ريتشارد دوكنز حين قال:
"ليس للحياة هدف أسمى من إدامة بقاء الحمض النووي... الحياة ليس لها تصميم، ولا غرض، ولا شر ولا خير، لا شيء سوى اللامبالاة العمياء عديمة الرحمة."
هذا الطرح يتناقض مع الرؤية الدينية التي تؤكد على الحكمة الإلهية في خلق الإنسان والكائنات، وتضع الغاية والمعنى في صلب وجودها.
السؤال الثاني: ما هو رأي العلم؟
العلم لا يزال يبحث عن تفسيرات مقبولة لكيفية حدوث التطور، وبعد أكثر من قرنين، لم يتمكن العلماء من تقديم نموذج موحد لتفسير تطور الأنواع، ولا يزال البحث مستمرًا.
في دراسة نشرتها مجلة "Evolution" عام 2019 لباحثين من جامعة بريستول، وُجد أن مناقير عصافير جزيرة غالاباغوس – إحدى أيقونات التطور – لم تتطور نتيجة التكيف البيئي كما كان يُعتقد. وجاء في البيان الصحفي للجامعة:
"مناقير الطيور لا تتكيف مع أنواع الطعام التي تتغذى عليها كما يُعتقد عمومًا."
هذا يعني أن أحد أهم نماذج التكيف – الذي يعد حجر الأساس لنظرية التطور – غير دقيق، مما يفتح باب التساؤلات حول صحة النظرية برمتها.
وفقًا لفلسفة العلوم، عندما تتراكم الأدلة التي تتعارض مع نظرية ما، فإنها تحتاج إلى مراجعة أو استبدال. وهذا ما يشير إليه مفهوم "الاضطراب العلمي" عند توماس كوهين، و**"نظرية البجعة السوداء"** التي طرحها كارل بوبر، والتي تقول إن العثور على دليل واحد يعارض النظرية يكفي لدحضها.
السؤال الثالث: لماذا نرفض النظرية؟
رفض نظرية التطور ليس مرتبطًا فقط بالموقف الديني، بل لأن النظرية نفسها تعاني من مشكلات علمية ومنهجية كثيرة:
النظرية لا تزال مجرد نظرية غير مكتملة، ولم تصل إلى مستوى الحقائق العلمية القطعية.
الفرضيات الأساسية التي تقوم عليها تعاني من اضطرابات علمية كثيرة.
العلم لم يقدم نموذجًا واضحًا ومفسرًا لكيفية حدوث التطور الكبير.
النظرية تتناقض مع التصور الديني الذي يجعل الله هو الخالق والمُدبر.
السؤال الرابع: من يقبل النظرية؟
معظم من يقبلون التطور باعتباره "حقيقة علمية" يعتمدون على التلقين الأكاديمي، دون التعمق في فلسفة العلم أو تحليل الأدلة النقدية. في المقابل، لا يوجد إجماع علمي مطلق على صحة النظرية، بل هي لا تزال موضع جدل ونقاش.
الخُلاصة:
فلسفة العلوم لا تقبل اعتبارها حقيقة علمية مطلقة بسبب كثرة الأدلة التي تعارضها.
التكيف البيئي، وهو من أسس النظرية، تعرض لنقد علمي حديث يشكك في كونه السبب الوحيد للتطور.
الإجماع العلمي ليس حجة علمية، بل يمكن أن يكون ناتجًا عن "سلوك القطيع" في الأوساط الأكاديمية.
بناءً على ذلك، فإن رفض نظرية التطور ليس مجرد موقف ديني، بل هو موقف يستند إلى نقد علمي وفلسفي للنظرية، التي لا تزال غير قادرة على تقديم نموذج متكامل ومفسر لكيفية تطور الكائنات.