تفنيد شبهة إنكار وجود الله من منظور علمي وفلسفي

  • أحمد حمدي
  • الأحد 30 مارس 2025, 7:13 مساءً
  • 66

يزعمُ كثيرٌ مِن مَلاحدة العصر أنَّ الطريق الوحيد لإثبات الأشياء أو نفيها هو المنهج العلمي التجريبي (الدليل المادي)، ويستندون إلى أنَّ العلم لم يثبت وجود الله، ولا يمكن وقوع الإله تحت التجربة، أو يُرى في المختبر، وبالتالي لا مكان للوجود الإلهي.

الرد العلمي والفلسفي على الشبهة

أولًا: على ضوء هذه الشبهة يقول الفيلسوف برتراند راسل: "إنَّ الذي يعجز العلم عن اكتشافه لا يستطيع البشر معرفته"، وهنا يقصد راسل "اكتشافه حسيًا أو مختبريًا". وهذه النظرة المغالية في العلم تُعتبر ذاتية الدحض، حيث تزعم "العلموية" أنَّ الشيء ليس صحيحًا إذا لم يمكن إثباته علميًا، ومع ذلك فهذه العبارة نفسها لا يمكن إثباتها علميًا! فهي مثل القول: "لا يوجد جُمل في اللغة العربية أطول من ثلاث كلمات"، والتي هي نفسها أطول من ثلاث كلمات، وبالتالي فإنَّ الجزم بأنَّ الشيء الذي لا يقع تحت التجربة لا وجود له هو قولٌ خاطئ؛ لأنَّه لو كان صحيحًا، لوجب إخضاعه هو نفسه للتجربة الحسية المباشرة.

ثانيًا: المنهج العلمي التجريبي نفسه ليس خالصًا في التجريبية، بل يشتمل على مكونات غير تجريبية، والعلماء يسلمون بوجود حقائق كثيرة دون اختبارها تجريبيًا. فمثلًا، كثيرٌ من الحقائق العلمية التي يؤمن بها العلماء لم تُدرك بذاتها، وإنَّما بآثارها، مثل الإلكترون والتطور، إذ لم يشاهد أيُّ إنسان قديمًا أو معاصرًا الكائنات الحية وهي تنتقل من طورٍ إلى طورٍ آخر، ومع ذلك يعتقد البعض بصحة التطور بناءً على آثارٍ شاهدوها.

ثالثًا: أستاذ الفيزياء التطبيقية جورج هربرت لونت يُؤكد أنَّ العلماء يُسلِّمون أولًا بالبديهيات، ثم يتتبعون مقتضياتها، أو النتائج المترتبة عليها، وعند إثبات أي نظرية نجد أنَّ برهانها يعتمد في النهاية على مسلمات أو أمور بديهية. وبنفس المنهج، فإنَّ وجود الله أمر بديهي من وجهة نظر فلسفية، ويمكن اختباره بمطابقته مع حقائق الكون ونظامه.

أدلة وجود الله

أدلة وجود الله سبحانه كثيرة جدًا ومتنوعة، حيث يدل كلُّ شيءٍ في الوجود عليه. وقد أشار القرآن إلى ذلك بقوله تعالى: (سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ ۗ).

1. بداية الكون

أكدت الاكتشافات العلمية الحديثة أنَّ للكون بداية في وجوده، وكان في العدم ثم وُجد. وأحد الأدلة على ذلك هو دليل الإزاحة الحمراء الذي توصل إليه عالم الكونيات إيدوين هابل عام 1929، حيث أثبت أنَّ المجرات تتباعد، مما يعني أنَّ الكون يتمدد. وعليه، لو رجعنا بحساباتنا للوراء، سنجد أنَّ الكون بدأ من نقطة واحدة، أي أنَّه له بداية، مما يستلزم وجود خالق أوجده.

2. ضبط الكون وإحكامه

يتمتع الكون بنظام دقيق للغاية لا يمكن اختزاله إلى الصدفة أو العشوائية. فالفيزيائي ستيفن هوكينج، رغم كونه ملحدًا، أقرَّ بأنَّ الكون وقوانينه مصممة بدقة مذهلة تدعم وجودنا. كما أنَّ الفيزيائي بول ديفز أشار إلى أنَّ العلماء، حتى الملحدين، يعترفون بتناغم الكون وضبطه.

3. الكلام كدليل على وجود الله

الكلام هو إحدى أعظم المعجزات التي تدل على وجود الله. فالمادة التي يُرجع إليها الملحدون كلَّ شيءٍ في الوجود صماء لا تتكلم. فكيف يمكن لشيء صامت أن يُنتج كائنًا ناطقًا؟! كما أنَّ الإنسان بحاجة إلى من يُعلمه الكلام، وهذا يدل على مصدر عليم علَّمه ذلك، وهو الله سبحانه وتعالى، كما أشار القرآن الكريم بقوله: (وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا).

الخلاصة

الإلحاد القائم على التجريبية المطلقة يعاني من تناقضات ذاتية، إذ يعتمد على مبادئ غير تجريبية لإثبات موقفه. ومن خلال الأدلة العلمية والفلسفية، يتبين أنَّ وجود الله هو الحقيقة الوحيدة التي تُفسر الكون ونظامه، بينما يبقى الإلحاد مجرد ادعاء غير مدعوم بالبراهين الحسية والعقلية، وفق مختصر من كتاب (مائة شبهة حول الإسلام) للباحث في ملف الإلحاد محمد سيد صالح.

تعليقات