نظرية التطور بين الموقف العلمي والرؤية الدينية
- الأحد 30 مارس 2025
الإية الكريمة
أكد الكاتب والباحث عاطف صبيح أن قوله تعالى في سورة البقرة: "وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا" يحمل دلالات عظيمة حول القدرات العقلية الفائقة التي منحها الله للإنسان، مشيرًا إلى أن هذه الآية جاءت بعد تكريم آدم بسجود الملائكة له، مما يستوجب وقوف العلماء أمامها بالتأمل والدراسة.
وأوضح صبيح أن "الأسماء كلها" تشمل جميع المسميات إلى يوم القيامة، مما يعني امتلاك آدم عليه السلام معرفة واسعة بالأشياء وأسمائها، بما في ذلك أسماء الملائكة واللغات المختلفة، مستشهدًا بذهاب المؤمنين من كافة الأمم والعصور يوم القيامة إلى أبيهم آدم ليشفع لهم.
وأضاف أن معرفة آدم للأسماء لم تقتصر على مجرد التسميات، بل شملت فهم معانيها وتفاصيلها، مشيرًا إلى أن العلم يعتمد على التعريف والفرضيات والتجريب ثم النتائج، حتى يصل إلى الحقائق العلمية القابلة للتطبيق.
وأشار الباحث إلى أن الله عز وجل استخدم في الآية السابقة "قال إني أعلم ما لا تعلمون" (البقرة: 30)، حيث جاء الفعل "أعلم" بصيغة ثلاثية تعبر عن اليقين العلمي، بينما جاء لفظ "الأسماء" في الآية التالية بصيغة الجمع والمعرفة بـ "الألف واللام"، ثم تم التأكيد عليها بـ "كلها" للدلالة على الإحاطة والشمول.
وبيّن صبيح أن تعليم آدم الأسماء رافقه أيضًا تعليم النطق والتعبير والإبداع، مستشهدًا بقوله تعالى: "خَلَقَ الإِنسَانَ، عَلَّمَهُ الْبَيَانَ" (الرحمن: 2-3)، موضحًا أن التعليم قد يكون بالتلقين أو بالإلهام، وكلاهما يدل على امتلاك آدم عليه السلام قدرات عقلية استثنائية تؤهله لاستيعاب كم هائل من المعلومات، فضلًا عن الطاقة الإبداعية التي تمكنه من وضع الأسماء بدقة.
وأضاف أن الملائكة، رغم علمها وتسخيرها، لم تستطع التعبير عن الأشياء بأسمائها كما فعل آدم، مما يؤكد تميز الإنسان بالقدرة على البيان والتسمية والإبداع، وهو ما جعله أهلًا للخلافة في الأرض.
وأوضح الباحث أن مفهوم الخلافة يستوجب انتقال المعرفة عبر الأجيال، إذ لا يقتصر الأمر على "العلم" وحده، بل يتطلب "التعليم" الذي يضمن امتداد المعرفة وتطويرها، وهو ما يؤدي إلى الإبداع العلمي وليس مجرد الاتباع.
واختتم صبيح حديثه بالتأكيد على أن الله وضع في القرآن الكريم مفاتيح للعلوم، لتكون دافعًا للإنسان للبحث والتطوير، مشيرًا إلى أن بقايا العلوم التي تعلمها خلفاء آدم لا تزال ظاهرة في الحضارات القديمة، مثل الحضارة السومرية والمصرية القديمة، والتي كشفت عن تقدم علمي مذهل في عصورها.