باحث في الإعجاز العلمي يدعو لإعادة النظر في ضوابط تفسير النصوص الكونية

  • أحمد نصار
  • الأحد 09 فبراير 2025, 1:00 مساءً
  • 27
د.محمد عبد الله نجا

د.محمد عبد الله نجا

دعا الدكتور محمود عبد الله نجا، الأستاذ بكلية طب المنصورة والباحث في الإعجاز العلمي في القرآن الكريم، إلى مراجعة الضوابط التي يفرضها بعض علماء الدين عند تفسير النصوص الكونية من منظور علمي، معتبرًا أن اشتراط عدم مخالفة أقوال السلف يمثل إشكالية حقيقية من عدة أوجه.

إشكالية تقييد الاجتهاد العلمي بالنصوص التراثية

وأوضح نجا أن اعتبار جميع أقوال السلف في تفسير النصوص العلمية بمنزلة الحديث المرفوع للنبي صلى الله عليه وسلم، وبالتالي عدّها غير قابلة للخطأ، أمر لم يقل به أحد من العلماء، مبينًا أن كثيرًا من التفسيرات السابقة كانت اجتهادات بشرية تحتمل الخطأ والصواب.

وأضاف أن اختلاف السلف في تفسير النصوص الكونية يثبت أنها ليست قطعية، مشيرًا إلى أن الإمام الطبري نفسه خالف بعض التفسيرات التي نقلها عن السلف، متسائلًا: "بأي حق يُغلق باب الاجتهاد أمام علماء الإعجاز العلمي إذا جاءوا بفهم جديد مبني على أدلة واضحة؟"

كما شدد على أن مخالفة السلف ليست مسألة محرّمة، متسائلًا: "إذا أخطأ السلف، فلماذا لا يجوز التصريح بخطئهم؟ هل لهم العصمة بعد رسول الله؟"

أمثلة على أخطاء تفسير النصوص الكونية

واستشهد نجا بعدد من الأمثلة التي يرى أنها تثبت الحاجة لمراجعة أقوال السلف في فهم النصوص العلمية، ومن أبرزها:

  • حديث أطوار الجنين: أظهرت الأبحاث العلمية أن النطفة والعلقة والمضغة تتكون جميعها في الأربعين الأولى، وليس في 120 يومًا كما فُهم سابقًا من بعض الأحاديث.
  • مدة الحمل: اعتمد بعض الفقهاء على أقوال القابلات في جواز امتداد الحمل لسنوات، رغم عدم وجود نص شرعي يؤكد ذلك، في حين أن النص القرآني يحدد الحد الأدنى للحمل بستة أشهر، مما يجعل القول بامتداد الحمل لسنوات غير علمي وغير شرعي.
  • احتلام المرأة: يرى نجا أن بعض السلف اعتقدوا خطأً أن ماء الاحتلام له علاقة بشبه الولد، بينما تؤكد النصوص الشرعية والعلم الحديث أن نطفة المرأة، وليس ماء الشهوة، هي التي تشارك في التخلق.
  • علم القيافة في النسب: رغم أن النبي صلى الله عليه وسلم استخدم القيافة بعد اللعان في قضايا النسب، إلا أن بعض السلف قللوا من أهميتها، مما أدى إلى إهمالها في قضايا النسب الشرعي.
  • خلق الأرض قبل السماء: أشار نجا إلى أن بعض أقوال السلف فهمت أن الأرض خُلقت قبل السماء، وجُعلت أكبر حجمًا منها، وهو ما يخالف الحقائق العلمية المؤكدة.
  • الظلمات الثلاث: فسّر السلف الظلمات الثلاث بأنها المشيمة والرحم وجدار البطن، إلا أن هذا التفسير يتناقض مع العلم الحديث، حيث إن المشيمة لا تحيط بالجنين قبل الأسبوع الثالث من الحمل.

دعوة لتعديل ضوابط تفسير النصوص الكونية

وأكد نجا أن ما سبق يدل على ضرورة تعديل الضوابط التي تمنع مخالفة السلف في تفسير النصوص الكونية، مشيرًا إلى أن ذلك يجب أن يتم وفق ضوابط معتبرة، تشمل:

  1. توافق المعنى الجديد مع سياق النص.
  2. عدم معارضة أي نص شرعي آخر.
  3. الاستناد إلى علم يقيني غير قابل للتغير.

وشدد على أن مراجعة التفسيرات التقليدية لا تعني التشكيك في الدين، بل تهدف إلى حماية الإسلام من التصادم مع الحقائق العلمية، مستشهدًا بأمثلة كجعل المضغة تمتد إلى 120 يومًا، وإهمال القيافة، واعتبار الأرض أكبر وأسبق من السماء، وهي أمور يستغلها المخالفون للطعن في الإسلام.

دعوة لمؤتمر علمي يناقش القضية

وفي ختام حديثه، طالب نجا بعقد مؤتمر للإعجاز العلمي، يُناقش فيه هذه القضايا بحضور علماء الدين الذين يعارضون الإعجاز العلمي، بهدف إقناعهم بالدليل العلمي بأن خطأ السلف في فهم الآيات الكونية أمر وارد، ومخالفتهم في ذلك أمر جائز طالما ثبت بالدليل.

تعليقات