لماذا تأخر المسلمون؟.. إصدار جديد بمعرض القاهرةللكتاب يعيد قراءة الواقع والتاريخ
- الأربعاء 15 يناير 2025
الخطوط المتوازية
تتسم الهندسة الإقليدية بطابعها القاطع الذي يعتبرها العديد من المفكرين قاعدة للحقائق المطلقة. ولكن، مع تطور العلوم ونشوء الهندسة الريمانية التي فتحت أبوابًا جديدة لفهم الفضاء المنحني، بدأت الأفكار القطعية تفقد سيطرتها، ما أبرز أهمية التفكير النقدي والبحث المتكامل بين العلم والفلسفة.
يشير أحمد إبراهيم، الباحث في ملف الإلحاد، إلى أن الهندسة الإقليدية، التي تعتمد على فرضيات مستقيمة حول الخطوط المستقيمة والمتوازية، تمثل الأساس لكثير من النظريات التقليدية. لكن مع ظهور الهندسة الريمانية، التي أثبتت إمكانية تقاطع الخطوط المتوازية على السطح الكروي، تغيرت نظرتنا للعالم الفيزيائي. مثال على ذلك، خطوط الطول التي تبدو متوازية عند خط الاستواء ولكنها تلتقي عند القطبين، مما ساهم في تطوير نظرية النسبية العامة.
يتناول إبراهيم نقدًا للفكر الإطلاقي الذي اعتمدته العقول اليونانية القديمة وبعض التيارات الفلسفية الحديثة، معتبرًا أنه لا يكفي الاعتماد على التحليل العقلي المجرد للحكم على الواقع. ويربط ذلك بنقاشات فلسفية حول أدلة وجود الله، مثل "برهان الصديقين" لابن سينا.
يوضح إبراهيم أن البرهان الأنطولوجي الذي قدمه ابن سينا، رغم عمقه، يعاني من قصور في إثبات صفات الإله أو كماله، ما أدى إلى جدالات طويلة مع الفلاسفة والمتكلمين والملاحدة. ويضيف: "الدليل الأنطولوجي يفترض وجودًا مجردًا خاليًا من الصفات، مما يترك الباب مفتوحًا لتصورات لا تتفق مع الإيمان الإسلامي، مثل افتراض وجود ذوات أزلية متعددة".
يرى إبراهيم أن العلاقة بين الرياضيات والعلوم التجريبية ليست علاقة تنازع، بل تكامل. فالنظريات العلمية الحديثة، مثل نظرية النسبية العامة، تستفيد من النماذج الرياضية في تفسير الظواهر الطبيعية، لكنها لا تستغني عن التجربة والملاحظة.
ويشير إلى أهمية إعادة التفكير في الأدلة الفلسفية والدينية في ضوء المعارف العلمية الحديثة، مع التركيز على الحاجة إلى التوازن بين التحليل العقلي والدليل التجريبي.
يختتم إبراهيم بقوله: "العقل المجرد أداة مهمة لفهم الواقع، لكنه ليس كافيًا بمفرده. التكامل بين الفلسفة والعلم، بين الرياضيات والتجربة، هو السبيل لفهم أعمق وأدق لكوننا المليء بالغموض".