لماذا أمرنا النبي بأن نغطي آنية الطعام والشراب ليلًا؟.. إعجاز
- الجمعة 27 ديسمبر 2024
تفوق النمل على البشر
نشر علي عبده، وهو أستاذ هندسة نووية سابق بأمريكا، عبر حسابه الرسمي في فيس بوك، مقطع فيديو يظهر ذكاء النمل المدهش لدرجة تجعل الإنسان تشك في صحة المقطع.
وشدد على أن مملكة
النمل آية من آيات الله فيه تتجلى عظمة الخالق سبحانه، ومسألة عمله الجماعي وتعاونه وانضباطه تستحق الكثير من التأمل، موحا
أن التجربة نشرت في
مجلة وقائع الأكاديمية الوطنية للعلوم وهي لبحث في معهد وايزمان العبري.
وأوضح أن النمل
يثبت تفوقه على البشر في تجربة حل المتاهة بشكل جماعي،
مبينا أن كل
من تعامل مع النمل في المطبخ يدرك أن النمل كائنات اجتماعية بدرجة كبيرة؛ فمن
النادر رؤية نملة واحدة وحدها. البشر أيضًا كائنات اجتماعية، حتى لو كان البعض منا
يحب الوحدة، والنمل والبشر هما الكائنان الوحيدان في الطبيعة اللذان يتعاونان
باستمرار لنقل أحمال كبيرة تتجاوز أبعادهم بشكل كبير.
وقد استخدم
البروفيسور أوفير فاينرمان وفريقه في معهد وايزمان للعلوم هذه السمة المشتركة
لإجراء تجربة تطور مثيرة تسأل: من الأفضل في نقل حمولة كبيرة عبر متاهة؟ النتائج
المدهشة، التي نُشرت في مجلة وقائع الأكاديمية الوطنية للعلوم، ألقت ضوءًا جديدًا
على اتخاذ القرارات الجماعية، وكذلك على إيجابيات وسلبيات التعاون مقابل العمل
الفردي.
ولتمكين
المقارنة بين نوعين مختلفين تمامًا، صمم فريق البحث بقيادة تابيا دراير نسخة
واقعية من “لغز نقل البيانو”، وهو مسألة حسابية كلاسيكية في مجالات تخطيط الحركة
والروبوتات تتناول طرق نقل جسم غير معتاد الشكل - مثل البيانو - من نقطة أ إلى
نقطة ب في بيئة معقدة.
وبدلاً من
البيانو، استخدم المشاركون جسمًا كبيرًا على شكل حرف T، كان عليهم تحريكه عبر مساحة مستطيلة مقسمة
إلى ثلاث حجرات متصلة بفتحتين ضيقتين، بحسب الدكتور
علي عبده.
وقام الباحثون
بإنشاء مجموعتين من المتاهات تختلفان فقط في الحجم لتتناسب مع أبعاد النمل والبشر،
بالإضافة إلى تشكيل مجموعات بأحجام مختلفة.
وقد كان من
السهل تجنيد المشاركين من البشر، الذين تطوعوا ببساطة لأنهم طُلب منهم المشاركة
وربما لأنهم أحبوا فكرة المنافسة. أما النمل، فالأمر مختلف؛ فقد انضموا لأنهم
ضُلِّلوا للاعتقاد بأن الحمولة الثقيلة هي قطعة طعام لذيذة كانوا ينقلونها إلى
عشهم.
وتم اختيار نوع
النمل
Paratrechina longicornis للتنافس ضد البشر، ويُعرف هذا النوع باسم “النمل المجنون” بسبب ميله
للجري العشوائي، وهو نوع شائع في جميع أنحاء العالم، يبلغ طوله حوالي 3 ملم. في
الأراضي المحتله، ينتشر هذا النوع بشكل خاص على طول الساحل وفي جنوب البلاد.
واجه النمل تحدي
المتاهة في ثلاث تشكيلات: نملة واحدة، مجموعة صغيرة من حوالي سبع نملات، ومجموعة
كبيرة من حوالي 80 نملة. تعامل البشر مع المهمة في ثلاث تشكيلات موازية: شخص واحد،
مجموعة صغيرة من ستة إلى تسعة أفراد، ومجموعة كبيرة مكونة من 26 فردًا.
ولجعل المقارنة
ذات مغزى أكبر، تم منع المجموعات البشرية في بعض الحالات من التواصل بالكلام أو
الإيماءات، بل ارتدوا أقنعة جراحية ونظارات شمسية لإخفاء أفواههم وأعينهم.
بالإضافة إلى ذلك، طُلب من المشاركين البشريين حمل الحمولة فقط عبر مقابض تحاكي الطريقة التي يمسك بها النمل.
وتحتوي هذه
المقابض على عدادات تقيس قوة السحب التي يطبقها كل شخص خلال المحاولة.
كرر الباحثون
التجربة عدة مرات لكل تشكيل، ثم قاموا بتحليل مقاطع الفيديو وجميع البيانات
باستخدام نماذج حاسوبية وفيزيائية متقدمة.
ليس من المستغرب
أن تمنح القدرات الإدراكية للبشر ميزة في التحدي الفردي، حيث اعتمدوا على التخطيط
الاستراتيجي المحسوب، متفوقين بسهولة على النمل.
ولكن في التحدي
الجماعي، كان الوضع مختلفًا تمامًا، خصوصًا بالنسبة للمجموعات الأكبر. لم يؤدِ
التعاون بين النمل إلى تحسين أدائهم مقارنة بالنمل الفردي فحسب، بل تفوقوا في بعض
الحالات على البشر. عملت مجموعات النمل بشكل جماعي وبطريقة استراتيجية، وأظهرت
ذاكرة جماعية ساعدتهم في الاستمرار في اتجاه معين وتجنب تكرار الأخطاء.
في المقابل، لم
تتحسن أداء المجموعات البشرية بشكل كبير مقارنة بالأفراد. وعندما كان الاتصال بين
أعضاء المجموعة البشرية محدودًا ليشابه حالة النمل، انخفض أداؤهم مقارنة بالأفراد.
اتجه البشر إلى حلول “أنانية” بدت جذابة على المدى القصير ولكنها لم تكن مفيدة على
المدى الطويل.
يقول فاينرمان:
“مستعمرة النمل هي في الواقع عائلة؛ جميع النمل في العش هم أخوات، ولديهم مصالح
مشتركة. إنها مجتمع مترابط بشدة حيث يتفوق التعاون بشكل كبير على التنافس. لهذا
السبب يشار أحيانًا إلى مستعمرة النمل باعتبارها كائنًا فائقًا، يشبه إلى حد ما
جسمًا حيًا مكونًا من ‘خلايا’ متعددة تتعاون مع بعضها البعض”.
ويضيف: “نتائجنا
تؤكد هذه الرؤية. لقد أظهرنا أن النمل كجماعة أذكى، وأن الكل بالنسبة لهم أكبر من
مجموع أجزائه. على العكس، لم يُظهر تشكيل مجموعات توسعًا في القدرات الإدراكية
للبشر. ‘حكمة الجماهير’ الشهيرة التي أصبحت شائعة في عصر وسائل التواصل الاجتماعي
لم تظهر في تجاربنا”.
رغم كل تحديات
التعاون البشري، نجح العديد من المؤلفين في العمل معًا في هذه الدراسة. ومن بينهم
الدكتور إيهود فونيو من مجموعة فاينرمان في قسم فيزياء الأنظمة المعقدة في معهد
وايزمان، البروفيسور نير جوف من قسم الفيزياء الكيميائية والبيولوجية، والدكتور
أمير هالوتس، الذي كان طالب دكتوراه تحت إشراف جوف والبروفيسور عموس كورمان من
جامعة حيفا.
وأختتم أستاذ الهندسة النووية الأسبق حديثه بالإشارة إلى قول الله تعالى: وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ (17) حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (18) فَتَبَسَّمَ ضَاحِكاً مِنْ قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ [النمل: 17-19].