د. عباس شومان: اللغة العربية أشرف اللغات على الإطلاق
- الخميس 26 ديسمبر 2024
هيثم طلعت
رد الدكتور هيثم طلعت، الباحث في ملف الإلحاد، على عدد من الأسئلة المهمة التي تكشف زيف الإلحاد، ومنها كيف بدأت المعلومة؟ كيف بدأت الشفرة الجينية؟ كيف دُونت المعلومات المكتوبة على الشريط الجيني داخل كل خلية من خلايا كل كائن حي على وجه الأرض؟
وأوضح أن الشريط الجيني هو شريط مُدوَّنة عليه بحروف رباعية التشفير خصائصُ
الكائن الحي، وما يحتاج إليه وطريقة تشكيل الأعضاء، وطريقة عمل الهُرمونات
والإنزيمات، والشكل العام للكائن الحي، وكل ما يحتاج إليه وظيفيًّا.
وشدد على أن لا
يوجد كائن حي في تاريخ الأرض بدون تشفير رُباعي مُسبَق لكل خصائصه،
متسائلا: كيف
ظهر هذا النظام المعلوماتي المدهش؟
ولفت إلى ما قاله
عالم الرياضيات الأمريكي نوربرت فينر Norbert Wiener: "المعلومة هي معلومة؛ المعلومة ليست مادةً ولا
طاقة"، فالسؤال العقلي الذي يطرح نفسه هنا: كيف ظهرت فجأةً المعلومة؟ الشريط
الجيني المُسخَّر لحمل المعلومات والموجود داخل نَواة كل خلية من خلاياك يحمل
بداخله أربعة مليارات معلومة كما قلنا قبل ذلك!
ولفت إلى وجود 4 مليارات حرف مُدونة، ومُشفَّر بها "وظائفك
وهُرموناتك وإنزيماتك وأعضاؤك" وظهور المعلومات بهذا الشكل من أكثر
الأمور التي أربكت العلم الحديث.
وأشار إلى قول
عالم الفيزياء اللاأدري الشهير بول دافيس Paul Davies: "العلماء يعترفون خلف الأبواب المغلقة
أنهم في حيرة، حيرة من نظام الحياة المعلوماتي المبهر، هم يشعرون بالقلق من هذا
الموضوع؛ لأن هذا الموضوع سيفتح الباب للمتدينين، فنظام الحياة المعلوماتي يعني
الخلق".
هذا كلام
اللاأدري بول دافيس، والمشكلة الثانية في هذا الموضوع -والكلام موصول لبول دافيس-
أن العلماء لو اعترفوا بالجهل -الجهل بتفسير مصدر النظام المعلوماتي وَفقًا للرؤية
المادية- فإنَّ هذا سيرفع عنهم الدعم المالي"( ). فالنظام المعلوماتي المبهر، وكيف ظهر فجأةً
بهذه الصورة هو ورطة لكل مادي!
وبينما كان لزلي
أورجل
Leslie Orgel وهو
أحد أبرز علماء نشأة الحياة، بينما كان يتحدث يومًا عن هذه الورطة في إحدى
محاضراته عقَّب قائلًا: "أرجو ألَّا يكون هناك مؤمن بالخَلْق الإلهي المباشر
بين الجمهور، فمَن لا يشعر من دُعاة المادية بورطة كيف ظهرت
المعلومة فهو إنسان مُغيَّب؛ مُغيَّب بإرادته حتى يَنسى اللوازم الدينية لظهور
المعلومات فجأة.
وتابع طلعت: الغريب
أن بعض الملحدين خاصَّة من غير البيولوجيين ما زالوا يتعاملون مع هذه الورطات
المتتابعة بعقلية القرن التاسع عشر، فما أن تُطلع الملحد العربي على إبهار النظام
المعلوماتي الذي يوجد داخل كل كائن حي، والذي ظهر فجأة مع ظهور الحياة حتى يُوقفَك
سريعًا قائلًا لك: لكن هناك خلايا بدائية وخلايا مُعقَّدة!
وذكر أن هذه
الخرافة تقسيم الخلايا إلى: خلايا بدائية وخلايا مُعقَّدة، هي خرافة قديمة، فكل الخلايا مُعقَّدة ومبهرة، ولا توجد
خلية بلا نظام معلوماتي، بل كلما نظرنا في التعقيد الموجود داخل
خلية كائن وحيد الخلية نكتشف إبهارًا ودقَّةً لا تقلُّ بأي حال عن الدقة الموجودة
في خلايا أي كائن حي متعدد الخلايا، فالأجهزة والماكينات المبهرة توجد داخل
الخلية في أي كائن، سواءً كان وحيد الخلية أو متعدد الخلايا.
ونوه طلعت إلى
ماكينة السوط البكتيري Flagellum، وهي إحدى ماكينات الخلية البكتيرية
وحيدة الخلية -الخلية البكتيرية التي يظن الملاحدة أنها خلية بدائية- تتكوَّن
ماكينة السوط البكتيري من مِائتي بروتين، إذا جاء أحد هذه البروتينات مكان الآخر
أو اختفى أحدُها، فلن تظهر ماكينة السوط البكتيري بالكلية،
موضحا أن حجم
الموتور المُحرك لهذا السوط هو واحد من مائة ألف من البوصة، ويتحرك السوط البكتيري بمعدل عشرة آلاف
حركة في الدقيقة، وهو قادر على عكس اتجاه حركته في جزء من أربعين ألف جزءٍ من
الثانية.
وأردف: قام الرياضيون بحساب احتمال نشأة هذا
السوط بالصدفة، فوجدوا أن الاحتمالية تصل إلى 10 أس ألف ومائة وسبعين 10 1170، مع أن عدد ذرَّات الكون كله لا تتجاوز
10 أس ثمانين ذرَّة 10 80.
وبين أنه أمام
هذه المعجزة حاول دُعاة المادية افتراض أن هناك أشكالًا أبسط من السوط البكتيري،
فقالوا: إنَّ هناك ماكينة قريبة من السوط البكتيري تُسمَّى Type III secretion system وعندما تطوَّر الـ Type III secretion
system ظهر
السوط البكتيري، وكأني بهم وهم يحاولون تفسير نظام مبهر بنظام مبهر آخر.
وقال في كتابه "بصائر"
إن العجيب في الأمر أنه تبيَّن مؤخرًا
أنَّ هذا الـType
III secretion systems متأخر في الظهور عن السوط البكتيري، فقد ظهر السوط البكتيري أولًا ثم
ظهر بعده الـ
TYPE 3 secretory system( ).
وشدد على أن البكتيريا
أقدم الكائنات الحية بينما Type III secretion system موجود في الكائنات متعددة الخلايا فكيف
يُنسب وجود الأقدم إلى الأحدث؟
وشدد على
أن السوط البكتيري معجزة لا يمكنها
تَجاوزُها بالترقيع الإلحادي لكل ماكينة مبهرة في النظم الخلوية الحية.
واستطرد: حتى
نأتي على هذه الفرضية من جذورها -فرضية أنَّ: هناك خلايا بدائية وخلايا معقدة-؛
دعونا نُوضح مسألة عِلميَّة في علم الأحياء تُسمَّى بـ: الحد الأدنى من الجينات The Minimal Gene
Set.
وبين أن الحد الأدنى من الجينات هو: القدر الأدنى من الجينات الذي لا يحيا
كائن حي بدونِه، موضحا أنه
لن
يكون هناك كائن حي لو قلَّ عدد الجينات عن الحد الأدنى بمقدار جينٍ واحد.
وذكر أن الجين
هو جزء من الشريط الجيني الذي تحدثنا عنه سابقًا، فالجين هو شريط معلوماتي يحتوي على عدد
كبير من الشفرات تُشفر المعلومات.
ويرى هيثم طلعت،
الباحث في ملف الإلحاد، أن هناك حدٌّ أدنى
من الجينات لازم للحياة بحيث: تشفر مجموعة من هذه الجينات للطاقة -لأنه لا حياة
للكائن الحي بدون طاقة-، ومجموعة أخرى تُشفر للغذاء، وجينات أخرى تشفر للتكاثر،
وغيرها تشفر للوظائف الأساسية للحياة، وهكذا!
وبشأن عدد
الجينات التي تمثل الحد الأدنى، والذي لا يكون هناك كائن حي بعدد أقل منها، بين
أنه العلماء قاموا بحساب الحد الأدنى من الجينات اللازم للحياة، وقرَّروا أنه بين
ماِئتين وخمسة وستين إلى ثلاثمائة وخمسين جينًا.
وقد توصَّلت
مؤسسة كريج فنتر
Craig Venter إلى
أنَّ الحد الأدنى من الجينات لا يكون أقلَّ من ثلاثمائة واثنين وثمانين جينًا، وهناك أبحاث عِلميَّة كثيرة جرت في هذا
الباب، وخلاصتها أنَّ: الحد الأدنى من الجينات سيتراوح بين مائتين وأربعة وأربعين
إلى قرابة الألف وسِتمائة جينٍ.
وتابع: لو كان الأمر مادةً فحسب، والعالم مُجرَّد نظام مادي، فنحن بحاجة إلى أنْ نبدأ من الصفر جين، إذا أردنا المرور من الهيدروجين إلى الإنسان، لكن العلم يخبرنا أنَّه لا يوجد شيء يُسمَّى صفر جين، أو واحد جين، أو حتى مائة جين، العلم يقول: إنَّنا بحاجة إلى مجموعة عملاقة من المعلومات كحد أدنى، وإلا لما ظهر الكائن الحي من البداية، فليس هناك في الطبيعة شيء بدائيٌّ، بل كل منظومة بدأت بإبهار مستقل!
واختتم الدكتور
هيثم طلعت الباحث في ملف الإلحاد حديثه، مؤكدًا أن الإبهار في النظام المعلوماتي الذي
يُشفر للكائنات قبل أن تظهر، سيبقى دومًا حَجَر عثرة في وجه الإلحاد، حَجَر عثرة
في وجه مُنكري الخلق الإلهي!