هيثم طلعت يكشف القصة الكاملة للملحد طالب العبدالمحسن.. ويؤكد: المد الإلحادي طوفان فاجر
- السبت 21 ديسمبر 2024
الطيور
من يتأمل منا أسراب الطيور وهي تعبر السماء؟ تلك
الكائنات الصغيرة التي لا تملك أدوات الملاحة ولا خرائط طريق، لكنها تقطع آلاف الكيلومترات
في مواسم الهجرة، متحدية الرياح والأعاصير، عابرة الصحارى والمحيطات، لتصل إلى وجهاتها
بدقة لا تخطئ، سيدرم أنه أمام إعجاز مدهش، فضلا عن كيف استطاعت هذه المخلوقات تحقيق
هذه الإنجازات المذهلة؟ وكيف تملك تلك القدرة التي تجعلها تتفوق على أحدث أنظمة الملاحة
لدينا؟.
يقول الباحث في الإعجاز العلمي في القرآن، فراس وليد، إن رحلة الطيور: نظام
ملاحي يفوق التصور، حيث تبدأ الرحلة عندما يدق فصل الشتاء أبوابه، فتقرر أسراب الطيور
مغادرة موطنها بحثاً عن دفء الجنوب أو غذاء وافر. تتجه نحو وجهات محددة وكأنها تعرف
الطريق مسبقاً. الغريب أن هذه الطيور لم تزر تلك الأماكن من قبل، فهي ليست بحاجة إلى
دليل أو مرشد. إنها تعتمد على نظام داخلي مذهل، أشبه ببوصلة مغناطيسية مزروعة في أجسادها.
وتابع: لقد أثبتت الأبحاث
أن الطيور المهاجرة تستخدم الحقول المغناطيسية للأرض لتحديد اتجاهها، لكن السؤال هنا:
كيف عرفت الطيور بوجود هذه الحقول؟ ومن زرع في جسدها تلك الحساسات الدقيقة التي تُمكنها
من الاستفادة من هذا النظام؟ أهي صدفة؟ أم أن وراء هذا التصميم إرادة خالق عليم حكيم؟
وأشار إلى الملاحة الليلية،
وقراءة النجوم بمهارة، حيث أن بعض الطيور، مثل الحمام الزاجل، تعتمد على النجوم لتحديد
مسارها أثناء الليل. وكأنها تحمل أطلساً سماوياً، تقرأ فيه مواقع النجوم وتعدل مسارها
بناءً على تغييرات بسيطة في السماء. هذا النظام الملاحي المتطور يثير سؤالاً عميقاً:
كيف تعلمت الطيور هذا الفن الدقيق؟ ومن علّمها قراءة النجوم وفهمها؟ إنها ليست مجرد
صدفة عمياء، بل إنها دليل على وجود خالق عليم يخلق فابدع وعلمها كيف تسافر لتسعي على
رزقها. فهل يمكن أن يكون كل هذا التطور العجيب وليد عشوائية صماء؟ أم أن هناك خالقاً
عظيماً وراء هذه الميكانيكية الدقيقة؟
ولفت إلى الطاقة والإصرار، ومعجزة التحمل، حيث أنه خلال
الهجرة، يمكن لبعض الطيور قطع مسافات تتجاوز 10,000 كيلومتر دون توقف. تأمل طائر الخطاف
القطبي (Arctic Tern)
الذي يهاجر من القطب الشمالي إلى القطب الجنوبي كل عام. هذه الرحلة المذهلة تتطلب طاقة
هائلة. فمن أين تأتي هذه الطيور بتلك القوة؟ وكيف يُصمم جسدها ليُخزن الطاقة ويستهلكها
بكفاءة عالية؟ منوها في الوقت نفسه إلى أن جسد الطيور مجهز بنظام استثنائي يحول الدهون
المخزنة إلى طاقة تكفي لرحلات طويلة. لكن الأهم، أن هذه الطيور تعرف متى وأين تستريح
وأي المسارات تسلك، وكأنها تملك خريطة داخلية تخطط من خلالها لكل خطوة. هل الطبيعة
“العمياء” خططت كل هذا؟ أم أن هناك حكمة خفية وراء هذا الإبداع؟
وختم قائلا: إن التأمل في نظام الهجرة
لدى الطيور يدعونا للتساؤل: كيف تجتمع كل هذه العناصر المعقدة معاً لتحقيق هدف واحد؟
من الحقول المغناطيسية إلى قراءة النجوم واستخدام الطاقة بكفاءة. إذا كان الإنسان بحاجة
إلى أجهزة متطورة وأنظمة معقدة لتحقيق التنقل بدقة، فكيف يمكن لهذه المخلوقات الصغيرة
أن تنجز هذه المهام وحدها؟ فعندما تنظر إلى الطيور وهي تحلق في السماء، اعلم أن كل
رفرفة من أجنحتها دليل على من خلقها. كل مسافة تقطعها وكل وجهة تصل إليها دليل على
وجود تصميم دقيق وراء الكون. إن الرحلة التي تخوضها هذه الطيور ليست مجرد حركة عبثية،
بل رسالة موجهة لكل عقل يفكر ولكل قلب يتدبر: أفلا تبصرون؟ لقد علّمنا الله أن في كل
شيء آية. وفي هجرة الطيور معجزات تدعونا إلى التأمل في عظمة الخالق الذي أحسن كل شيء
صنعاً. قال تعالى:﴿وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا
تُبْصِرُونَ﴾