من إعجاز العقل النباتي وائتماره بالأمر الإلهي

  • أحمد نصار
  • الخميس 12 ديسمبر 2024, 01:12 صباحا
  • 47

 يقول رب العزة في كتابه الكريم ضمن آيات سورة طه، :{قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى (50) }، حيث أن الهدى قد يأتي بمعنى الأمر والإرشاد..يعني الأمر باتباع والاهتداء بما تم إيداعه في الغريزة والفطرة(والشفرة الوراثية ).. فمادة الإرشاد والهداية فيها من مادة الإئتمار بأمر ما، مثل الوصية في سورة آل عمران:{..وهدى وموعظة للمتقين }.. والوصية تنقسم إلى إفعل ولا تفعل..أمر ونهي..فالهدى للأمر والموعظة للنهي..كقول الله تعالى لنوح:{إني أعظك أن تكون من الجاهلين } يعني:إني أنهاك..

وقد قال الرازي في تفسيرها: ( وأما الهدى فهو بيان لطريق الرشد ليسلك دون طريق الغي . وأما الموعظة فهي الكلام الذي يفيد الزجر عما لا ينبغي في طريق الدين)، كون أصل المسألة (في قوله : “ثم هدى “) هو الوحي، وقد أوحى ربنا بعد الأنبياء والملائكة إلى أم موسى وإلى الحواريين ثم إلى الكائنات مثل النحل ثم إلى الجمادات كالسماء .. بل ذكره الله لشياطين الإنس والجن، فأصل الوحي هو الكلام بخفي صوت، حسب ما ذكره الباحث في الإعجاز العلمي في القرآن الكريم هشام محمد طلبة.

وتابع: إذاً معنى الآية أن الله أعطى كل مخلوق كتاب حياته أي جينومه وفيه مطعمه ونومه ومنكحه ومهجره وبياته وتطبيبه وتواصله ومسكنه وسائر نشاطه حتى مماته مضغوطًا مشفرًا في نواة كل خلية حية فيه ، ثم أرشده الى كيفية ترجمة ما فيه عبر الآر إن إيه، وقد فهم من العلم الحديث كيف يكون ذلك (أن تتلقى أمرًا فتتبعه) في عالم الحيوان فهي كائنات لها مخ يعطي أوامر لسائر الأعضاء ، أما العجيب فهو أن نجد مثل ذلك في عالم النبات ، مثل النباتات ذاتية الحركة مثل النبتة الخجولة (الست المستحية- Mimosa pudica) التي تنكمش أوراقها بملامستها (بنفسجية الزهور في الصورة)، ومثل صائد الحشرات ( (Pinguicula) وهو جنس من النباتات اللاحمة لها مجموعة من الأوراق اللحيمة تنتج مادة لزجة دبقة لجذب الحشرات وحينما تستقرّ حشرة على ورقة النبات، تنحني أطرافها إلى الداخل، وتمسك بالحشرة، فيقوم النبات بهضمها لتعويض النقص في المعادن التي تحصل عليها من البيئة.

وأكمل أن لنبات صائد الحشرات العادي أزهار ذات لون بنفسجي، تنمو فوق سيقان طويلة رفيعة)نقلا عن ويكيبيديا ،، ومثل النبتة صائدة الذباب (Venus flytrap)‏ وهي إحدى النباتات اللاحمة تنمو عادة على شكل تجمعات من 7 نباتات أو أكثر محيطة بساق مركزية يصل ارتفاعها إلى حوالي ٣٠ سم شكله مصيدة حقيقية أو فما بأسنان طويلة و حادة (كما يتضح في الصورة)، أو نبتة الجرة نبات الجرة, نبات آكل للحم وتجويفه عميق مليء بسائل معروف باسم فخ الشرك, يقوى هذه النبات على أصطياد الفئران فضلاً الى الحشرات مثل الذُباب ويتواجد في الغالب في المناطق عالية الأمطار في أمريكا الجنوبية،،(المصدر السابق)،

 

وأردف قائلا: إن هناك مقال بمجلة نيتشر Nature العلمية الشهيرة تحت عنوان ” النباتات تتواصل تلغرافيا “:(النباتات في الواقع «أكثر ذكاء» مما قد يوحي جمودها. ويساعد هذا العمل في الكشف عن الجينات والمواد الكيميائية التي تسهم في الذكاء البيئي للنباتات، لكننا نعلم الآن أنه من الصعب دراسة الكثير من سلوكيات النبات، لأنها تحدث على مستوى التفاعلات الكيميائية في الأساس. فعلى سبيل المثال.. تتغلب النباتات على عدم القدرة على الحركة عن طريق تسخير قدراتها في الكيمياء العضوية الاصطناعية، فإذا ما نظرنا إلى الروائح الزهرية، على سبيل المثال، لوجدنا أنها تحتوي على مركبات تجذب حيوانات التلقيح، وتطرد تلك الآكلة للزهرة. ويتكون ذلك الرحيق من مزيج من المواد الغذائية والسموم التي تسهم في تحسين سلوك الملقحات. وتم تلخيص معظم المراجع العلمية المتعلقة بهذا الموضوع في ثلاثة كتب من قِبَل كبار الباحثين في هذا المجال، هي: كتاب «دفاع ورقة الشجر» Leaf Defence لإدوارد فارمر، وكتاب «سلوك وذكاء النبات» Plant Behavior and Intelligence لأنتوني تريوافاس، وكتاب «الاستشعار والاتصال في النبات» Plant Sensing and Communication لريتشارد كاربان.)

ونوه إلى أن الأعجب هو ان العلماء عام ٢٠٠٩ اكتشفوا مكان ما قد يطلق عليه “المخ النباتي ” ألا وهو الجذور ، نقرأ ذلك في موقع دويتش فيلا الألمانية ،(“النباتات ليست كائنات غبية وذكاؤها يكمن في جذورها، بعد أن سادت طويلاً فكرة أن النبات كائن “غبي”، بدأ العلماء مؤخراً في اكتشاف نوع من مراكز التحكم داخل الجذور، يعمل بطريقة مشابهة للجهاز العصبي الحيواني وينقل البيانات عبر إشارات كهربائية تتحرك بين الجذور والسيقان والأوراق.)، بل ان علماء من جامعتي بون وفلورنسا تمكنوا من اكتشاف ما وصفه المقال بما يمكن ان يسمى المخ النباتي ، وأنهم اكتشفوا ان الرسم البياني يظهر جذور النبات وكأنها دوائر كهربائية!! وبما ان هذه الأبحاث في بداياتها فقد قرر هذا الفريق العلمي ألا يسمي ذلك المخ النباتي واكتفوا بوصفه بمركز التحكم.

وأكمل : أكد هذا مقال في مجلة نيويورك تايمز في شهر نوفمبر عام ٢٠٢٢ بعنوان (هل تتكلم الأشجار تحت الأرض ،بالنسبة للعلماء قضية خلافية Are Trees Talking Underground? For Scientists, It’s in Dispute، حيث ذكرت ان عالمة الأحياء الأميركية في جامعة بريتيش كولومبيا الأميركية ميلاني جونز ، وكذلك جاستن كارست في جامعة ألبرتا أن الأشجار تتواصل فيما بينها عن طريق شبكات الفطريات fungal networks، حيث أنى لهذا الكائن الضعيف غير القادر على الحركة الذي يفتقد إلى مخ حقيقي كعالم الحيوان بمثل هذا السلوك ؟ إنه كتاب حياته الذي أعطاه إياه خالقه ثم أمره باتباع ما كتب فيه،، {قال ربنا الذي اعطى كل شيء خلقه ثم هدى}. 

نقلا عن موقع إعجاز القرآن والسنة

تعليقات