أكاديمية بناء تحتفل بتخريج الدفعة التاسعة في حفل علمي فريد لنقد الإلحاد
- السبت 19 أبريل 2025
محمد سيد صالح
رد الباحث في ملف الإلحاد محمد سيد صالح، على سؤال يقول صاحبه: "ابن أخي معه طالب بالمدرسة يقول له إن دينكم جعل لكم الجنة مثل النايت كلاب أو الكباريه فيه خمر ونساء، يقصد بذلك الحور العين والخمر المباح في الجنة".
وجاء في تفصيل الرد ما يلي:
أولًا: تخيل معي شيخًا كبيرًا في العمر وثريًا، كان يسير في إحدى الشوارع
بسيارته ذات مرة فوجد لصًا يحاول سرقة محل ما، فذهب الشيخ إلى اللص ونصحه أن يترك
تلك العادة القبيحة التي يترتب عليها أذى وضرر الغير، وأن يتجه للعمل والكسب
الحلال، ووعده إن انتظم وتاب توبة صادقة تاركًا للسرقة تمامًا، سيكافئه بمبلغ مالي
كبير.
هل تصرف الشيخ صحيح، أم متناقض؟! كل ذي عقل سيشهد أنه تصرف صحيح تمامًا؛
لأن الشيخ كافأ اللص بالشيء الذي كان يبحث عنه ويحتاج إليه.
ولله المثل الأعلى سبحانه، من تمام حكمته أنه يكافئنا بما منعه عنا في
الدنيا رغم رغبتنا الشديدة فيهم في الدنيا، فكما يقال الجزاء من جنس العمل.
أنت يا عبد الله قد حرم الله عليك بعض من شهوات الدنيا، ورغم اشتياقك إليهم
تركتهم؛ لإرضاء الله سبحانه، فكان من الطبيعي أن تُكافأ بنفس ما كنتَ تشتهيه.
ثانيًا: عن سهل بن سعد قال: شهدتُ من النبي مجلسًا وصف فيه الجنة، حتى
انتهى، ثم قال في آخر حديثه: فيها ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب
بشر ثم قرأ تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ... إلى قوله: فَلَا تَعْلَمُ
نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ.
فالجنة فيها ما لا عين رأت من قبل، ولا أذن بشر سمعت مثلما فيها من قبل،
ولا خطر على قلب بشر بما فيها من قبل، وأيضًا قد قال عبدالله بن عباس _ رضى الله
عنه _: "ليسَ في الجنةِ شيءٌ مما في الدنيا إلا الأسماءُ
"
كمن يشترى لطفله طائرة ليلعب بها، ثم يسافر من بلدة إلى بلدة بطائرة، فهل
الطائرة الأولى تشبه الثانية في صفاتها أو مكوناتها؟! لا، إنما يتشابهان في
الأسماء فقط.
وهذا يدل على أن خمر الدنيا لا يشبه خمر الآخرة إلا في الاسم فقط، وكذلك
نساء الجنة من الحور العين وغير ذلك، فخمر الدنيا يُذهب العقل الذي هو مناط تكليف
الإنسان، ويفقده وعيه وصوابه، أما خمر الآخرة، فليس فيه من هذه الخبائث شيئًا.
ثالثًا: حينما نزل القرآن الكريم نزل في جزيرة العرب، وكان الخمر والنساء
والتمر واللبن والفواكة تُمثل قمة الرفاهية عند العرب آن ذاك، وعليه فكان لا بد أن
يجذبهم رسول الله _صلى الله عليه وسلم _ ويحببهم في الجنة ويخبرهم بشيء مما فيها
بأشياء يعرفونها تمام المعرفة، بل أشياء كانوا يترفهون بها، ولا يُعقل أن يخبرهم
أن الجنة فيها سيارات أو طائرات أو ما شابه من وسائل الترفيه الحديثة التي لم
يكونوا على دراية بها.
رابعًا: الله عز وجل هو الذي أوجد فينا الفطرة التي تستنكر الخمر والنساء
دون زواج، وكان قادرًا على أن يخلق ويوجد بداخلنا أن شرب الخمر، أو الزنا أو أي
شهوة محرمة لا شيء فيها، بل كان من الممكن أن يغير في أفهامنا حرمة هذه الاشياء،
ويجعلنا نراها أشياء مباحة لا إشكال فيها،كذلك قادر سبحانه بقدرته في الجنة يجعلنا
نرى أنَّ هذه الشهوات لا اشكال فيها، ومناسبة للفطرة.