"ربما في المستقبل نعرف كيف ظهر الكون".. هيثم طلعت يكشف عن أكبر مغالطة يقع فيها الملحد
- الإثنين 25 نوفمبر 2024
المصباح
إن دقة الحديث النبوي في رواياته العديدة التي تناولت إطفاء المصابيح،
والتي تمثلت في الإطلاق والتقييد والتعميم والتخصيص قد غطت كل الأبحاث العلمية
التي تناولت هذا الموضوع من كل جوانبه بشكل يذهل العقل.
فلو تعرض بحث لضرورة النوم في الظلام ليلا نجد أن هناك رواية تؤيد هذا وإن
تناول بحث أخر أهمية التواجد في فترة من الظلام بصفة دورية دون التقيد بالنوم في
هذه الفترة نجد من الروايات ما يؤيد ذلك وإن تناول بحث أخر النوم في أي فترة من
اليوم دون الليل لكن في الظلام نجد من الروايات ما يؤيد ذلك.
لكن المجمع عليه من كل الروايات
والواضح منها هو إطفاء السراج أو النار أو المصابيح في الليل، وهو الموافق لتعريف
التلوث الضوئي على أنه زيادة الإضاءة في الليل، هذا ما أكده هشام عبد الرحمن حسن،
باحث ماجستير في الكيمياء الحيوية.
وتابع: أن الأحاديث النبوية الشريفة التي جاءت بصيغ العموم دون تحديد لسبب
الأمر بإطفاء المصابيح، ولا تحديد الضرر المترتب على بقائها موقدة، شملت كل أنواع
الضرر الذي قد يصيب الإنسان أو بيئته من جراء التلوث الضوئي، وكلما اكتشف الإنسان
من أضرار جديدة للمصابيح، جاءت اللفظة المعجزة (أطفئوا مصابيحكم) لتعم هذا الضرر.
ولذلك فان علماء المسلمين حين قصروا العلة من إطفاء المصابيح على النار،
فقالوا لو زالت هذه العلة فيجوز ترك المصابيح منيرة، نقول لهم في عصرنا الحديث
صرنا نعلم أن أضرار المصابيح (الإضاءة) لا تقف عند حد النار وفقط، بل قد تتجاوزه
إلي صحة الإنسان وبيئته من خلال التلوث الضوئي، ولذا نقول بحول الله وقوته بأن
الأخذ بظاهر الأحاديث التي فيها تعميم دون تقييد بالروايات التي ذكرت علة الحرق
بالنار أولي، لأن النبي صلي الله عليه وسلم أفهم وأفقه لأضرار الإضاءة (المصابيح)
من أقوال علماء المسلمين، وبالتالي فان العمل بسنة إطفاء المصابيح عند الرقاد تظل
باقية إلي قيام الساعة طالما أننا نكتشف أضرار جديدة للإضاءة غير النار، وطالما
أنها موافقة للسنة الكونية التي أرادها رب البرية للكرة الأرضية فقال تعالي
(وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِبَاساً وَالنَّوْمَ سُبَاتاً وَجَعَلَ
النَّهَارَ نُشُوراً) 47.
وأوضح قائلا: قبل أن تعرف البشرية مصطلح التلوث الضوئي في العصر الحديث،
وقبل أن تبدأ البشرية في سن القوانين التي تحمي الإنسان وبيئته من التلوث الضوئي،
جاء التشريع الإسلامي علي لسان النبي محمد صلي الله عليه وسلم الذي لا ينطق عن
الهوى، ليحمي البشرية من مخاطر المصابيح الظاهرة علي عهده (كالاحتراق بنارها)
والخفية التي لم تحدث في عهده (كالتلوث الضوئي)، فقال صلي الله عليه وسلم (أطفئوا
مصابيحكم إذا رقدتم بالليل)، ولا يمكن للعقل السليم أن يشك ولو للحظة بأن هذا من
كلام البشر، فلماذا يأمر النبي صلي الله عليه وسلم أمته بهذا الأمر وهم لم يسألوه
عنه، ولماذا يغير من عادة العرب في إضاءة المصابيح في الليل وهم لم يشتكوا له من
ضررها، ولماذا يتطرق الي مسألة دنيوية يمكن بحثها بالعلم التجريبي، ولو ثبت خطأه
لما صدقه أحد، ولكن لأنه نبي مرسل لا ينطق عن الهوي ولا يتكلم إلا بالوحي فقد سبق
كل التشريعات البشرية ووضح الحل الجذري لمشكلة بيئية خطيرة لم يراها علي زمنه
بكلمات قليلة لو أحسن تدبرها كل الباحثين في مشكلة التلوث الضوئي، والمشرعين للحد
من أضرارها لقالوا جميعا، صدق رسول الإسلام الرحمة المهداة إلي العالمين، فإظلام
المصابيح عند الرقاد إعجاز نبوي يقي الإنسان وبيئته من التلوث الضوئي الذي ينشأ من
التعرض الزائد للضوء في الليل.
وختم قائلا: إن ما أتينا به هنا ليس إلا على سبيل المثال لا الحصر فأهمية التعرض للظلام أثناء اليوم ما هو إلا موضوع تنبه له العلم حديثا وهذا مما يتضح هنا من الأبحاث التي تناولته. وقد يتكشف مستقبلا من الفوائد ما قد لا يتاح حاليا. وهذا يدفعنا لدعوة العلماء لإجراء الأبحاث حول هذا الموضوع من جوانب عدة وأهميته على صحة البشر وبيئته. وهنا عظمة الإسلام الذي لا يكتفي بإثبات الأبحاث العلمية الدالة على الإعجاز إنما أيضا في الاستفادة مستقبلا من توجيه الأبحاث إلى طريق يختصر كثيرا من الجهد والمال للوصول إلى نتائج مفيدة لحياة الإنسان. وسبحان الله العلى العظيم الذي أخبر نبيه الكريم هذا الأمر اللازم لوقاية الإنسان من أضرار كثيرة لم يكشف عنها العلم إلا حديثا.